تهادوا تحابوا.. وكما للإهداء اتيكيت وفن كذلك لقبول واستقبال الهدية! وعظمة فعل التهادي أنه يمكن أن يكون في أغلى الأشياء وأبسطها، من الابتسامة إلى ما يكلف أرقامًا كبيرة، ومن الشيء المصنوع يدويًا ودون أدنى تكلفة! فقط ذلك الإحساس الرائع بالعطاء والعطاء المعنوي القيمة المعنوية في أشياء لا تقدَّر بثمن لدينا؛ نشرك فيها آخرين..ونحن في بلادي نتعاطى بشكل كبير مع هدايا «الموجب»!! وهو بالنسبة إلينا واجب لازم السداد وتكاد تختفي «لكنة» الود ويحل محلها الالتزام وكثيرًا ما تكون عبئًا ثقيلاً على كاهل البعض خاصة ذوي الدخل المحدود أو الشهري المقصِّر دومًا، وفي نظرية الموجب أنك تدفع أكثر من قيمة ما دُفع لك وفي أضعف الإيمان تعدلها قيمة مع اختلاف الصنف المقدم أو يكون المبلغ نقدًا في حالات معينة.. ولعل كل ذلك أننا نميل دومًا إلى تعقيد الأمور وبنية حسنة كثيرًا ما نتصرف تجاه أشياء بسيطة بتعقيد كبير! وهكذا الحال معنا في التعاطي مع التهادي ولذلك نهم كثيرًا عند ظهور بوادر مشروع هدية قادمة خاصة إن كان صاحبه من أصحاب الوزن الثقيل في العطاء والإهداء..! وللنساء في ذلك شأن كبير ويطول الرجل بشكل كبير وهو إما مجامل أو ملزم بالإنفاق ولا مناص!! وهنالك أصحاب النظرة الاستثمارية الذين يخططون عند تقديم الهدية وقيمة المهدى إليه فهدايا معينة لأناس معينين لأنهم يتطلعون إلى مضاعفة الأجر والقيمة عندما يحل موعدهم قريبًا.. وذلك كله يُخرجنا من مسألة الود التي نرجو ويحثنا عليها ديننا ويتحول الأمر إلى التزام وعبء ثقيل يصل إلى حد الأزمة المالية وأحيانًا الغبن من الهدية عندما لا تلائم مستوى الشخص أو عطاءه الأسبق!! وكثيرًا ما نعلق في تقديم هدايا الشفاء والولادة والعودة من السفر والمسكن الجديد وعند التدبر في معقولية التكلفة.. نعلق مع صناديق الحلوى والبارد؛ لأنها في متناول اليد ونختصر الحيرة في ما يمكن أن يقدم كهدية !! ودون أن نفكر في إمكانية أن يكون ضررها أكبر من نفعها نهديها!! ويحدث أن تتكدس عند صاحب مناسبة أو قادم من الحج صناديق حلوى ومشروبات غازية تملأ دكان، ولا يدري أهل البيت ماذا يفعلون بها إهداءها لآخرين أم التهامها حد الداء!