أصبحت لقضية الخلافات بين حكومة السودان ودولة الجنوب حول تدفق النفط بين الدولتين ردود أفعال كبيرة وسط المعنيين، ومن الواضح أن دولة الجنوب اتجهت إلى إيقاف تدفق وتصدير النفط عبر الأراضي السودانية كوسيلة لتهديد الخرطوم، وتشير التقارير إلى أن عدد الآبار التي تم إيقافها تراوحت ما بين «20 40» في مربعات الجنوب المختلفة، فيما يرى العديد من المراقبين أن المتضرر الأول من تلك العملية دولة الجنوب خاصة أن حكومة السودان تعاملت بجدية مع التلويح المتكرر من قبَل دولة الجنوب؛ فاتخذت الاحتياطات الإدارية والفنية والاقتصادية اللازمة منذ وقت مبكر حتى لا تتضرر صناعة البلاد النفطية والبنيات التحتية من هذا القرار، فيما اتهم رئيس دولة الجنوب سلفا كير في خطابه أمام البرلمان الخرطوم بما سماه سرقة النفط والمغالاة في وضع رسوم التصدير ب «32» دولاراً للبرميل، وقال إن قرار الإيقاف لحين الاتفاق على «شيء معقول» مع السودان، وقال إن دولته لن تتراجع عن القرار طالما استمرت الخرطوم بسرقة نفط الجنوب دون وجه حق.. وأدى هذا القرار إلى سخط عدد من المسؤولين داخل دولة الجنوب واعتبره البعض بالقرار الخاطئ لافتقاره الاستناد إلى بدائل واضحة لموازنة تعتمد بنسبة 98% على البترول، وقالت مصادر صحفية: إن الإجراءات الجنوبية لها علاقة بالأوضاع الإدارية والفنية المزرية بحقل الوحدة، دون أن تكون لها علاقة بقرار جوبا بوقف إنتاج النفط، وأشارت إلى أن حقل الوحدة بات خارج سيطرة حكومة الجنوب وتديره الآن قبائل «النوير» وظلت محطة «منقة» معطّلة منذ عشرة أيام لدرجة أن النفط بدأ في التدفق من الصهاريج نتيجة لسوء الإدارة، كما أن خط الأنابيب في محطة «تور» تعرَّض للانسداد جراء سوء التشغيل وتمت معالجة الخلل قبل أيام بواسطة مهندسين شماليين. وكشفت وزارة النفط السودانية عن بدء اتخاذ الإجراءات الفنية للمحافظة على سلامة أنبوب النفط، وقال إسحق بشير وزير الدولة بالنفط: إن الوزارة بدأت فعليًا في وضع الاحتياطات لسلامة أنبوب الصادر، مشيرًا إلى وجود لجنة فنية مختصة بذلك. وحسب المؤشرات فإن دولة الجنوب لن تستطيع أن توقف تدفق النفط عبر السودان؛ فالوساطة الإفريقية التي قدمت مقترحًا انتقاليًا بشأن الترتيبات المتعلقة بموضوع النفط وحددت الثامن والعشرين من يناير الجاري موعدًا نهائيًا لجولة أديس أبابا، قد تنتهي بمعالجة الأزمة باستمرار تدفق النفط عبر السودان.. يرى الخبير الاقتصادي د. حسين القوني أن المصالح بين الدولتين تحتم عليهم التنازل والوصول إلى اتفا ق يرضي الطرفين، وقال في حديثه ل «الإنتباهة»: إن دولة الجنوب تعتمد على إيرادات البترول فقط وليس لديها بدائل أخرى وإذا اتجهت إلى إيقاف تدفق النفط فهذا يعني لجوء دولة الجنوب إلى الاستدانة مشيرًا إلى أنه التزام مستقبلي، ويعتبر خصمًا على موارد الدولة موضحًا ليس من مصلحة الجنوب اتباع مواقف أشخاص تحمل الدولة والأجيال المستقبلية التزامات مالية غير مبررة. وتساءل إلى متى يستمر الجنوب في إيقاف تدفق النفط ؟ خاصة أن الدولة لا تمتلك الإمكانات للاعتماد على نفسها بإنشاء خطوط أنابيب جديدة خاصة أنه ذو تكلفة عالية ويمكن أن يساهم في اتجاه بعض الدول الى اغتنام الفرصة بفرض رسوم عالية لاتستطيع الدولة تحملها.. وأضاف القوني: أن دولة السودان تحتاج إلى عائدات النفط خاصة مع وجود الضغوط الاقتصادية التي تشهدها البلاد كضعف الموارد من النقد الأجنبي مضيفًا هذا يتطلب مرونة في التعامل لتوفير النقد.. وأضاف لا بد للطرفين أن ينظروا للمستقبل خاصة أنه تعاون يصب في مصلحة البلدين.. وتوقع القوني أن يتراجع الجنوب عن قرار إيقاف تدفق النفط عبر السودان خاصة أن الجنوب يشهد وجود معارضة داخلية بجانب الوساطة الإفريقية التي يمكن أن تسهم في حل المشكلة مع وجود الضغوط الدولية.