للحكاية بقية: يروي بعضا منها :الهميم عبد الرزاق أحمد في إطار سعيها لإسقاط الحكومة في الخرطوم عمدت جوبا إلى إيقاف ضخ النفط حتى يتأثر الاقتصاد السوداني بذلك ولكنها لم تكن تعلم أن تلك الرصاصة كانت مصوّبة الى صدر الحكومة في جوبا، فبعد ان كان المسؤول بحكومة الجنوب باقان اموم يتهم الحكومة بالمشاركة في حرب اقتصادية عليهم هاهي جوبا تحارب نفسها اقتصاديًا بعد قرارها الذي تعددت اوصافه في تحليلات خبراء الاقتصاد. ورأى محللون ان الجنوب يجازف ببقائه واستقراره بالصراع مع السودان حول النفط ووصفوا قراره بإيقاف النفط بالانتحاري حيث قالت الأممالمتحدة ان قرار جوبا بوقف النفط واصرارها على عدم التوصل لاتفاق حوله سيجعل سكانها يعتمدون على المساعدات الغذائية، ووصفت وكيل الأمين العام للشؤون الانسانية فاليري اموس الوضع في الجنوب بانه بالغ الخطورة وقالت: «احتمال ان تشهد دولة الجنوب تراجعًا خطيرًا احتمال واقعي تمامًا» وبعد زيارة لها لبيبور بولاية جونقلي بداية الاسبوع الماضي قالت: «إذا توقف إنتاج النفط فعلاً سيشعر كثير من الناس بالآثار وستزداد الاحتياجات الانسانية حتمًا» واشارت الى ان الجهود المشتركة للحكومة ووكالات المعونة والمانحين لن تكفي. وكانت الخرطوم أكدت على لسان الرئيس البشير ووزير الخارجية على كرتي أنها تعاملت وتتعامل مع حكومة الجنوب بمسؤولية رغم علمها بنوايا جوبا واصرارها على اسقاطها عبر قرار ايقاف النفط وقال البشير: «نحن تعاملنا معهم باعتبارنا اصحاب المسؤولية الاخلاقية الاكبر وربما شعروا بأن ذلك نقطة ضعف» وأضاف: «اخوانا في الجنوب دائمًا حساباتهم خاطئة» ورأى البشير أن جوبا في إطار تحقيق اجندتها اصبحت غير مهتمة بالمواطن ومعاشه، وأشار الى وجود مجاعة الآن في الجنوب وقال: «إن الذرة الذي يهرّب عبر الحدود يباع بثلاثة اضعاف سعره الحقيقي» بينما قال كرتي: «اذا السودان ان فكر في اذية الجنوب فان الوسائل لا تُحصى ولا تُعد» وأضاف ان الجنوب الآن يعيش على الشمال واردف: «أموم اول من صرخ بأن السودان يمارس الحصار على الجنوب ويتّبع سياسة تجويعه». خطورة الوضع في الجنوب جاءت من حكومة جوبا نفسها حيث لم يخف وزير مالية الجنوب ماريال او يول تخوفه من أن يتسبب وقف النفط في رفع التضخم وإحداث البلبلة والاضطرابات في الشارع الجنوبي في حال عدم ايجاد بدائل تسند عملة بلادهم، وقال ماريال لرويترز: «اذا خسرنا 98% من عائداتنا التي هي من النفط فمن المؤكد انه لن تكون لدينا دولارات لدعم العملة وان قيمتها ستضعف اذا توقفت الدولة عن دعمها الامر الذي سيزيد من التضخم مما قد يتسبب في اضرابات. وكان رئيس دولة الجنوب الفريق سلفا كير لدى اعلانه ايقاف ضخ النفط وجه المسؤولين إلى البحث عن موارد بديلة للبترول الذي يعتمدون عليه اعتمادًا كبيرًا تصل نسبته الى 98% يذهب معظمها إلى الأمن والتسليح ومرتبات الجيش الشعبي الذي يقدر عدد قواته بنحو مائتي الف جندي مازالت تسيطر عليهم عقلية التمرد ويثورون لمجرد تأخر مرتباتهم التي يعتمدون عليها في معاشهم الامر الذي وصفه البعض بالمهمة الصعبة على جوبا اذا خرج هؤلاء عن طوعها وهو المتوقع بما اشار اليه وزير ماليتهم. ورأى مدير الائتلاف الاوروبي للنفط في السودان ان تدني موارد جوبا المالية سيحول دون قدرتها على احتواء التمرد سواء مولته الخرطوم ام لم تموله وقال الباحث في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية لوك باتي «ان افضل سيناريو على الصعيد الاقتصادي بلا شك هو ان يكف الجنوب عن مشروعاته غيرالواقعية ويتوصل الى اتفاق مع السودان يسمح ببيع نفطه عبر الشمال» وهو ما ظل يقوله برلمان الجنوب مرارًا قبل ان يذعن لقرارات الحكومة التنفيذية.. ولكن رغم كل تلك التحذيرات لا تزال حكومة الجنوب في اصرارها على المضي قدمًا في قرارها وتضرب بتلك التحذيرات عرض الحائط إذ قال باقان اموم «سنفاجئهم .. وسيشهد التاريخ لنا بذلك». فبعد كل ذلك من الخاسر اولاً جوبا ام الخرطوم؟؟ ربما لن تكون الإجابة بعيدة اذا لم يتوصل الطرفان لاختراق جديد في اديس ابابا هذه المرة!!