لم أستمتع من قبل كما استمتعتُ بمشاهدة لقاء بثته فضائية ال «بي بي سي» مع الدكتور الترابي قبل أيام مضت، إذ كان الترابي كعادته يرسل حديثاً سلساً ساخراً وعميقاً ومباشراً بعض الشيء، ثم إن أكثر ما شد انتباهي في تلك المقابلة، هو تصويره لخلافه مع الإمام الصادق المهدي بأنه يأتي بعد أن اشتم الأخير رائحة نضوج «الكيكة» حين لاحت في خاطره مؤشرات زوال النظام، لذلك طفق يناطح ويصارع ويعرقل كل من يحاول تجاوزه وصولاً إلى الكرسي... كرسي الحكم!! ولم يكتفِ الترابي بهذا التخليص الضافي لجوهر خلافات قادة تحالف قوى الإجماع الوطني، بل تعدى ذلك بجرأته المعهودة، والتي أكد من خلالها أن الإمام الصادق يخشى أن يزج به في سجون النظام لجهة تحلق مريديه وأتباعه حوله طلباً لدفع ضُر قد أصابهم أو ضنك، أو ليأخذ بأيديهم إلى رحاب العافية ويجلب لهم الخير إن هو دعا بالخير لهم، ويخشى أن ينفضّ الناس من حوله إن هو حل ضيفاً على السلطان وتقيد بقيوده إلى حين، فكيف يُنتظر منه بعد ذلك خير وهو لا يستطيع أن يجلبه لنفسه؟، هكذا سوف يتساءل مريدوه وأتباعه... لذلك يقول الترابي: اختار المهدي المعارضة الناعمة والاعتدال في القول حتى وهو يهجو السلطان!! عجيب أمرك يا شيخنا، فهل ينتظر منك الإمام هذا كله بعد أن ألجمتكما «هالة عبد الحليم» بلجام الصمت؟ ووجّهت سهميكما نحو عدوكما المشترك... هالة التي فعلت ما لم يستطع فعله فاروق أبو عيسى، أم أنك تريد أن تقول يا شيخنا: إن الجهاد الأكبر يأتي دائماً بعد الجهاد الأصغر!! لكن الإمام الصادق المهدي، لا أظنه سوف يخصِّص خطبة الجمعة القادمة للرد على اتهامات الترابي كما فعل بالجمعة الماضية رداً على تعليقات العلماء والدعاة منسوبي الجماعات الإسلامية، وقد اعتبروا أن: «حديث الإمام بجواز صلاة المرأة مع الرجل جنباً إلى جنب كما في الحرم المكي، واعتقاده أن الحجاب عادة وليس عبادة، وجواز حضور المرأة لمناسبات عقد الزواج وتشييع المرأة للموتى ابتغاءً للثواب»، اعتبروا أنه خروج عن الدين... وكان قد رجح العلماء استبعاد كلمة «تكفير» واعتبار أن أقواله تلك أقوال كفرية وتُعد خروجاً على إجماع المسلمين وعبثاً بالدين وتطاولاً وإماتة لروح الإسلام، كما اعتبروا أنها أحد أهداف العولمة وتهدف لإطاحة قيم ومبادئ الدين..وكان الإمام قد دافع عن اجتهاداته محملاً الحكومة تطاول الأئمة والدعاة عليه وهدد بمقاضاتهم إذا لم يتراجعوا عن حديثهم ذاك.. أقول: لا أعتقد أن الإمام سوف يخصِّص خطبته القادمة للرد على اتهامات الترابي، ذلك لوعود قطعها الإمام في حضرة «هالة عبد الحليم»، بأنه لن يعود للمهاترات داخل الحوش، والإمام يحترم الوعود ويحترم المرأة... ثم إن هنالك أمرًا آخر يمنع الإمام.. لأنه سيد القوم... وسيدهم لا بد أنه «متغابي»!!