المتتبع لتاريخ الأدب النسوي و تحديدًا الشعر، يجده ينحصر في الغزل والرثاء والتحريض على القتال حتى تكاد تكون فروع هذا النوع من الأدب حكرًا على النساء وقد اشتهرت شاعرات العرب بذلك أمثال: الخنساء ، ليلى الأخيلية، عُليّة بنت المهدي، الولادة بنت المستكفي ودي كانت فاكاها شويه، وردة اليازجي، ملك ناصف، فدوى طوقان، نازك الملائكة، بنت الشاطئ ، سلمى الخضراء وهذه درستني بالسنة الأولى آداب الخرطوم وقد أدهشتنا بشرحها للموشحات الأندلسية وأخيرًا الشاعرة الأميرة سعاد الصباح التي أحبت السودان كثيرًا وقد أهدت الجامعة الأهلية «36» كمبيوتراً أيام كانت الناس تنظر للحواسيب كأنها رجس من عمل الشيطان إلا أنهم لم يجتنبوه..أما الرجال فقد كرّسوا جل شعرهم في الغزل الحسي مثل بشار الذي قال: ألا إنما ليلى عصا خيزرانة * إذا غمزوها بالأكف تلين وباقي شعرهم عن الحرب والتهديد كقول أحدهم: ومن يعصِ أطراف الرماح فإنه * يطيع العوالي ركبت كل لهزم كذلك لم يهمل العرب الاستفاضة في وصف الخمر لدرجة أنهم كانوا يسمونها القهوة إما تدليلاً أو خوفاً من ذكرها صراحة ولن أطيل هنا لأن هذا ليس موضوعنا.. انظر إلى حكامات السودان في دهور سلفت ونبدا بما قالته أخت الملك ناصر ملك العبدلاب: فوق ناصر بقول شعري ولساني مطرّق جبلي البيهو من العاديات بدّرق حصحاص البليلة الفيها جوه محرّق يا أب سدرا متل بحر المحيط الغرّق عهدنا فيك كنداب حربة ما تتشلخ صُرّة عين جبل ملوية ما بتتفلخ من المسكة كان إيدينا يوم تتملخ السما ينتكي وجلد النمل يتسلخ ثم هاك بعض الأبيات ل«بت مسيمس» شاعرة الزبير ود رحمة: في السودان قبيل ما بشبهوك الناس بارود انتصار عند غمزة الكبّاس خليت المجوس ألين من القرطاس وكم كتّل سلاطين خلي داره يباس ود رحمة الزبير تم الرجالة خلاس والرجالة في نظر المرأة وقتئذ وربما آنئذ أيضاً هي الحرب والغارات والفتك بالأعداء زائدًا الكرم وحسن الضيافة ومن يخلو من هذه الصفات فلا يستحق إلا الهجاء هذا لو استحقاه هو الهجاء دا سااااهل كدا؟!! أما شعر الرجال في ذلك الزمان فقد كان إما في المدح كما قال محمد ود حمودة من قبيلة الفادنية في مدح عمارة ود أب سن: مما قام صغير ما جاب كلمة ضالعة واتبسم ضحك وكت الحبش جات طالعة وكت الشوف يشوف يوم القلوب متخالعة صدرك زحمة النار أم هبوباً قالعة أو في الغزل مثلما قال ود الفراش هائماً بإحدى بنات البجا: من هندوب غرب شفت السرايا بشم نفساً ذكي وريحة الجدايا بشوف عرباً سلامن لي دبايا ترى البنيان أهل دنيا وعرايا وفي الهجاء اشتهر الطيب ود ضحوية حيث شتم الشباب العاطلين مع النسوة في البيوت قائلا: ناس قدر الله قاعدين في البيوت ما بخوتره من كبي و كشف حال الحريم ما بفوتره أنا بختر براي أسد الرديمة بنوتره صاحبي أن ضلّ ما بفشيهو والله بسوتره درج عرب البادية على مط الكلمة التي في آخر البيت لتتوافق مع جرّة صوت الزمارة... هذه لمحات سريعة وليت احد الدارسين يتفرغ للكتابة في هذا الصدد فنحن كبرنا وكبرت أحزانا و..... وبس..