من أدب القرآن تعلمنا أن الحكمة مقدَّمة على الموعظة الحسنة «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، فالحكمة ملازمة للدعوة والمجادلة، والحوار من مستلزمات الدعوة، وفي القرآن نماذج للمجادلة والحوار، فقد حاور الله عز وجل الملائكة في «خلق آدم عليه السلام» وحاور الله عز وجل الإنسان «أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون» وحاور الله عز وجل الشيطان، «قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال فالحق والحق أقول، لأملأنّ جهنم منك وممّن تبعك منهم أجمعين»، فالموعظة الحسنة ما لم تقدَّم بحكمة يصحبها الهوى الصارف عن الهدى، انظر قوله تعالى:«وإنا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين» وهو يعلم أنه على هدى»، «إنما سلم لهم جدلاً» لئلا يغلق باب الحوار ويفوت عليه مبتغاه وهو سوق الخلق إلى الحق، وفي مشهد آخر يقول تعالى: «قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون» «سبا:25» انظر قوله «أجرمنا» بزعمهم وحاشاه وهم المجرمون ولم يجرمهم لأنه داع وليس قاضيًا وبمثل هذا ينجح الداعي ودعوته وما لم يكن ذلك كذلك فهي دعوة هوى ليس لله فيها حاجة ولا لرسوله فيها سنة. فنحن مأمورون بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن». أهل الكتاب الذين يقولون «إن الله ثالث ثلاثة» وفرعون الذي قال «أنا ربكم الأعلى» فمن يكون بعد هؤلاء؟!! لقد ساءنا ما شهده الناس في ساحة المولد بأم درمان من أحداث بين إخواننا الصوفية وأنصار السنة وجميعهم يعلم أن النهي عن المنكر إذا ترتب عليه منكر أكبر فإنه يُمنع.. كما في قوله: «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم». نحن في منظمة إعمار المساجد الخيرية ندعو إخواننا الصوفية وأنصار السنة لتجاوز الفتنة وإغلاق الباب في وجه الذين يريدون الاصطياد في الماء العكر، هم الذين حرضوا صبيانهم ليقذفوا الناس بالحجارة فليسوا هم بأنصار سنة ولا هم بصوفية!! إن المدرسة الصوفية والمدرسة السلفية ظلتا تتعايشان لمئات السنين من غير عنف أو صدام بخاصة «أهل العلم» فقد جلس الشيخ أبوزيد مع شيوخ الصوفية من أجل الذب عن بيضة الدين في السودان، وجلس أحد شيوخ الصوفية في مسيده يتقبل التعازي في وفاة الشيخ محمد هاشم الهدية، رئيس أنصار السنة المحمدية ولا يفوتنا أن نذكر رجل البر والإحسان الشيخ عمر الطريفي «أنصار السنة» الذي فاز في دائرة أبو حراز وود الأبيض بأصوات الصوفية بولاية الجزيرة. وحتى لا يجد أعداء الإسلام مدخلاً فإننا ندعو إخواننا أن تتقارب نفوسهم فهل يجمل بنا أن نستعدي خصوم الإسلام على الإسلام ودعاته!! يقول محمد إقبال الشاعر الهندي ألم يبعث لأمتكم نبي.. يوحدكم على نهج الوئام وقبلتكم ومصحفكم جميعاً.. منار للأخوة والسلام فما لنهار ألفتكم تولى.. وأمسيتم حيارى في الظلام وحسن اللؤلؤ المكنون رهن.. بصوغ العقد في حسن النظام فنرجو أن نسعى جميعاً لمنهج دعوة موحد يوائم بين الجماعات الإسلامية ويستوعب ما امتازت به من تخصصات.. إن هذا الدين واسع فأوغلوا فيه برفق. «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» صدق الله العظيم. منظمة إعمار المساجد الخيرية ربيع الأول 1433ه فبراير2012م