{ الخرطوم عندنا لها مذاق الملف المكتبي. { وأم درمان مذاق أيام الصبا وكوارتي وأبو العائلة وسيد خليفة. { وليس عندي كتاب عن العيلفون لكن عندي كتاب ضخم عن أم دوم. { وأم دوم لها مذاق الحزن. { والجنوب والموت وأم دوم والحزن أشياء عرفتها وأنا طفل. { وامرأة جالسة مع الأسرة تحدث عن الجنوب ومذبحة توريت وقتلى أم دوم. { وما كنا نعرف معنى كلمة جنوب ولا مذبحة.. لكني شرعت أبكي.. وبعنف جعل الحديث ينقطع. { وأم دوم تحتفل في الثامن عشر من الشهر هذا بشهدائها في الجنوب. { لا تحتفل بالبكاء.. فالعادة العربية هي أن الاحتفال بذكرى القتيل يتم بعد الثأر. { وأم دوم التي تحتفظ بالمواجع مشتعلة خمسين سنة تعيد الذكرى لتحتفظ بنيران الغضب .. والألم.. وتقف فوق قتلاها كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جثمان حمزة. { وتوريت تبقى هي سماء الغدر التي تقطر نذالة.. سماء لا تطوى حتى تطوى السماء. { وأم دوم تبقى هي سماء الثأر.. الذي لا ينطفئ أبداً. { ويوم نحكي حكايات ناس أم دوم في الجنوب.. واحداً واحداً فإن عالماً كاملاً من النبل والألم والخسة والرجولة.. والنذالة تفرد أوراقه. { وتوريت .. الثامن عشر من أغسطس.. عالم ينهض. { وأم دوم الثامن عشر من أغسطس 2011م عالم ينهض وتحية لشهداء أم دوم. «2» { وطبول ترزم حول الأستاذ علي يسن تزعم أنه أساء القول في حق المولى عزَّ وجلَّ. { وفي هامش الجدال نحدث من يحاورنا لنقول إنه الشاعر عبد الحي أستاذ الأدب بجامعة الخرطوم حين تفلت منه جملة مما يقوله الشعراء.. يجيبه الشاعر مصطفى سند بقوله : على الأدب.. إذا بلغ أعتاب القداسة أن يتأدب !! { وتوفيق الحكيم في نهاية عمره يهجر كل شيء إلى القرآن ويعكف على تجريد تفسير ابن كثير. { ثم يكتب حواراً طويلاً على صفحات «الأهرام» يقول فيه إنه قال لله سبحانه .. وإن الله قال له. { والشيخ الشعراوي يجيبه بقوله إن الله سبحانه لا ينسب إليه ما لم يقل. { والجدال مع الله ..الجدال في ذاته.. هو أول ما قصَّه كتاب الله سبحانه.. فالملائكة حين يحدثهم الله سبحانه بأنه سوف يخلق آدم يقولون : اتجعل فيها من يفسد فيها؟! { الملائكة هنا لا هم يستدركون على الله ولا هم يذكرونه سبحانه بما ينسى.. تعالى الله.. { بل { الملائكة يعلمون أن الله سبحانه يسمح لعباده بالتعلم. { ألا ترى أن الله سبحانه يقول للملائكة «وما كنتم تكتمون»؟ { هل شيء يكتم عن الله؟ { الكتمان هذا إذن ليس إلا نوعاً من الحياء.. والأدب.. { والحديث عن الله سبحانه إذن حديث له حدود وجلال. { لكن حديث الأستاذ علي يسن يصدر عن شخص نعرفه منذ عشرين سنة. { وما يطارده هو.. نوع رفيع من المعرفة بالله.. { والبحث يغمسه في تعامل غريب مع الأرقام يحصي فيه كم جاءت كلمة «الجنَّة» في القرآن .. مقارنة بكلمة النار.. ومثلها ومثلها. { وحديث المعرفة وذات المعرفة أشياء تقع ما بين هدير الصدَفة وهدير البحر. { وأنت تجعل صدفة البحر على أذنيك فتسمع هديراً مثل هدير البحر. { وأنت تنظر إلى البحر.. فترى وتسمع البحر الحقيقي. { وبعض العلم يشبه هدير الصدفة. { وأقعدوا في الواطة فما نعرفه هو أن الأستاذ علي يسن من أنقى الناس إيماناً. { وأصدقهم بحثاً عن الله. وعن رمضان والرقة وعبد الحي لا يخطر لنا اسم هذا الشاعر إلا وحكاية بديعة صنعها. { عبد الحي أستاذ الأدب الانجليزي في نهاية عمره ينغمس في تصوف مثقف. { وقبل الفجر، ولعله كان يصلي، يسمع جلبة أمام البيت . { وهناك يجد لصاً وشرطياً يتعاركان. { وعبد الحي يجلسهما على الأرض .. ولا الشرطي و لا اللص كان يعرف عبد الحي.. لكن العين تعرف الجلال. { والأنس يستمر حتى صلاة الفجر .. وصلاة إمامها عبد الحي والمصلون اللص والشرطي أمام الحوش. { ثم الشاي. { بعدها عبد الحي يأخذ على اللص عهداً وتوبة.. ويجعل الشرطي ينصرف. { لعل اللص لم يتب إلا ساعة، لكن كم هم الذين يتوبون لساعة واحدة وهم يسمعون خطابات العلماء.