كثَّفت وزارة المعادن جهودها وتحرُّكاتها لبلورة رؤية أو برنامج حكومي للدفع في اتجاه الاستفادة القصوى من موارد السودان المعدنية خاصة الذهب، الذي أثبتت الدراسات والمسوحات الجيولوجية أن العديد من أراضي السودان تحتضن في جوفها مخزونًا إستراتيجيًا كبيرًا من الذهب والذي يمكن أن يشكل موردًا محوريًا لخزينة الدولة حال استغلاله بشكل علمي وجاد من قبَل وزارة المعادن التي تمثل الذراع الفني والإشرافي لهذا المورد المهم. ومن أجل ذلك حرصت الوزارة على وضع موجّهات وسياسات وضوابط محدَّدة للتعامل مع التعدين التقليدي ووضعه في إطاره القانوني فتوصلت وزارة المعادن إلى تفاهمات مع ولايتي نهر النيل والشمالية انتهت إلى توقيع مذكرتي تفاهم حدد لكل طرف مسؤولياته وأدواره في سبيل الارتقاء بالنشاط التعديني التقليدي وذلك من خلال زيارات للأستاذ كمال عبد اللطيف وزير المعادن إلى نهر النيل، والأستاذ عبد الواحد يوسف وزير الدولة بذات الوزارة إلى ولاية الشمالية. وفي نهر النيل عبَّر كمال عبد اللطيف عن الآمال والطموحات الكبيرة التي تنتظرها الحكومة الاتحادية من الذهب، في وقتٍ تم فيه تشكيل «مجلس تنسيقي» بين الولايات لتنظيم النشاط التعديني وتحديد مسارات واضحة للعلاقات والصلاحيات بين المركز والولايات التي بها نشاط تعديني، وقال الوزير في تصريحات صحفية إن زيارتهم إلى هناك تهدف لمعرفة حجم وطبيعة الإنتاج والاطمئنان إلى عمل الشركات التي وقعت مع وزارة التعدين على اتفاقيات امتياز، إلى جانب إعلاء قيمة الأمن داخل مناطق التعدين، وهذا ما أكَّده الوزير كمال في زيارته لعمال التعدين بمنطقة العبيدية بولاية نهر النيل، وأبلغ المعدنين أنهم ملتزمون بشراء الذهب وذلك بالاتفاق مع بنك السودان حيث تم افتتاح مكاتب إقليمية لذلك في كل من نهر النيل والشمالية. في ذات السياق قالت وزارة المالية بنهر النيل إن الولاية بها كميات كبيرة من المعادن خاصة الذهب الذي يوجد في محليتي بربر وأبو حمد، فيما تعمل أكثر من «16» شركة في مجال التنقيب عن الذهب، غير أن تقارير وزارة المالية أكَّدت أن هناك مشكلات وعقبات أساسية تعترض النشاط التعديني تتمثّل في التردي الصحي والبيئي والأمني والخدمي إلى جانب وجود بعض النزاعات داخل المساحات المرخصة للشركات والاستخدام غير المرشد لمادة الزئبق السامة. وامتدت تحرُّكات وزارة المعادن إلى زيارة أخرى قام بها وزير الدولة الأستاذ عبد الواحد يوسف إلى منطقة أبو صارة بمحلية دلقو وهي منطقة تاريخية مشهورة بالذهب، وهي ذات المنطقة التي تعمل فيها شركة دلقو التركية عبر شراكة سودانية تركية رائدة في مجال تنقيب وإنتاج الذهب، وقد تخطت الشركة مرحلة العمل التجريبي إلى مرحلة الإنتاج قريبًا. وتعهَّد الوزير بتحسين الأوضاع داخل مناطق ومعسكرات التعدين، مشيرًا إلى أنهم سيعملون على توفير مستشفيات متحرِّكة، إلا أنه حذر من الاعتداء على المساعدات المخصصة للشركات التي لها التزامات مع وزارة المعادن، وكشف الوزير عن رغبة وزارته في أن تصبح الولايات جزءًا أصيلاً في إجراء أي تعديلات متوقعة في قانون المعادن، وأضاف أنهم وقَّعوا على مذكرة تفاهم مع حكومة الولاية الشمالية وذلك بهدف تنظيم نشاط التعدين التقليدي، من جانبها تعهدت حكومة الشمالية على لسان نائب الوالي المهندس عمر محمد محمد نور بمعالجة كافة الظواهر السالبة بمناطق التعدين، خاصة أن هنالك أكثر من «5» آلاف يعملون في هذا النشاط ولكن الحكومة حذرت من عمالة الأطفال داخل مناطق التعدين وطالبت بشكل فوري إخراج كل الأطفال من المنطقة حتى لو دعا الأمر إلى استخدام القانون إلا أن المُعدِّنين طالبوا السلطات بتقوية أجهزة الشرطة وتمكينها من حفظ الأمن ومكافحة الممارسات والأنشطة السالبة.