حسمت الاتفاقية الموقعة في يونيو الماضي الشراكة السياسية والإدارية بين المسيرية ودينكا نقوك في منطقة أبيي وهي المنطقة المتنازع عليها كما هو معلوم بين حكومة السودان ودولة جنوب السودان وهو نزاع قديم موروث من حكومات سابقة لم يكن وليد الحقب الأخيرة المنصرمة من الممارسة السياسية في البلاد بل ظل النزاع في أبيي يتغذى على إسقاطات الحكومات القائمة دونما الاستفادة منها في وضع رؤية نهائية لحل تتراضى عليه القبائل المعنية به. وبنص تلكم الاتفاقية فإن رئاسة المجلس التشريعي لأبيي ذهبت لقبيلة المسيرية فيما ذهبت رئاسة الإدارية لدينكا أبيي مع الاحتفاظ بالنسب التي تمثل الطرفين سواء كان ذلك في المجلس أو الإدارية. والحقيقة المُرة أن أبيي اليوم ليست في قبضة الحكومة في الخرطوم ولا في جوبا تشرف على الأمن فيها قوة إثيوبية تجمع إدارة القوة الإثيوبية بصورة دورية ربما كل شهر أو شهرين لتُطلع اللجنة السياسية المشتركة بين ممثلين لحكومة السودان ودولة جنوب السودان على الأوضاع في أبيي في عمومياتها وتقوم اللجنة السياسية بنقل أو إطلاع القيادة السياسية في البلدين عبر تقرير مقتضب حول الأوضاع في المنطقة وتركز على التعايش الاجتماعي والوضع الأمني وهذه هي لجنة الخير الفهيم ولوكا بيونق وآخرين. ولكن لماذا الأوضاع في الرقعة الجغرافية المعروفة بأبيي متدحرجة للخلف وتراوح مكانها بلغة الأخبار؟ هناك نخبة من قيادات دينكا نقوك تريد هذا الوضع بل تصر عليه... هؤلاء ومن بينهم لوكا بيونق وإدوارد لينو ودينق ألور هدفهم المقدس الذي جندوا أنفسهم له أن تكون أبيي ضمن حدود دولة الجنوب وأن يكون المواطن في أبيي جنوبي الجنسية والهوى فلا إرادة لأحد سواهم في هذه القضية ولا صوت يعلو عليهم هناك. يجد هؤلاء دعمًا أخلاقيًا من حكومة الجنوب ومن الخواجات والأمريكان شجعهم على الاستمرار في تدويل هذا الملف تدخل من قبل لاهاي وهو الآن بيد الوساطة الإفريقية ولربما هو في طريقه لمجلس الأمن الدولي حتى يحظى لوكا ورفاقه بقرار في أبيي مدعوم بنفوذ دولي قوي يجعل نتائج استفتاء أبيي مهضومة ومقبولة للجميع كما حدث من قبل في جنوب السودان وليه لا؟ ما في حد أحسن من حد. ومن أجل هذه المقاصد يرى لوكا بيونق أن ذهاب رئاسة المجلس التشريعي في أبيي للمسيرية يراه أمرًا مؤلمًا كما صرح للصحف ويقول أمس الأول إن قبولهم به رسالة بمدى التزامهم بقرار مجلس السلم والأمن الإفريقي. بالله شوف صلابة هذا الرجل في نكران حق آخرين شركاء لأهله في الأرض والماء والكلأ والقرار السياسي.. لا يريد لوكا أن يعطي المسيرية الحق في أن يرأس المجلس التشريعي، يريد كل الأجهزة أن تكون لدينكا نقوك وهذه قسمة التطرف لأجل خدمة مواقفهم السياسية الداعمة لحقوقهم في أبيي. ببساطة حكومة الجنوب وقيادات دينكا نقوك استعجلوا قرار تسمية المؤسسات المعنية في أبيي لقطع الطريق على الخرطوم وإلا فلماذا تأخرت هذه القرارات كل هذه الفترة؟ تريد حكومة الجنوب أن تخرج نفسها وأنصارها من قادة دينكا أبيي من أي حرج دولي قد يقع عليها من تداعيات تخلفها عن الموافقة على قيام هذه الأجهزة في حينها وبعدها تظهر بمظهر المطيع للاتفاقيات الدولية حتى لا تكون هذه نقطة ضدها وفي غير مصلحة دينكا نقوك. أقول أخيراً وبكل أسف حالة الانقسام وسط المسيرية تجاه ملف أبيي والموقف الغيابي للحكومة يجعل المواقف هشة ومهتزة باستمرار. المسيرية في حاجة لوحدة داخلية أين موقفهم الناصع حيال ما قاله لوكا بيونق لم نسمع إلا تهديدًا ووعيدًا وأحياناً (كلام ساكت) القضية سادتي في مستقبل أبيي على رأي ود ابوك وهذا لن يتأتى بأسلوب المجاملات الذي ينتهجه السيد الخير الفهيم.