في الفترة من (18 19) يناير الجاري جرت بمنطقة أبيي مفاوضات جديدة أو بالأحرى اجتماعات مشتركة ضمَّت الجانب السوداني ويمثله الخير الفهيم المكي ممثلاً لرئيس الجمهورية، والجانب الثاني من حكومة دولة الجنوب ومثّل فيه الرئيس سلفا كير لوكا بيونق وإدوارد لينو، وبالمناسبة هؤلاء جميعهم من أبناء أبيي، الخير الفهيم من المسيرية، ولوكا وإدوارد لينو من دينكا نقوك، الغريب في الأمر أن منطقة أبيي لا تزال ضمن حدود السودان ولها وضعية خاصة بحكم اتفاقية نيفاشا والبرتوكول الخاص بأبيي ثم اتفاقية التحكيم حول المنطقة في لاهاي ومع ذلك ترعى حكومة الجنوب أولاد أبيي وتحتضنهم وتجاهر بدعمهم في كل المحافل وترسل الوفود لحكومة السودان للتفاوض حول أمر المنطقة، وهنا نقول إن الخرطوم أيضاً لم تكن شفافة وواضحة بما فيه الكفاية حول موضوع أبيي، لم تكن شفافة بما يكفي لإقناع الطرفين للتراضي على اتفاق يعينهم ويساعدهم على العيش بسلام وخلق الاستقرار المطلوب للاستفادة من الموارد الموجودة في المنطقة بما فيها النفط فليس المسيرية وحدهم هم من يريدون العيش في إطار السودان بل هناك من دينكا نقوك من لا يريد أن يذهب جنوباً فلماذا لا تكثف حكومة السودان جهدها مع هؤلاء لإظهار الأغلبية من أبناء أبيي الذين يريدون السودان ويفضلونه على الجنوب أنا غير مقتنعة كغيري من آخرين بأن يكون لأبيي وضع خاص بين الدولتين وأن يستمر هذا الوضع إلى ما لا نهاية؛ لأن هذا سيجعلها مدخل لأزمات متكرِّرة بين البلدين في المستقبل. والشاهد هنا بوادر التدخل الأجنبي في منطقة أبيي ذاك التدخل الذي تعتبر القوة الإثيوبية الموجودة حالياً في أبيي إحدى طلائعه، والمؤسف جداً أن يخرج أمن الحفاظ على أمن المنطقة من إرادة الدولتين، ويجلس الخير الفهيم ولوكا بيونق ليستمعوا لقائد القوة الإثيوبية وهو يطلعهم على الأوضاع الأمنية في منطقة أبيي. لن تستطيع اجتماعات اللجنة المشتركة الخروج من عنق الزجاجة ولن تستطيع تشكيل إدارية أبيي أو مجلسها في القريب العاجل وإن نجحت في تنظيم مسارات الرحل وضبط حركة العون الإنساني للمنطقة فإن هذه اللجنة المشتركة ستكون وقتها أدَّت ما عليها على أكمل وجه وبلغت قمة سقفها؛ لأن قضية أبيي أكبر من سعتهم وقدرتهم على الحل.. وإن اجتهد قائد فكرة دولة البقارة الكبرى السيد الخير الفهيم وفعل ما فعل مع أهله هناك. إما أن الرجل قد تخلى عن فكرته لدولة البقارة الكبرى التي طرحها في بواكير 1997م.. على فكرة الفهيم قريب من قيادات ذات صلة بملف أبيي كالسفير الدرديري محمد أحمد والوزير برئاسة الجمهورية إدريس عبد الله والوزير د. عيسى بشرى وهؤلاء هم الذي دفعوا به ليكون رئيسًا للجانب السوداني في اللجنة السياسية المشتركة.