الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن حملت جماعة أنصار السنة المحمدية على أن ينصبوا في حوش الخليفة عبد الله التعايشي طيب الله ثراه «خيمة دعوية» تزامناً مع الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم في النصف الأول من شهر ربيع الأول من كل عام هجري، وبالطبع فإن الأولى في مثل هذه المناسبة العظيمة المعظَّمة أن تكون فيها الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن والقرآن يقول: «ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن».. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «انصر أخاك ظالماً ومظلوماً».. وهناك من هو ظالم لنفسه.. قال الله تعالى: «ودخل جنته وهو ظالم لنفسه».. وقال جلّ شأنه: «الذين ألبسوا إيمانهم بظلم».. وواجب المسلم تجاه أخيه المسلم أن ينصحه بما جاء في الكتاب والسنة، حتى تكون النجاة من مصير الذين ألبسوا إيمانهم بظلم. والسؤال هنا بعد هذه المقدمة التي نسوقها بعد «أحداث المولد» بحوش الخليفة عبد الله طيب الله ثراه هو لماذا طيلة السنوات الماضية لم يتعرض دعاة «أنصار السنة» لما تعرضوا له في موسم هذا العام؟! هم كل عام يشهدون هذا الموسم، ويشاركون فيه بالدعوة تحت شعار «ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن».. لعل الإجابة هي أن ما حدث لهم من اعتداءات وحرق وإتلاف لخيمتهم الدعوية جاء من تحميلهم مسؤولية محاولات مكافحة ظاهرة طقوس الأضرحة التي تعرضت للاعتداء من قبل شبان تجاوزوا الدعوة بالحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن، ولم يراعوا ردّات الفعل.. والمعروف أن أوّل المستنكرين والغاضبين هم «أنصار السنة»، وأوّل المتضررين قبل الصوفية وبصورة أسوأ من أصحاب «المنهج المستعجل» هم أنصار السنة، وهذا معلوم. لكن الآن لماذا يفعل بعض الناس في الاحتفال بالمولد بحوش الخليفة عبد الله طيب الله ثراه، ما فعله أصحاب «المنهج المستعجل» في بعض الأضرحة؟!.. ولماذا يكون الضحية هذه المرة هم دعاة «أنصار السنة» الذين يغيِّرون ما يرونه منكراً بلسانهم فقط، ويرون أن التغيير باليد هو من سلطة الرئيس عمر البشير فقط، كما كان من قبل من سلطة جعفر نميري رحمه الله، وقد أمر رحمه الله جماعة أنصار السنة المحمدية بزعامة الشيخ أبوزيد محمد حمزة بأن يُزيلوا ضريحاً يريد أن يبنى في مكانه قصر الشباب والأطفال شمال منطقة الجموعية الفتيحاب بأم درمان وقد فعلوا وفعل.. الآن لا فرق بين من اعتدوا على الأضرحة ومن اعتدوا على الخيمة الدعوية لجماعة أنصار السنة المحمدية. من حيث عدم توخي الحكمة والموعظة الحسنة.. أن أنصار السنة والصوفية والإسلاميين كانوا ضمن تحالف قبل حكومة نميري باسم جبهة الميثاق الإسلامي.. إذن جميعهم «إخوة»، وكان ذاك التحالف يشكل الحد الأدنى للاعتصام بحبل الله ونبذ التفرق.. وكان شيخ أبو زيد يقول حينها: «نصف إسلام خير من ربع إسلام، وربع إسلام خير من لا إسلام».. وأنصار السنة لا يتعاملون بالعنف الذي ينتهجه من اعتدوا على الأضرحة ومن اعتدوا على «الخيمة الدعوية» في حوش الخليفة.. ففي ماذا يمكن أن نحاكم «أنصار السنة» وفي ماذا ندينهم؟! اعدلوا هو أقرب للتقوى، وابحثوا مع الشرطة عن الجناة، ودعوا الدعاة في حالهم، سواء كانوا في خيمة دعوية أو غيرها؛ فأنصار السنة دعاة لا جناة.. إن الجناة هم من اعتدوا على الأضرحة ومن اعتدوا عليهم، إن أنصار السنة يعتدون على الأضرحة في القلوب بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن فلا تحرقوا خيمتهم بل ناقشوهم إن كنتم تملكون الحجّة القوية. «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين».