تظل قضية ملاك الأراضي بمشروع الجزيرة الحرقة ونور الدين الملك الحر والذين يقدَّرون بمئات الآلاف وتمثل أراضيهم 40% من إجمالي مشروع الجزيرة من أهم القضايا العالقة بين الملاك والحكومة بالرغم من وجود بوادر ومؤشرات تؤكد وضوح الرؤية لا سيما بعد الحكم الذي أصدرته محكمة الطعون الإدارية بولاية الجزيرة ببطلان قرار مجلس إدارة المشروع القاضي بتقييم قيمة الفدان الواحد كبيع »1585« جنيهًا تخصم منها »400« جنيه كرسوم تحتية والذي أُلغي بموجبه إيجار الأرض لم يدفع في الفترة من عام » 1967 2010« أي ما يقارب الأربعين عامًا والذي أقرّه فريق لجنة التنسيق والتخطيط بإدارة المشروع وأجازه النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه بمجلس الوزراء وبالنظر إلى موقف الحكومة من تلك التطورات فهو غير واضح ويكتنفه الغموض، لا سيما عند ما طالب الملاك بحق الإيجار في فترة صدور قانون مشروع الجزيرة لعام (2005م) حيث كان نقطة البداية للنظر في توفيق أوضاع الملك الحر والذي حددت له الحكومة مبلغ 6 آلاف جنيه ووضعه في ميزانية عام 2010 كبند رئيسي بجانب مطالبة رئيس الجمهورية في لقاءاته الجماهيرية بولاية الجزيرة بإعطاء الملاك حقهم كاملاً إلا أن الحكومة ظلت تضع العراقيل مرة تلو الأخرى في سبيل التملص من تنفيذ التوجيهات بحجة أن الموازنة بها عجز يصعب تداركه وتارة بحجة انفصال الجنوب وفقد البلاد للكثير من عائدات البترول الأمر الذي قاد إلى اهتزاز الاقتصاد إن لم يكن انهياره ليدخل الملاك في متاهات ودوامة المحاكم ليصل الأمر إلى التظاهرات في الشارع العام بمقر إدارة المجلس ببركات وما حدث بها من تصادمات للملاك مع الشرطة فأجازت الحكومة قرار لجنة التنسيق الذي وقع على المثل القائل (المال تلته ولا كتلتوا) لتحدد ربع المبلغ المتفق عليه الأمر الذي وجد استنكارًا ورفضًا واسعًا من قبَل الملاك الذين اعتبروه هضمًا لحقوقهم وظلمًا فادحًا من إدارة المشروع التي تمكنت من استغلال حاجة بعض الملاك الماسة للمال لسد ضنك العيش الذي يعانون منه حيت استطاعت أن تستولي على بعض أجزاء من أراضي الملاك الذي باعوا أراضيهم بأسعار زهيدة وفي المقابل اجتاحت موجة من الاستسلام والشعور بالضعف بعض الملاك في وقت واصلت لجنة المبادرة مسيرتها في صمت رغم اتهام بعض المسؤولين بالحكومة لها بمحاولة تسيس القضية وظلت تتابع القضية من محكمة الخرطوم التي رفضت القضية بحجة عدم الاختصاص وتحويلها إلى أرض الحدث بولاية الجزيرة لتلغي محكمة الطعون قرار مجلس إدارة المشروع وتقيم الفدان الذي كان بمثابة نصر كبير للملاك والتأكيد على القضاء العادل واعتبروه في الوقت ذاته حكمًا تاريخيًا حيث قال رئيس لجنة المبادرة لملاك الأراضي: إن أصحاب الملك الحر بهذا الحكم كسبوا الطعن المرفوع أمام المحكمة المختصة، وزاد أنهم سيعملون على تنفيذ قرار المحكمة والمطالبة بمستحقات إيجار أراضيهم للفترة من 1968 حتى اليوم، مع الاحتفاظ بملكيتها وعدم الممانعة في إيجارها لفترات مستقبلية.. السؤال الذي يطرح نفسه الآن ما مصير أولئك الملاك الذين تنازلوا عن ملكهم قبل القرار والذين قاموا ببيع أملاكهم للبنك الزراعي الذي استلم من الملاك إفادة وليست شهادة بحث، الأمر الذي يجعل البيع غير صحيح على حسب ما نصت عليه قواعد المسجل العام للأراضي التي تبطل البيع إذا لم يتسلم المشتري شهادات البحث في ظرف 7 أيام وهل سيقوم البنك الزراعي بتصحيح هذا الوضع وهو الذي باع بعقد إذعان بدفع مبالغ إضافية للملاك أم تظل المسألة عالقة قانونيًا وإلى متى؟..