في أجواء سادها التوتر صبيحة أمس الجمعة داخل دار حزب الأمة، انطلقت فعاليات الملتقى الشبابي التداولي الذي سبقته إرهاصات وبوادر خلاف رمت بظلالها داخل الحزب على خلفية مشاركة الحزب في الحكومة، وطالب بموجبها بعض شباب الحزب بفصل عبد الرحمن المهدي من المؤسسة. وظن البعض أن مخاطبة الإمام للشباب في فاتحة أعمال الملتقى الشبابي ستشهد مواجهة ساخنة، ولكن على عكس ما هو متوقع دخل الصادق المهدي إلى خيمة اللقاء وسط هتافات تمجيد من قبل الشباب، ولم تختلف تلك الهتافات حين اعتلى المنصة، حيث أمسك خطاباً معداً مسبقاً، وقبل أن يتلوه عرَّج قليلاً إلى ما حدث في الأسابيع الماضية، وقال: «إن هنالك من يرى عيباً في المشاركة، وفي هذا الملتقى سوف نخاطب العيوب ونقوم بمعالجتها بالطريقة الصحيحة والموضوعية». عدم رضاء وأبدى المهدي عدم رضائه عن أداء الشباب والطلاب، واصفاً إياه بالحالة المزرية وغير المرضية، وقال إنه لا يوجد مبرر للحالة التنظيمية المزرية داخل الحزب، مطالباً الشباب بتكوين ملتقى جامع، وأن يتم تكوين كافة المواقع القيادية بالانتخاب. ونبَّه المهدي إلى أن أجهزة الإعلام تتصيد الخلافات داخل الحزب لكي تضر بسمعته وتضعف مواقفه الصلدة، معتبراً الشكوى في الإعلام سوء انضباط تنظيمي يجب على الشباب تلافيه. وهنا علت أصوات الأنصار مما جعله يطالبهم بإيقاف جميع الحواس ما عدا السمع والنظر، وأضاف قائلاً إننا لا نحتاج إلى شعارات. ثم بدأ يقرأ خطابه مستهلاً بفذلكة تاريخية للحقب التي مرت على السودان، مباهياً بأن حزبه تجسدت فيه الخصوصية الوطنية. وقال إن حزب الأمة له فكر وكيان مؤسسي، وأنه منفتح على المجتمع المدني، واعتبر أن توفر تلك المعالم كتب الاستمرارية للحزب وحصنه من الاختراق، وقال المهدي إن مؤامرات وخططاً تدبر ضد حزبه منذ عهد قديم، سارداً لمحة تاريخية لمخططات دُبرت منذ الاستعمار، مروراً بنظامي مايو والإنقاذ. وألمح إلى أن هنالك أحزاباً أُصيبت بالضمور والتآكل، وأن حزبه يقف أمام التحديات والعواصف. تبادل اتهام واتهم المهدي الوطني بالفشل، مشيراً إلى أن الظروف الدالة على فشله واضحة، وأن التطلع لنظام جديد متوفر الآن، وقال إن شعار المرحلة يجب أن يكون «الشعب يريد نظاماً جديداً» وليس إسقاطه، مشيراً إلى أنهم اتخذوا موقفاً يتجاوز إسقاط النظام إلى ما سمَّاه بتحديد معالم البديل. وحمَّل الإنقاذ نتيجة ما وصل إليه الشباب الذين وصفهم بالمنكوبين، وقال إن هذا الجيل منكوب بغلاء المعيشة وعدم الزواج وانتشار المخدرات والأمراض الجنسية والعنف الشبابي. ورد ذلك إلى السياسات التعليمية والاقتصادية التي وصفها بالخاطئة، مطالباً في ذات الوقت بضرورة إقرار سياسات خاصة بالشباب. وأوضح أن البلاد تواجه تشدداً إسلاموياً وآخر علمانوياً، وقال إن الأول يقصي الحقوق المدنية، والثاني يعمل على إقصاء التوجه الإسلامي، لافتاً إلى أن التوجهين يعدان المسرح لمواجهات دموية. وطالب باستبعاد شعار العلمانية والتطلع إلى العقلانية والديمقراطية. وجدد المهدي مطالبته للمرأة بالتخلي عن النقاب، وقال إنه من العادات التي تُلغي شخصيتها. وأضاف أن النقاب عادة وليس عبادة. وطالب بأحقية المرأة في حضور عقد الزواج وتشييع الموتى. إسرائيل والجنوب وتنبأ المهدي بأن علاقة دولة الجنوب بإسرائيل سوف تنقل كل أزمة الشرق الأوسط إلى القرن الإفريقي، ونصح جوبا بمراعاة التوازن في علاقاتها الخارجية تجنباً لتلك الأضرار، منوِّهاً بأن التحرك العسكري من الجنوب لضرب الخرطوم وسيلة سوف تحقق عكس مقاصدها. وأوضح أن موقفهم من المعارضة هو ضرورة تجاوز حالة الركود الفعلية لإقامة نظام جديد تكون معالمه: هيكلة الدولة وتصفية دولة الحزب وإقامة دولة الوطن وعلاقة توأمة مع دولة الجنوب. ودعا شباب الأمة إلى التوحد والأخذ بيد الوطن، لافتاً إلى أنهم سيفعِّلون مسألة إقامة النظام الجديد.