الفرنقبية واحدة من الألعاب الشعبية المنتشرة جداً بولايات دارفور، وهي من أروع الأغنيات التي قاومت الزمن وانتصرت على كل الحقب والعصور، وتعني الفرنقبية «غزلان جفلن أو شردن»، وهي لعبة تحاكي جري الغزلان وتلفتهن، وهذا يعني أن الفرنقبية لعبة شعبية بيئية، أي أخذت إيقاعاتها الموسيقية وحركاتها التعبيرية من الحيوانات وخاصة الغزال.للفرنقبية إيقاعات موسيقية رائعة تذوِّب الحواس وتأخذ الألباب، وحسب الواقع الاجتماعي لمجتمع دارفور، فإن الفرنقبية اشتهرت بها قبيلة الفور العريقة، ولكن نسبة للتداخل الثقافي والتصاهر بين قبائل دارفور أصبحت لعبة قومية وطقسًا من طقوس الأفراح بدارفور خاصة في مناسبات الأعراس والختان. وتختصر لعبة الفرنقبية في غالبها على النساء والفتيات والأطفال حيث تبدو في شكل كرنفال نسوي راقص تنكش فيه النساء والفتيات شعرهن، ومن ثم ينطلقن من أو «إلى بيت المناسبة»، وهن يركضن إلى مسافات طويلة ثم يقفن ليلعبن بشعرهن المنكوش ويملن رؤوسهن يميناً وشمالاً وفي أيدهن البراتيل «جمع برتال» في حركات تشبه «بالضبط» حركات الغزلان.. وسط أهازيج، وزغاريد الفتيات وإيقاعات النقارة. وأثناء جريهن يدخلن بيوت أقارب العريس وجيرانه ومعارفه، حيث ترشهن صاحبة الدار بالعطور والماء البارد و«تنقّط» عليهن الجنيهات وتطلق عليهن زغرودة الرضا والفرح وتسير معهن مسافة من بيتها ومن ثم ترجع أو تواصل معهن المسير. وهذه اللعبة أصبحت منتشرة بصورة لافتة في كل مدن وأرياف دارفور.. وقد شُيّدت على موسيقاها عددًا من الأغنيات الدارفورية الجميلة، منها على سبيل المثال لا الحصر أغنية «تقولوا أنحنا فقارى.. والما عندنا مالو ليه» التي يشدوا بها الفنان يوسف باب الله، وأغنية «أبا قال جوزوني بنيّة.. وخالي قال كلتومة صغيرة» وأغنية «قميّرية طِيري فوق.. الشرك قبضا» وأغنية «نصاري تُرك ظلمونا كن ما دُنيا دولة هنانا» التي صاغ كلماتها الشاعر الراحل، والمربي الفاضل التيجاني محمد خير، بل استفاد الموسيقار حافظ عبد الرحمن من إيقاع الفرنقبية ووظفه شعاراً لإذاعة نيالا والذي يستمع إليه أهل دارفور يومياً عند بداية البث ولمدة خمس دقائق، وغيرها من الأغنيات الرائعات التي استوعبها إيقاع الفرنقبية. وبهذا الانتشار أصبحت الفرنقبية لعبة شعبية لها أبعاد اجتماعية وثقافية وسياسية، وذلك لاستطاعتها توحيد وجدان المجتمع الدارفوري، من خلال دخولها لكل منازل الأسر الدارفورية.