أتاحت مرافقة السيد/ رئيس الجمهورية عمر البشير في زيارته التاريخية إلى ليبيا يومي السبت والأحد 7 8 يناير 2102م، أتاحت الفرصة للإطلالة عن كثب على أحاديث الثورة والثوار. تحفل الثورة الليبية المنتصرة بأسماء العديد من الشخصيات التي لعبت دوراً تاريخياً في نجاح الثورة. من تلك الشخصيات الفريق الشهيد عبد الفتاح يونس، رئيس أركان جيش الثورة الوطني، الذي اغتالته الأيدي الآثمة، ورمت الإسلاميين بجريمتها وهم منها أبرياء. حيث كان الفريق الشهيد على علاقة حسنة بالإسلاميين. وقد عُرف عنه الإلتزام الديني. تمّ اغتيال الفريق الشهيد بعد أن قام بترتيب الجيش والثوار وتنظيم جبهة (البريقة) وتقسيمها لعدة محاور، وبدأ النجاح في السيطرة على (البريقة)، حيث وضع القذافي أقوى جيوشه. في اللحظات الأخيرة التي سبقت اغتيال الفريق الشهيد أبلغه جنود الصاعقة أنهم استطاعوا دخول المنطقة السكنية في البريقة، فصعد فوق مكان مرتفع وأصبح يكبِّر وصلّى للّه شكراً. لم يكن يخطر ببال الفريق الشهيد أنها آخر صلاة له في البريقة وأن عودته من الجبهة لمقر إقامته في (أجدابيا) ستكون العودة الأخيرة التي لا رجوع بعدها إلى ساحة المعارك ضد الديكتاتور القذافي. كان الفريق الشهيد عبد الفتاح يونس، الذي شارك في تنفيذ الإطاحة بالملكية في ليبيا، وكان قائد قوات الصاعقة، قد استقال من منصب وزير الداخلية وأعلن انضمامه لثورة 71/ فبراير، في لحظة كانت فرص نجاح الثورة لا تزيد عن (02%). قام العملاء من الطابور الخامس الذين اندسوا بين قوات الثوار باغتيال الفريق وفقع عينيه وبقر بطنه وإحراقه. بعد اغتياله قامت كتيبة القذافي (نداء ليبيا) بالهجوم على سجن (الكويفية) وأفرجت عن عملاء القذافي، وهاجمت مجموعة قذافية أخرى فندق (تبستي) حيث كان يقيم المستشار مصطفى عبد الجليل مؤتمراً صحفياً واشتبكت مع الحراسة. كان مصطفى عبد الجليل وزير العدل قد استقال من منصبه وانضم إلى الثورة في أيامها الأولى. آخر لقاء صحفي بالفريق الشهيد عبد الفتاح يونس كان في صحيفة (ميادين) في عددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 91/ يوليو 1102م. حيث قدّم الفريق الشهيد وصيته للثورة وللقذافي قائلاً: (بعد 71 ألف شهيد أقول للقذافي أطلب من ربك الغفران أما الشعب الليبي فلن يغفر لك). في عملية بشعة وجبانة كان اغتيال الفريق عبد الفتاح يونس. وقد كشف التجسس على اتصالات القذافي رعبه الشديد من قيادة عبد الفتاح يونس لجيش الثورة. فقد كان الديكتاتور الهالك مسكوناً بالتخلّص من الفريق الشهيد. بعد اغتيال عبد الفتاح يونس وفي دحض لأي أقاويل عن السيرة العطرة للشهيد، أعلن المستشار مصطفى عبد الجليل أن ملف الشهيد عبد الفتاح يونس خالٍ من أي إتهام بالخيانة وأن التحقيق معه كان بصدد الأوضاع العسكرية في الجبهة. ذرف المستشار مصطفى عبد الجليل الدموع أمام جثمان الشهيد عبد الفتاح يونس. لقد صنع الفريق الشهيد التاريخ ودخل المجد من أوسع أبوابه شهيداً من أجل حرية وكرامة شعبه. من شخصيات الثورة الليبية التي دخلت التاريخ الدليل البدوي (يوسف صالح الحطماني) الذي قدّم إليه سيف الإسلام القذافي مبلغ مليون يورو مقابل تهريبه خارج ليبيا، فقام بابلاغ الثوار وتمَّ القبض على المجرم. قال (العجمي علي العطيري) قائد مجموعة المقاتلين التي نصبت الكمين لسيف الإسلام وألقت القبض عليه، إن سيف الإسلام سألهم إذا ما كان (الحطماني) هو الذي أبلغهم بالمعلومات التي أدّت إلى القبض عليه. جاء سؤال سيف الإسلام عن البطل (الحطماني) وهو يستقل الطائرة التي نقلته إلى مدينة (الزنتان) التي يلبث بها اليوم في سجن سرِّي. من الشخصيات التي دخلت تاريخ ليبيا (فاتح أبواب طرابلس للثوار) واسمه (البراني أشكال) آمر كتيبة أمحمد الأمنية. من شخصيات الثورة الليبية الظافرة ابن الليثي وأسد الجنوب الشهيد الشيخ (ناصر عطية بوجفول) الذي عذبه القذافي وشرَّده فغادر إلى أستراليا عام 7991م، حيث أنشأ مركزاً لتحفيظ القرآن. كان رئيس الجالية المغاربية. عمل إمام مسجد. بعد اغتراب في المنفى الإجباري دام (51) عاماً، عاد ناصر بوجفول بعد اندلاع الثورة إلى ليبيا. كانت عودته يوم 52/ فبراير بعد اندلاع الثورة يوم 71/فبراير. حيث وقام بتأمين الكفرة وحرّر الجفرة. كان تركيز ناصر بوجفول على تأمين الكفرة لتصبح تحت سيطرة الثوار، حتى يتم تأمين دخول الأسلحة السودانية إلى الثوار في الكفرة وبنغازي. كان ناصر بوجفول رئيس جهاز الأمن الوقائي للثوار في الكفرة. قام ناصر بوجفول بتأمين الكفرة ومناطق (تازربو) و(جالو) و(أجخرة). هاجمت قوات الثوار التي شكَّلها الشيخ ناصر بن جفول من الكفرة وتازربو وجالو وأجخرة وبنغازي وأجدابيا والبيضة، هاجمت منطقة (زلة). ثم توجهت قوات الثوار بقيادته مع كتيبة الجزيرة إلى منطقة هون وسوكنة، وتمّ تحريرها بعد معارك ضارية مع كتائب القذافي. عرض القذافي مبلغ (5) مليون دولار لمن يقوم بالقبض على الشيخ ناصر بوجفول أو تصفيته. لم يستقر الشيخ ناصر بو جفول في المناطق التي حرَّرها، ولم يعد إلى الكفرة. بل توجَّه إلى منطقة (سرت) حيث المعارك الشرسة ضد كتائب القذافي. أصبح ناصر بوجفول قائد محور (سِرت)، ودخل إلى الحي السكني حيث يقيم القذافي، فاستهدفه قناص برصاصة اخترقت الرأس. بعد (51) عاماً من المنفى الإجباري في أستراليا، استشهد الشيخ ناصر بوجفول في (سرت). ذهب ناصر بوجفول إلى لقاء ربّه شهيداً بعد أن قدَّم دمه الطاهر الزاكي وهدم عرش الطاغية. تلك نماذج من عشرات الآلاف من نجوم الشهداء الشباب الذين قدموا دماءهم وأرواحهم فداءً لشعبهم ووطنهم. في لقاء السيد/ رئيس الجمهورية بثوار طرابلس في العاصمة الليبية يوم السبت 7/يناير 2102م، ولقائه ثوار بنغازي يوم الأحد 8/ يناير، لم يكن ناصر بوجفول حاضراً، لكن كانت روحه ضمن أرواح الشهداء ترفرف في قاعة الإجتماعات في فندق (كورنثيا)، وترفرف معها أرواح عمر المختار والساعدي والسويحلي والفضيل بو عمر وأبطال الجهاد والاستقلال. كما كانت ترفرف معها أرواح (أحمد إبراهيم أحواس) شهيد باب العزيزية و(عمرو خليفة النامي) شاعر أماه لا تجزعي فالحافظ الله وروح محمد مصطفي رمضان (مذيع BBC) الذي اغتاله عملاء القذافي في شوارع لندن. لم يكن الشهداء حاضرين بأجسادهم لقاءات البشير بثوار طرابلس وبنغازي، لكن أرواحهم كانت حاضرة ترفرف.