كرتنا السودانية بين الأمس واليوم)    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل من تركيا ويتلقى التعازي في وفاة ابنه    ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحديث الرجال يمضي عن الدستور!
نشر في الانتباهة يوم 08 - 01 - 2012

- وغريب أن كثيرين = الأسبوع الماضي = يحدثوننا بالغرائب عن شيء واحد - ودون أن يخطر لأحد أن آخرين يحدثوننا.
.. وموسوعة حديثة متخصصة تحدِّث عن أن الجيش السوداني يُعتبر أقوى جيوش إفريقيا.
- ونورد الحديث هذا من بعد.
وشخصية قيادية تحدِّثنا عن الجندي السوداني الذي يخوض سلسلة من العمليات العسكرية حول العالم.. يبلغ الآن عامه العاشر بعد المائة.. والذي يصبح أول رجل في التاريخ حين يقدَّم للمحاكمة بتهمة قتل ضابط بريطاني في ليبيا.
تصدر المحكمة حكماً بتقليده «نيشاناً»..
وعميد من القوات المسلحة يبعث السبت بنسخة من حوار المرحوم عمر الحاج موسى ومنصور خالد أيام دستور عام 76م..
والفريق مزمل غندور يحدِّثنا = غاضباً = عن بعض ما كتبناه.
والسيد غندور يشير إلى ما حدَّثنا به عن «سفير لنا في ألمانيا يسجنه النميري في سرداب القصر.. ثم ينساه هناك لثلاثة أيام».
وإشارة في حديثتنا عن أن السفير هذا كان بعض من تطاردهم ألمانيا للعمل ضد البلاد.
- والفريق الغاضب يقول إن من سجن في سرداب القصر كان هو الفريق غندور.
- وإنه لم يكن سفيراً!.
- وإنه = في نهاية الأمر = عن الخيانة والعمالة.. ما بينه وبينها هو ما بين القمر وأبو الدرداق.
والرجل يطلب أن نستوثق.
لكن السيد غندور = وحديثه يعبِّر باسم السيد صديق الزيبق قائد قواتنا في الكويت أيام غزو صدام ينسى غضبته وينسى غندور وينطلق في حديث مذهل عن اللواء صديق هذا.
- وصديق حين يعلم أمير الكويت = بدهشة أنه تقاعد يقول:
وهل مثل هذا يُحال للتقاعد.
ثم يأتي به من لندن.. واللواء صديق يقيم كلية الكويت العسكرية.
- ليأتي إلينا حديث العميد الآخر.
ليصبح ما يجمع الأحاديث كلها هو «رجال كل منهم يغضب للآخر - وليس نفسه».
قال صاحب الرسالة العميد شنان عن المرحوم عمر الحاج موسى.
أستاذ..
اقرأ
من عمر الحاج موسى إلى الدكتور منصور خالد وزير التربية
عزيزي الدكتور منصور- وزير التربية
قيام.. جلوس
في معرض الحديث عمّا جرى بجامعة أم درمان الإسلامية جرى على لسانك وعلى لسان عدد من الإخوة حديث عن تخلفنا ونحن نعيش السنين الأخيرة من القرن الميلادي ولأن مثل هذا الحديث قد فات دون تعليق فإنني أرجو أن أعقد مقارنة بين ما جرى في السنين الأخيرة من القرون الأخيرة الميلادية لنحدد من المتخلف.. أود أن أنبه إلى أنني وحين أعقد المقارنة بين الهجري والميلادي فلست أدعو لتعصب أو عصبية... فصاحب الهجرة رسول... وصاحب الميلاد رسول وأمه قد فاجأها المخاض إلى جذع النخلة فقالت: يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا... فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا... وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا... فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا... فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا... يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا... فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا... قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا... وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا... وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا... وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا.
لقد سقت هذه الآيات لسببين... أولهما لأقول بأن صاحب الهجرة رسول حدَّثنا به كتابُنا... ولأقول بأن هذا هو القرآن المعجزة التي ظلت حروفها وكل كلماتها سليمة لم تتغير ولم تتبدل منذ أن نزلت... ولو جاء اليوم مسلم مات قبل ألف عام لتحدثنا إليه بلغة القرآن وفهمنا وفهمناه.
«ضع هذه المعلومات في الهامش فلها فائدة في مستقبل نقاشنا».
لقد كانت الهجرة في اليوم الثامن من ربيع الأول الموافق الثاني من سبتمبر عام ستمائة اثنين وعشرين ميلادية... وبدأ التاريخ الهجري كما تذكر في السادس عشر من شهر يوليو... ولعلك تذكر أيضاً أن القرآن معجزتنا التي نتحدث عنها قد نزل في ثلاث وعشرين سنة... فيها مائة وأربع عشرة سورة... ثلاثة وتسعين منها مكية... وواحدة وعشرين مدنية... وهذه معلومات للهامش أيضاً.. دنا نمشي... ولقد كانت كل آياته معجزات اجتمعت الإنس والجن وكان بعضهم لبعض ظهيراً ولم يأتوا بمثله... حاول أنت... وَالضُّحَى... وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى... مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى... وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى... وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى... أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى... وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى... وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى... فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ... وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ... وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ... ثم محمد نفسه صلوات الله وسلامه عليه... أجمل حلية وزينة في جبين البشر جميعاً... حديثه رسالة... وسلوكه ما بشر به... أسمعك تقول بأن هذا إرهاب فكري... حسناً، وخلفاؤه الراشدون... إن زورة قصيرة لهم تؤكد أننا لم نأت بجديد لم يكن قديماً في العصور الأولى من العصر الهجري... آداب السلوك والمعاملات... الحقوق... إلخ... أبو بكر الصديق يخاطب المسلمين ويقول: أيها الناس إني قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم... فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوِّموني... وعمر وحديثه لأبي موسى الأشعري حينما ولاّه القضاء... آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يمطع شريف في حيفك... ولا ييأس ضعيف من عدلك... البينة على من ادّعى واليمين على من أنكر... وعثمان وقوله بعد أن بويع وبعد الحمد والثناء... أما بعد... فإني قد حملت وقد قبلت إلا وإني متبع لست بمبتدع... ألا وإن عليكم بعد كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم... ثلاثة... اتباع ما كان قبلي فيما اجتمعتم عليه وسننتم... وسن سنة أهل الخير في ما لم تسنوا عن ملأ... والكف إلا فيما استوجبتم... ألا وإن الدنيا خضرة قد شهيت إلى الناس ومال إليها كثير منكم فلا تركنوا إلى الدنيا ولا تثقوا بها فإنها ليست بثقة واعلموا أنها غير تاركة إلا من تركها... وعلي كرم الله وجهه يقول: أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فقبلوه وقرأوا القرآن فأحكموه... وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها... وسلبوا السيوف لأغمادها وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً... وصفاً صفاً... بعضٌ هلك وبعضٌ نجا... لا يبشرون بالأحياء... ولا يعزون بالموتى... حمر العيون من البكاء... وخمص البطون من الصيام ذبل الشفاه من الدعاء صفر الألوان من السهر». أتذكر يا عزيزي كيف عالجوا قضايا المساواة والحرية والشورى.. هتف بها الإسلام قبل ألف واربعمائة عام... تقولون الآن الحرية .. الاشتراكية .. والديمقراطية... وتزعمون أن الهتاف جديد... وحقوق الإنسان كنا لها في العصور الأولى للهجرة... تجيئون عام 1789 وتتحدثون عن حقوق الإنسان ؟!!... ما أكذبكم... كيف عالجوا قضايا الفقر.. قضايا الحقوق.. استقلال القضاء.. لا لأنه ضمان للقضاة فحسب ولكن لأنه ضمان للمتقاضي .. قضايا الأسرة .. حقوق المرأة .. وقضاياهم الأخرى .. حديث الإفك وبراءة عائشة .. سورة النور والذين يرمون المحصنات... كيف عالج رسول الله عليه صلاته وسلامه شكوى جميلة بنت عبد الله بن سلول عندما طلبت من الرسول تسريحها من زوجها ثابت بن قيس وقصة الحديقة... والقصة حين أخطأ عمر وأصابت إمراة... كيف عالج عمر تهمة الزنا التي وُجِّهت للمغيرة بن شعبة وقد كان المغيرة واليًا على البصرة؟ كيف عالج أبوبكر سؤال الجدة التي جاءت تسأله عن ميراثها فقال لا أجد لك في كتاب الله نصيباً... وكيف أعطاها السدس بعد أن علم ما فعله رسول الله... ومعاذ بن جبل عندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم... كيف يقضي في قضاء عُرض عليه ولم يجده في كتاب الله وسنة رسوله فقال: اجتهد رأيي ولا آلو... والحكمة في صلاة الجمعة والجماعة... لماذا الحج؟ لماذا الزكاة؟ لماذا القول بوحدانيته؟ لماذا؟ لماذا؟... سأفرد لهذا خطابًا آخر أبعث به إليك رغم أنك تعلم فوق ما أعلم. أهذا أيضاً إرهاب؟ وما هي بضاعتكم التي تفاخرون بها؟ تكنولوجيا؟ طب؟ علوم؟ فنون؟ حسناً... صديقي العزيز... لأننا كنا نؤرخ بالهجري ولم نهجر تعاليم صاحب الهجرة فقد كانت خيولنا في كل بقاع الأرض... شكيمة فمها على مشارف الصين... وحلية ذنبها عند المحيط وأوروبا... ولأننا كنا مسلمين فقد دانت لنا الدنيا... ذهبنا للشعوب أثّرنا وتأثرنا... نحن الذين نقلنا المفاهيم الحديثة إلى أوربا... خذ الطب: المسلمون هم أول من أدخل صناعة الأعشاب والعقاقير إلى أوربا... وحين عرف المسلمون الجراحة في القرون الأولى استأصلوا العدسة البلورية وفتتوا حصاة المثانة كان هذا قبل ثمانمائة سنة... للرازي رسالة في الجدري والحصبا وهو أول من استخدم الشَّعر في خياطة الجروح قبل عدة قرون... وذكرت الكتب أنه كان لإحدى كليات الطب بفرنسا أعظم مكتبة وهي أصغر مكتبة... مكتبة مكونة من كتاب واحد... وقد جعلوا لصاحب الكتاب نصبًا تذكاريًا بإحدى مدرجات كلية الطب بباريس... إنه الرازي... وابن سينا هو أول من عرف اليرقان وأول من استخدم الحقنة الشرجية... والمسلمون أول من عرف مرض البرص والحميات... الفقيه الكاتب أبو عبد الله الخطيب «ذو الرئاستين» أول من عرف الطاعون وتحدَّث عن أسبابه وعلاجه وطرق الحماية منه والطبيب العربي أبوالقاسم أول من أجرى عملية لوقف نزيف الدم... لابن الجزار كتاب طبي وهو زاد المسافر... ولابن البيطار كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية... للكحال على بن عيسى كتاب تذكرة الكحالين... للطبري كتاب منافع الأطعمة... ولابن الهيثم البصريات المشهور وهو أول من كتب عن أقسام العين... ولابن زهر «الوزير أبومروان» رسالة في الأغذية... وابن النفيس هو الذي اكتشف الدورة الدموية... وعلي بن عباس الهوازي هو أول من أخرج اللوزتين ومن أوائل من تحدثوا عن النبض... عالج المسلمون الهوس بالموسيقا وبلقاء المريض بالأحباء. استخرجوا من سروج الخيل والحمير مادة لعلاج الجروح المتقيحة وتسمونها البنسلين «بدون يا تمرجي»... عرف المسلمون التمريض وسموا الممرضات بالأواسي والآسيات وذهبوا في ذلك كثيرًا حتى إن الإمام أحمد قد قال إنه يجوز للمرأة أن تخدم الرجل المريض وأن ترى منه عورة... شهد عصر الخليفة المنصور أول صيدلية عامة... ونصب في عهد الخليفة المأمون أول نقيب للأطباء... كانت لهم مستشفيات سُمِّيت بالمشافي... اهتموا بالطب عامة حتى إن الأزهر الشريف سنة 359ه أي قبل ألف عام كانت تدرس فيه علوم الطب والكيمياء بالإضافة إلى علوم الدين... جل أسماء العقاقير عربي... الكحول... الكافور.
عزيزي منصور... كان كل هذا في السنين الأولى للقرون الأولى من الهجرة وفي الفلك والرياضيات... يرجع الفضل في إنشاء مدرسة الفلك ببغداد للمنصور الخليفة العباسي الثاني... ولعهد الرشيد يذهب الفضل في تنقيح النظريات القديمة وتصحيح الجداول اليونانية... وعالج جابر بن حيان أسرار الكيمياء... ولابن الهيثم رسالة في الضوء... وأبو يونس هو الذي جاء بالرقاص والبوصلة والخوارزمي من اسمه حصلت حضارتكم على اللوقرزمات... وأسماء النجوم التي تستخدمها حضارة السنين الأخيرة من القرن العشرين هي ملك للعصور الأولى من الهجرة .. فم الحوت.. بيت الجوزاء.. والدبران.. وغيرها.. والاصطلاحات عربية.. النظر.. والقنطرة.. وغيرها.. والكسور العشرية والشولة جاء بها المسلمون إلى أوروبا حتى «اكس» التي ترجعونها للمجهول هي عربية... كيف؟ نعم... وان نطق «ش» وهي الرمز العربي هي «اكس» بالصوت الإسباني... وطريقة كتابة الأعداد... الآحاد والعشرات... نحن علمناها لأوروبا... والكيمياء... سبق المسلمون الناس.. اكتشاف حامض النايتريك والبوتاسيوم ونترات الفضة... إن اعظم كيميائي مسلم هو جابر بن جعفر الكوفي وهو الذي ألف كتاب الاستتمام تسمونه (The sum of perfection) .
والرازي هو الذي كتب «الحاوي» وهو أول من وصف صنع الكحول... وابن مسكويه صاحب العقلية الفلسفية البارعة ورغم ذلك انشغل بالكيمياء وبرع فيها... و... و... والكثير الذي لا يتسع المجال لذكره هنا.
عزيزي العزيز... ولأننا كنا مسلمين نؤرخ بالهجري ولم نهجر تعاليمه فقد بنينا أروع روائع الفن... جامع قرطبة... جامع الائي بلاهور... جامع اسفهاني... جامع محمد علي... الجامع الأزهر... بنينا قصر الحميراء بإشبيلية... وساحة الأسود بغرناطة... شوقي شاهد من أهلكم وقد شهد... بنى عبد الرحمن الناصر مدينة الزهراء إكرامًا لاسم حبيبته زهراء... بدأ عبد الرحمن ببناء مسجد قرطبة وأكمله ابنه هشام وهو الجامع الذي بُني على 1400 عمواً... وتدلى من سقفه 4700 مصباح من الفضة والذهب وكان سقفه من خشب الأرز... لعن الله الكاردينال اكسيهنيس فقد جمع تراث العرب هناك أكوامًا وحرقه أمام الناس في ساحة غرناطة... وبنى عبد الملك بن مروان مسجد عمر بالقدس رد الله غربته... وبنى الوليد مسجد المدينة والمسجد الأموي الكبير... بنينا نصب حلب ودمشق «لعن الله هولاكو»... قالوا تجوز اللعنة هنا... فقد قيل بأنه لا يصح أن تلعن أحدًا إلا إذا ثبت ذلك بموته... كإبليس وأبي جهل وفرعون... إذ ربما أسلم من لعنت قبل أن يموت...
سيدي منصور...
إن أول مصنع للورق قد أقامه الوزير يحيى في عهد هارون الرشيد... وأرد الفضل للأسرى الصينيين في سمرقند.... فقد علّموا الفاتحين صناعة الورق... خاصة في عهد المنصورالذهبي... استخدمنا الحمام الزاجل في نقل الشفرة والبريد... ومازلتم ترسمون الرسالة في منقار الحمامة رمزًا للسلام... آل السلام .. المسلمون هم الذين نقلوا السكر إلى اوربا بعد أن جاء إليهم به الفرس من الهند... ونحن الذين جئنا بالسبحة أخذناها من الهند وقدمناها لأوربا وهي السبحة التي تزين بها الكنيسة الرومانية... اطلاق اللحية... المرواد... الكحل... العطور... الحمامات الساخنة...
عزيزي المنصور... راجع الهوامش الآن.. والسلام ختام.
انتهى خطاب عمر لمنصور فهل يا ترى ماذا كان بينهما لكل ذلك؟؟؟.
وبالرغم من كل ذلك يا سادتي فقد كان عمر فارساً من فرسان الكلمة... وسيداً من سادة الرأي... واسع الإلمام... كان كوناً... كان كتاباً... تفرد بأسلوب في الحياة بسيط... وأسلوب في التعامل مباشر... وأسلوب في الكتابة جذّاب... وأسلوب في المخاطبة أخّاذ... طوّع عمر الكلم... وروّض المعاني... وسبر أغوار التعبير فكان أديباً وسط الساسة وسياسياً وسط الأدباء... ضمّخ لغة السياسة بأنفاس الأدب... وعطرها بنداوة الفن... كان حديثه يجد الطريق سهلاً ميسوراً إلى شغاف القلوب لأنه يتناول فيه بالبساطة فطرة الناس المترعة بالقيم الجمالية ويلمس فيه أوتاراً تنبض بالإنسانية ويتناغم مع ظروف البسطاء في مطارح الحياة ويجسِّد الأصوات الشعبية في البادية والحضر بين المراعي فوق الهضاب وعلى الضفاف ألحاناً تفيض غناءً بلا قيثارة ورقصاً بلا وتر... ما التزم في حياته سوى العضد... وما تحرّى سوى الاعتدال... كان متواضعاً ما نسي يوماً في زحمة الحياة وبريقها أنه من طين من حمإٍ مسنون... أما عن خطبه البليغة فاقرأ لكم جزءًا من خطابه في المهرجان الأول للآداب والفنون حيث يقول عمر: الكاتب والفنان والعالم أيها السادة موضعهم من حضارتنا منذ كانت وكانوا... التكريم والتجلة والاحترام... لأنهم في مملكة «نبتة» كتبوا اللغة المروية وهي أول لغة سودانية... بل هي أول لغة مكتوبة جنوب الصحراء وقد ظل يحدثنا أهل الذكر بالمتحف القومي بأن حروفها مشكولة وأنّ هنالك فواصل بين كلماتها... وفي خلال العهد المسيحي حفظ كتابنا التراث فقد ترجموا الكتب المقدسة إلى اللغة النوبية وهي ثاني لغة سودانية... وبالنوبية يوجد الآن كتاب كُتب بالحبر على جلد الغزال... ومتحفنا القومي خير شاهد على آثارنا... فنون العمارة والصناعة والرسم والتصوير والنحت والزخرف... فيه أغنى مجموعة من اللوحات وُجدت حتى الآن بوادي النيل أتت من حولها آلاف السنين وما زالت كما هي على حالها... انتهى حديث عمر... هذا وقد عاش عمر على أرض سوداننا العامر بالرجال الأفذاذ من سنة 1924م حتى مطلع فبراير 1977م عندما لبّى نداء ربه... وإلى لقاء آخر.
ملحق
بمثل هؤلاء نستأنف الحديث.
حديث الآن عن الدستور الإسلامي والسودان والرجال.
رجال يشبهون هذا الدستور ويشبههم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.