- الحمد لله.. أخيراً «ثبت شرعاً» أن هنالك »آليَّة« لمكافحة الفساد في أجهزة الدولة، تم إنشاؤها بالفعل حسب صحافة الأمس، وقد أسعدنا أن من أهم »الآليات« التي تستهدي بها هذه الآلية في عملها، الذي هو بالضرورة »مكافحة الفساد«، متابعة «كل ما يُنشر أو يُبَثُّ عن الفساد، عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة».. وقد ظلت الصحافة خصوصاً، بين وسائل الإعلام تلك، تنتظِرُ من يسألها عمَّا تنشُرُهُ بشأن الفساد، من يأخذ قولها مأخذ الجد، فيقول لها بعد ذلك » صدقتِ / أو / كذبتِ«، من يشكُرُها إذا هي صدقت، ويُعاقبها إن هي كذبت.. - الآن، وبعد إنشاء الآلية، والتي أفاد الخبرُ أنها برئاسة الدكتور الطيب أبو قناية، فإن سؤالاً مهماً يحشرُ أنفهُ، هو: - هل يتعين على الصحافة أن تُعيد نشرَ ما سبق أن نشرتهُ عن وقائع فساد، لم يأبه لها أحد ولم يسأل عنها أحد «بسبب غياب الآلية التي من شأنها أن تسأل، آنذاك»، حتى تتمكن الآلية حديثة النشأة من المتابعة المشار إليها أعلاه ؟؟ أم إنَّ لدى هذه الآليَّة المباركة من الوسائل ما يُمكنها من العودة إلى أرشيفات الصحافة، أو التواصل مع الصحف لطلب نسخٍ من أعدادٍ تطرقت إلى فسادٍ ما، في جهةٍ ما، حتى تدرسها وتتخذ بشأنها إجراءً؟؟.. - من واجبنا والآلية تبدأُ توَّاً مباشرة عملها أن نثق بها ونُحسن بها الظن، وهذا يستوجبُ علينا أن نُمدَّها بوصفنا صحافة بكل ما نزعُمُ أنهُ شواهد فساد مما نُشرَ قبلاً أو يُنشرُ لاحقاً، وهأنذا أبدأ بمباشرة هذا الواجب الجليل، فأُذكِّرُ الآلية الكريمة، ورئيسها الأخ الدكتور أبو قناية، ببعض ما تناولناهُ في هذا العمود مما نحسبُهُ وقائع فسادٍ صريحٍ أو »مُحتمل«.. فلم يأبه لهُ أحد .. ولم يسألنا عن صدقنا أو كذبنا أحد، ولم يرفع أحدٌ علينا دعوى قضائية «باستثناءِ جهةٍ واحدة لنا معها شأنٌ إن شاء الله». - تناولنا في هذه المساحة، في أكثر من خمس مقالات، على مدى أكثر من خمسة أشهر، قضية المدير التنفيذي بمحلية أم درمان، الذي تقدم بأربعة تواريخ ميلاد لشخصه الكريم، كلها بشهادات تقدير عمر مختلفة، وحسب الطلب، فراراً من التقاعُد الإجباري، وحين خاطبتهُ وزارة العمل بضرورة التقاعد، وفقاً لآخر تاريخ ميلاد زعمهُ لنفسه، ضرب بخطابها عرض الحائط، وحين أخذ المستشار القانوني بالمحلية الأمر مأخذ الجد، تم نقل المستشار القانوني، ثم حصلنا على شهادة ميلاد للرجل تقرر أنه أكبرُ سناً من أقدم شهادة تقدير عمر، ببضع سنوات !!.. وقمة الفساد الذي نراهُ في هذا الشأن ليس هُو مجرد «تزوير تاريخ الميلاد»، وإنما هو مُصيبة أن »يكذب« مسؤول .. هذه مصيبةٌ قاتلة في شأن الخدمة العامة حتى عند الفرنجة الذين لا يعرفون شرعاً ولا يأبهون لدين!! - إن أكرم الله آلية مكافحة الفساد بسؤالنا عن تفاصيل هذه القضية، وضعناها بين أيديها بإذن الله، ووضعنا غيرها مما تناولناهُ في هذه المساحة من قضايا، أما إن لم تر ضرورة لسؤالنا، فلا نرى ضرورة لتذكيرها بغيرها من قضايا، ويبقى علينا أن نُشهد الله بأنا قد بلَّغنا، وأدينا ما علينا.