د. مندور المهدي نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم سكت دهراً وسنين عدداً راضيًا عن أداء حزب منبر السلام العادل، وهو يراه يتصدى للمهام العظام الجسام متمثلة في مصادمة مشروع السودان الجديد وتثبيت جذور هوية البلاد وأصولها العقدية والحضارية والثقافية التي كادت تكون أثراً بعد عين جراء الهجمة الشرسة التي قادتها الحركة الشعبية لتحرير السودان من الإسلام ولغة القرآن، وذلك بعد أن جلس حزب مندور «المؤتمر الوطني» في جلسات أُحادية مع الحركة الشعبية وأقصى قوى سياسية وفكرية ووطنية، وأهل الرأي والفكر والفقه فلطم البلاد والعباد بطامة نيفاشا، وفي سبيل سلام جائر وظالم تم التنازل عن ثوابت قضايا مصيرية الشريعة القوات المسلحة الأمن القومي وترك حكم الجنوب كله للحركة وإشراكها في حكم الشمال بنسبة بلغت أكثر من 30% بعد انتخابات أبريل التي فاز فيها مندور في دائرته نحو السباق إلى المجلس الوطني تحت مظلة ورحمة شجرة عمر البشير، وسوف تتساقط أوراق هذه الشجرة وتهلك جذورها، ويجف لحاء ساقها يوم أن يقرر الرئيس البشير عدم الترشح لفترة رئاسية أخرى؛ لأننا نعلم جيداً أن هناك في الشعب السوداني شعبية الرئيس التي تتفوق آلاف المرات على شعبية حزبه المؤتمر الوطني الذي قال عنه رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة السابق العميد محمد عجيب محمد: «لولا رهطك لرجمناك يا مؤتمر وطني وما أنت علينا...» نعم لقد تخلصت شعبية المؤتمر الوطني إلى الرهط وهم الجماعة ما بين الثلاثة إلى التسعة وسبب هذا التخلص والتراجع أن المؤتمر الوطني قبر مشروعه الحضاري الإسلامي في «جبّانة» نيفاشا فانفضّ عنه المجاهدون والشباب والطلاب والدّبابون والعلماء الحقيقيون والحركيون الإسلاميون النزهاء والشرفاء، وحلّ محلهم عَبَدَة السلطة والكرسي وطلاب الدنيا في أشواق النفس «اللوّامة» وهذا الانهيار الآتي التي تتابع خُطاه كحلقات عقد انفرط هي التي تزعج أمثال مندور ورفاقه ولذا تراه يرمي بسهمه نحو أهداف لم يتثبت ما هي.. ولم يدرِ ماذا يقول حين وجد نفسه في صالون الراحل سيد أحمد خليفة رحمه الله بين فكّي الشيوعية هالة عبد الرحيم التي فزعت عن قلبه بقولها «التغيير حتمي وقادم وعلى السودانيين أن يختاروا السيناريو الذي يلائم ظروفهم وطبيعتهم» من جهة وبين حديث ضياء الدين بلال رئيس تحرير جريدة السوداني الذي قال في المنتدى ذاته «والملاحظ أن هناك كيانًا آخر أصبح يتبنّى القيم الإسلامية وهو منبر السلام العادل الذي أصبح يقدم نقدًا قيميًا عن الفساد، ويُهاجم المؤتمر الوطني وشيئاً فشيئاً سيسحب مشروعية المؤتمر الوطني لأن هذا التكوين لديه تحالفات مع السلفيين». وهناك زاد الوجوم والفزع على مندور المهدي وفجأة هداه اضطرابه أن يقدم كبش فداء.. وكان هذا الكبش منبر السلام العادل الذي بدا في صحة جيدة بعد أن عادت إليه طاقته الكاملة، وكان قد استنفد شيئاً منها في حربه المقدسة على مشروع الحركة الشعبية الاستئصالي، ذاك المشروع العنصري الذي جاء بربّانه حزب مندور المهدي ثم ترك لهم الحلبة وانزوى في ركن قصي وأخلد إلى الأرض وتمنىَّ على الله الأماني. ولذا صاح مندور وجدتها.. وجدتها.. ثم قال «نأتي إلى منبر السلام ولم يقل العادل و«أنا أرى أنه كرّس للعنصرية والقبلية والانفصال، وهذا ليس منهجاً في المؤتمر الوطني نحن ضد الجهوية والعنصرية، وواضح أن هناك تطورًا جديدًا في تجربة المنبر من خلال نقد المؤتمر الوطني، وقضية العودة للجذور» إ.ه. نعم بكل سهولة دون أن يعي مندور المهدي وهو نائب رئيس المؤتمر الوطني في أكبر ولايات السودان والقيادي المحسوب بالحركة الإسلامية لا الشعبية أطلقها جزافاً وبهتاناً وافتراءً «نأتي إلى منبر السلام وأنا أرى أنه كرّس للعنصرية والقبلية والانفصال» وصدق مندور المهدي في الأخيرة وتعمّد التضليل بسوء نية قاصدة في الأولى والثانية «العنصرية والقبلية» ومندور في هذا يعلم في قرارة نفسه وسليم ضميره أن ما قاله ليس هو الصواب.. وما هكذا يا مندور تضيّع أمانة العلم والقول واللسان! إن مندور المهدي نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم ربما ملّت «الإنتباهة» ظهوره على صفحاتها عشرات المرات من خلال الأخبار والحوارات ونعلم ما قاله فيها نقلاً أميناً على لسانه ونعلم أيضاً ماذا قال سابقاً عن منبر السلام وماذا قال عن الحركة الشعبية ونيفاشا ونعلم.. ونعلم.. أخي القارئ الكريم دعني أنقل لك رسالة من رجل «مؤتمر وطني» وقيادي في الحركة الإسلامية بعثها إليّ بعد أن قرأ في الأخبار ما قاله مندور المهدي عن منبر السلام العادل وكثير هم أولئك الذين اتصلوا وبعثوا برسائل غاضبة ومن داخل المؤتمر الوطني.. ولكني اخترت هذه الرسالة التي تقول: «شطة صبحك الله بالنور عذراً لما قاله مندور وقاله غيره من جهابذة المؤتمر الوطني المنبطحين هذا لا يليق بالمنبر ونحن مؤتمر وطني وإذا كان المنبر الإسلامي والموج الهادر الذي يحرك فينا الغَيرة على ديننا عنصريًا فليشهد العالم كله أن المؤتمرين الحادبين على إعلاء راية الإسلام كلهم عنصريون عشتم ولا نامت أعين المنبطحين»إ.ه. الرسالة لا تحتاج إلى تعليق نشكر صاحبها الشجاع ونشكر الآخرين الذين اتصلوا أو أرسلوا رسائلهم.. وتعالوا معي أنقل لكم أيضاً ما قاله دكتور الحبر يوسف نور الدائم في إحدى مناسبات المنبر، قال بالحرف الواحد: «المنبر يمثل ترياقاً لسُّم زعاف إذ تنبذه بعض الجهات» ولم يقل إنه عنصري أو قبلي وكتب دكتور عبد الوهاب الأفندي يقول: «المنبر يستحق التكريم» إن على مندور أن يتجه بسهامه هذي إن كانت سامّة إلى بؤر الفساد والإفساد في ولايته وأن يدع أحاديث الصالونات وينزل إلى أحياء رعيته ليرى كيف قضى غلاء المعيشة وأزمة السكر على حياة الناس وأن يتجه إلى مراقبة بعض مؤسسات ولايته التي نقلت بعض موظفيها لبيع البيض والدواجن لبعض مزارع حلة كوكو بعد أن كانت سوقه رائجة داخل تلك المؤسسة وعلى مندور أن يدرك.. وهو يدرك أن المنبر ليس عنصريًا ولا قبليًا لكنه هو الذي أي المنبر فضح ما جاء في غياهب نيفاشا، وهو الذي قدم رؤية شجاعة لإنهاء أزمة العلاقة بين الشمال والجنوب، وهو الذي تصدى للقوات الدولية والجنائية الدولية بقوة وعزيمة.. وهو الذي دافع عن قضية أبيي وحقوق المسيرية هناك.. وهو الذي نبّه على المخاطر الأمنية التي تهدد الأمن القومي التي وردت في بنود نيفاشا.. وهو الذي أقام أكثر من ندوة علمية حول قضايا مشروع الجزيرة وقضايا الزراعة في السودان وقضايا مياه حوض النيل.. وهو الذي تصدى للحركات المسلحة والمتمردة والطابور الخامس وعملاء الوطن الأشرار.. وليعلم مندور المهدي.. وهو يعلم أن منبر السلام العادل هو الذي تصدى للشيوعيين والعلمانيين وهزم مشروعهم التآمري.. وهو الذي تصدى للمنظمات الأجنبية وفضح مواقفها الاستخبارية.. وهو الذي قاد حملة دعم ولاية جنوب كردفان إعلامياً وحملة إقصاء الحلو كونه طابوراً ودعم هارون وتلفون.. وهو الذي زار دارفور أكثر من مرة، وقدم ندوات ومحاضرات في عقيدة الولاء والبراء والانتماء للدين ونبذ القبلية والجهوية.. وهو الحزب الوحيد الذي قام بزيارة القوات المسلحة والمجاهدين في أحداث النيل الأزرق مؤازراً ومناصراً لها في خط النار وقدم بعض أعضائه إلى الصفوف الأمامية.. وهو الذي دعم مواقف القوات المسلحة وكرّم بعضاً من رموزها من قدامى المحاربين.. وهو الذي كشف النقاب عما جرى في سوق المواسير.. وهو الذي تصدى للوجود الأجنبي العشوائي ونبَّه ولا يزال يفعل على المظاهر الاجتماعية السّالبة.. وهو الذي دعم ترشيح البشير ليقطع الطريق أمام عدو المنبر والأمة عرمان وهو الذي أبرز قضايا الشرق في البحر الأحمر وكسلا والقضارف أكثر من مرة.. وهو الذي دافع عن قضايا المواطنين ومظالمهم أمام مؤسسات الدولة على سبيل المثال قضية صلاح عبدالله ضد الكاردينال وسبدرات.. وهو الذي دعم مفاوضات الدوحة إعلامياً.. وهو الحزب الوحيد الذي دعا إلي توحيد أهل القبلة بوسائل عملية.. وهو الوحيد الذي جمع صف العلماء حول التصدي للعلمانيين ومشروع السودان الجديد.. وهو الذي حرّض العلماء أيام الانتخابات ضد مشروع السودان الجديد.. وهو الذي قاد الدعوة الصريحة إلى تطبيق الشريعة.. ومنبر السلام العادل هو الوحيد الذي قدم طعناً دستورياً ضد تسجيل الحركة الشعبية في الشمال وقُبل الطعن.. وهو الوحيد الذي فتح بلاغات ضد الطابور الخامس تحت مواد الخيانة العظمى.. وهو الذي جمع عدداً كبيراً من العلماء لوضع دستور إسلامي للبلاد، وقد فعلوا ونُشر على صفحات «الإنتباهة».. وهو الوحيد الذي خاض الحرب على سفارات الطاغية القذافي وفرعون مصر المخلوعين.. وهو الذي.. وهو الذي.. ولا فخر ولا فخر فهذا هو واجبنا نحو أمتنا وشعبنا وبلادنا، ولكن فيعلم مندور المهدي.. وهو يعلم أن الحديث عن عنصرية المنبر وأنه قبلي، هذا قول ساقط ممجوج ظل يردده عرمان وباقان وعقار والحلو وبنو سجمان.. ويؤسفنا أن يأرز مندور المهدي إلى هذا الجحر الخرب.. ولكن على مندور المهدي أيضاً أن يعلم.. وهو يعلم أن الرأي العام الجماهيري في السودان يتحدث في كل مكان وأي زمان أن المؤتمر الوطني هو من عُرف في عهده صراع القبيلة والجهوية ووصلت هذه المثالب حتى مؤسسات الدولة في التوظيف والعمل.. والمنبر لا يمكن أن يصنف الناس لا بالمال ولا بوسائل الإعلام ولا بالسلطة، ولكن من يستغل موارد الدولة والشعب هو من يفعل ذلك.. عموماً ليس الخبر أن يقال عضّ كلبٌ رجلاً ولكن الخبر أن يقال عضّ رجلٌ كلباً.. ولنا عودة...