تعتبر ظاهرة الابتزاز من الظواهر الدخيلة والجديدة على مجتمعنا السوداني، وعلى الرغم من ذلك فقد أخذت في الانتشار بشكل متسارع وبوتيرة عالية بشكل يهدِّد الاستقرار الأسري، الأمر الذي دفع العديد من المختصين والمربين إلى التحذير منها ومحاولة التصدي لها، وقد اتخذ القضاء السوداني العديد من القرارات في مواجهة المتهمين بقضايا الابتزاز و المساومات بالعقوبات اللازمة لبسط الأمن والعدالة في المجتمع لخلق مجتمع خالٍ من مثل هذه الجرائم المشينة لمرتكبيها، ولقد نظمت العديد من الفعاليات حول أسباب جريمة الابتزاز، وطرق التصدي لها وأهمية تربية الشباب على الثقة بالنفس. وتحمُّل عنادهم، أو ردهم القوي بكلمة «لا» لأي موقف غير مرضٍ أو غير أخلاقي لهم منذ الصغر.. وتربيتهم على الوصول إلى تطبيق الأمور بقدر من القناعة لا الضغط.. حينها لن يخضعوا لأي مبتزّ.. وكذا التربية على الشجاعة الأدبية، في النقاش والحديث. والطبيعي أن أي مجتمع يتعرض لتغييرات تترك أثراً في سلوك أهله، لكن حجم هذه التغييرات ومستواها ونوعها يرجع إلى أمرين، الأول: قوة هذه المؤثرات وأدواتها.. والثاني: مدى قابلية ذلك المجتمع للتغيير.. فالابتزاز هو أسلوب من أساليب الضغط الذي يمارسه المبتز على الضحية مستخدماً عدة طرق منها أسلوب التشهير على أوسع نطاق أو إبلاغ ذوي الضحية زوجاً كان أو زوجة أو أب أو أخ.. الأمر الذي يجعل الضحية تقع تحت وطأة ضغوط المبتز ليجبرها على مجاراته وتحقيق رغباته. البحث عن حلول بعيدًا عن القضاء حذر علماء الاجتماع والصحة النفسية والدين وخبراء العلاقات الأسرية ورجال القانون من مخاطر انتشار أكثر لهذه الظاهرة على الأفراد والأسر والمجتمع.. وكشف مصدر قانوني ل«الإنتباهة» أن الابتزاز يحتل 10% من مشكلات الشباب وأن الكثيرين من الضحايا يرفضون إبلاغ الأجهزة الرسمية خاصة إذا كان الابتزاز يتعرض له شاب من فتاة، ويضيف أن الرجل ليس المتهم الأول دائمًا في قضية الابتزاز، فقد تشاركه المرأة بنفس الدرجة، مشيرًا إلى أن هناك عوامل تساعد على عدم التصريح بهذه الحقيقة، أو حتى كشف الأرقام الدالة على ابتزاز المرأة للرجل. يؤكد أن الرجل ًينصاع» في كثير من الأحيان لابتزاز المرأة بزعم الحفاظ على رجولته، وحماية سمعته، فيرفض تقديم أي بلاغ أمني ضدها، ويتنازل عن حقوقه، ويكتفي بالحلول السلمية والسرية. وذكر أن العرف الاجتماعي الذي يختلف من بلد إلى آخر هو الذي يحدِّد مدى قابلية المجتمع لقضايا ابتزاز المرأة للرجل.. وأكد مصدرل«الإنتباهة» أن استخدام الموبايلات سبب أساسي في قضايا الابتزاز الذي كثيرًا ما يستهدف أصحاب الأموال فيكون الاختطاف أوالتهديد لأبنائهم وسيلة لتنفيذ هذا الابتزاز، مضيفًا أن هذه القضايا جديدة على السودان ومخالفة لتقاليده داعيًا جهات الاختصاص لحسم هذه القضايا حتى ينعم أهل السودان بالدفء والأمان. وقال إن العالم الآن له مؤشرات ومقاييس لكل القضايا والموضوعات خاصة قضايا حقوق الإنسان التي تعلو فوق القانون. ضحايا جرائم الابتزاز ذكر )ك،م» أنه كان على علاقة مع فتاة استمرت فترة طويلة، حتى تقدم لخطبة إحدى قريباته.. وقال: عندما عرفت تلك الفتاة نبأ خطوبتي طَلَبت أن تراني في مقابلة أخيرة بيننا، فوافقتُ حتى أتمكن من طي صفحتها، وألتفت لزواجي، ولكني فوجئت بها تهددني بالفضيحة عند خطيبتي وأهلها، لأنها تحتفظ برسائلي وصوري، وطلبت المال مقابل «الصمت». أما «أ. س.» فقالت لا تنجو كثير من الفتيات من الوقوع في فخ ابتزاز الشباب الذين صار معظمهم يمتهنون الابتزاز وقد تعرضت إلى الابتزاز من أحد الشباب قابلته عندما ذهبت إلى استخراج بطاقة، فقال إنه يريد مساعدتها، وبالفعل أكمل لها الإجراءات وتبقى الإجراء الأخير فطلب منها إعطاءه رقم جوالها ليخبرها بموعد الاستلام وذكرت أنه تعامل معها بكل ذوق وشهامة ولكن عندما اتصل عليها تلفونيًا لعدة مرات كان يتطرق إلى كلام غير أخلاقي، وقالت: لا أنكر أنني تماشيت معه في الكلام فقط ليقضي لي أمري وعندما أستلم البطاقة وجئت لأخذها ساومني بما يطلب أو أن أدفع له مبلغًا ماليًا كبيرًا مقابل تسليمي بطاقتي أو أنه سيعرض كلامي الهاتفي معه لأنه مسجل عنده وما كان عليّ إلا أن أدبِّر له مبلغًا ماليًا. الممارسات السالبة وسط الشباب و أكد علماء الاجتماع أن الابتزاز وسط الشباب أصبح من الظواهر التي بدأت تبرز في المجتمع.. ووضّحوا أن مشكلة انهيار العديد من القيم والأخلاق لدى الكثيرين من الشباب والشابات تكمن وراء حدوث هذه الظاهرة. وأشاروا إلي أهمية أن تكرس الأسرة أولوياتها للتنشئة الاجتماعية السليمة، وأن تقترب من الأبناء والبنات، و تكون هناك رقابة دائمة لهم. وقالوا إن المشكلة تكون في معاناة الشباب من الفراغ الفكري، والعاطفي، والنفسي، والاجتماعي، الأمر الذي يجعلهم يقعون فريسة لتلك العبارات، وضحايا للخسائر المادية الفادحة التي تبدأ برسائل الجوال والأرقام والمواعيد، مرورًا بسلب ما لديهم من أموال، وطلب الهدايا، وانتهاء باللقاءات غير المشروعة التي تؤدي إلى وقوع الشباب في مخالفات مرفوضة من المجتمع.