والشركة هذه، والتي سوف يملك امتيازها والنصيب الأكبر من رأسمالها «أخوكم» شخصياً، ليست مثل غيرها من شركات الاتصالات (لا تنزعجوا، لن «ألبِّش» في الكلام، ولن أتجاوز الحدود المرعية في لغة الإعلان .. وسأقول أُسوة بالمعلنين المحترمين «لسنا الوحيدين، ولكننا الأفضل») وبما أن أخاكم، الذي تعرفونه جيداً، ليس من عشّاق الدنيا الفانية، فإنه لم يفكر كثيراً في مسألة العائد المادي، العائد الاستراتيجي عنده هو العائد «التربوي الحضاري» الذي أصبح همّهُ الأكبر منذ أن رأى بعينيه كم هو مريع أن يُسمح لشركات الاتصالات على مستوى العالم كله وليس في السودان فحسب، بأن تجعل تجارتها الأُولى والأخيرة، وهمها ورأسمالها الأعظم، هو ثرثرة الثرثارين و «ربربة الربرابين» وأن يكون رهانها الأول هو أن تجعل «الكلام» سلعة مطلوبة، بل ورائجة، وغاية مناها أن يشفي الله تعالى جميع «البُكم» وأن يعافي جميع الصُّم، حتّى يصبحوا من جملة «عملائها الكرام» الذين يتسابقون على الجوائز الطائلة، لمجرّد أنهم كثيرو الكلام .. ده كلام ده، في ذمتكم؟؟ شركة »أتحدّاك« المحدودة للاتصالات، شركة أُنشئت خصيصاً لتعليم الناس فوائد الصمت، وعدم اللجوء إلى الكلام إلا في حدود الحاجة الملِحّة.. وهي لن تطرح أي شكل من أشكال الجوائز التقليدية لعملائها الكرام .. وجائزتنا الوحيدة، والدائمة، هي تلك التي يظفر بها عملاؤنا الأقل كلاماً .. وسوف تكون رسوم محادثاتنا عالية جداً بالنسبة للناس الثرثارين، وسوف تكون «مجانية» لأولئك الذين يلتزمون بشروطنا في الالتزام بالكلام «المفيد» فقط .. تقدر تلتزم؟ أتحداك!! أجهزتنا والشريحة، سوف تعطى لك بسعر التكلفة، وبالأقساط إن رغبت، ومعها سوف تجد «كتالوجاً» يتضمن «لائحة الشروط» التي لا تتجاوز صفحة واحدة: أن تعريفة المحادثات سوف تكون مجانية، في حال التزام المشترك بما لا يزيد عن 12 محادثة صادرة يومياً، على ألا يزيد حجم المحادثة الواحدة عن سبع كلمات .. يعني طول اليوم لا تُنتِجْ أكتر من 84 كلمة .. لو عملتها 85 كلمة «الله قال بي قولك».. سوف يخصم من رصيدك عشرة أضعاف الرسوم التقليدية لدى الشركات الأُخرى !!.. وأية زيادة أُخرى في الكلام، بما يناسبها من «جزر» وقس على ذلك. نحن شركة رسالية، نشجع التواصل، نعم، ولكن في الحدود التي تحفظ لعميلنا مروءته المتمثلة في الرزانة والصدق «كلما زاد كلام المرء زاد كذبه، وزاد لغوه، وقلت مروءته، وزاد القيل والقال وكثرة السؤال، والنميمة والغيبة و«الشمار» .. والشائعات، إلخ».. وبالطبع لن يتمكن أحد من خداعنا.. لعلك تُحدِّثُ نفسك الآن بصوت مسموع، قائلاً: «أشترك في شركة «الطُرش» ديل، وأخلي تلفونهم استقبال + 84 كلمة في اليوم مجانية، وأكمل باقي الشمارات بي تلفونات الشركات التانية أو بالرسائل !!».. أو ربما زيّن خيال إحداهن لها أن تستخدم هاتفنا «مخلب قط» .. تطلب رقم «شاهيناز» وتقول السبع كلمات في صيغة سؤال عن أخبار «ناس فلانة».. وتترك لها أُذنيها كاملتين لمدة ساعتين في «بث مباشر».. قدييييمة يا أخوي .. ألعب غيرها .. أولاً،.. ممنوع لعميلنا أن يشترك في أية شركة أُخرى «لدينا وسائلنا التقنية المتقدمة في اكتشاف المخالفات من هذا النوع، ولدينا «عملاؤنا» وسط أصدقاء المشترك، الذين يستطيعون إمدادنا بأرقام هواتفه لدى الشركات الأُخرى».. واكتشافنا مخالفة من هذا النوع ستكون نتيجته خصماً فادحاً من رصيده، زائداً إلغاء اشتراكه !! وثانياً: لن تستطيع «الدوران» حول شروطنا بالرسائل القصيرة، فالرسائل المسموح لك بها هي رسالة واحدة فقط، في اليوم، حجمها ثلاث كلمات، مجاناً طبعاً، ومازاد عن ذلك، رسومه حتخرب بيتك.. ثالثاً: قانون السبع كلمات يشمل طرفي المحادثة، كل واحد ما يزيد عن 7 كلمات.. إذا شعرت بأن الطرف الآخر من المحادثة يريد أن «يربرب» فعليك إنهاء المحادثة فوراً، أو إقناعه هو بدفع الرسوم الباهظة للكلام الزائد، أو تحمل النتائج، وقد أعذر من أُنذر!! طبعاً، مثلنا مثل المؤسسات الرسالية، لدينا خططنا «الخمسية، والعشرية، والقرنية»، الواضحة، ولدينا أهدافنا المدروسة المحددة، والتي يمكن تلخيص الغايات المرحلية فيها في تعليم الناس «عبقرية» الإيجاز والإشارة وبلوغ المعاني الكثيرة بالكلمات القليلة «يعني البلاغة» حتى نصل بعميلنا المجتهد مرتبة «الخواجة يعقوب»، الساعاتي اليهودي، الذي ظل صابراً زماناً طويلاً في انتظار الفرصة المواتية للإعلان عن خدماته في الصحف بأقل تكلفة ممكنة، حتى مات ولده، فنصحه أقاربه بأن ينعي ابنه في الصحف أسوة بمن في مقامه، فتوكل على الله واتصل بمدير قسم الإعلان في إحدى الصحف الكبيرة، وأملى عليه ما يلي: «الخواجة يعقوب ينعي ولده، ويصلح ساعات»!! أما أبرز الغايات الاستراتيجية لشركتنا فتتمثل في أن يختفي «ضمير المتكلم» من الوجود، بأسرع فرصة ممكنة، ويحل محله «ضمير الساكت» «هذا ضمير جديد، قررنا أن نضيفه إلى قائمة الضمائر في علوم العربية»، وأن نحتفل في نهاية خطتنا، بعثورنا على «الساكت الأعظم» الذي تؤكد أبحاثنا الدؤوبة أنه هو ذاته «المهدي المنتظر».. الذي سوف يخرب بيت شركات الاتصالات التقليدية، والمسيح الدجال، وأمريكا. - طبعاً سوف يزعم بعض الحاسدين، خصوصاً من منسوبي الشركات المنافسة، أن شركتنا قد حسبت المسألة حساباً ذكياً، وأنها تلوِّح للناس بشروط تبدو سهلة على المستوى النظري ولكنها، عند التطبيق، سوف يكتشف العملاء استحالتها، بعد أن يكونوا قد تورطوا تماماً !! ما رأيُك أنت؟ كونك تلتزم بسبع كلمات في المكالمة، و «12» مكالمة في اليوم، دي صعبة؟؟ يا أخي دي عندها حتى فوائد صحية، غير الفوائد الاقتصادية والتربوية، جرب وما حتندم. - أها .. قلتوا شنو؟ الشركة الآن جاهزة، ومنتظرة من يقبل التحدي !!