غادر الرئيس السوداني عمر البشير، معهد التدريب القضائي بضاحية اركويت شرق الخرطوم مقر أولى جلسات محاكمته، الى سجن كوبر وسط حراسة عسكرية كبيرة لعدد من مركبات الحراسة، وبينها 3 مركبات مزودة ببنادق رشاشة ثقيلة. وظهر عمر البشير، والذي حكم نظامه الإسلامي العسكري السودان لمدة 30 عامًا، في قاعة المحاكمة، اليوم الاثنين في قفص الاتهام مرتديا جلبابا أبيض تقليديا وحليق الوجه وهو يبتسم ويلوح للحضور، وسط هتافات أقاربه في قاعة المحكمة "الله أكبر"، ورد عليهم بالكلمات نفسها. ورصدت الصور البشير في أوضاع مختلفة بعضها حيا فيها الحضور، وأخرى ظهر مبتسماً، بينما في أخرى ظهر محاولاً الحديث مع محاميه . وتحدث البشير ليؤكد اسمه وسنه. وعندما سئل عن مقر إقامته قال ضاحكا : "سابقا حي المطار، مقر القيادة العامة. والآن سجن كوبر". ودافع الرئيس السوداني المعزول، عن نفسه إن المبالغ التي عُثر عليها بحوزته وتبلغ 25 مليون دولار، لا علاقة لها بالدولة، وتلقاها من دولة عربية . بيد أن وكالة الانباء الألمانية "د ب أ" ذكرت أن المتحري في قضية اتهام البشير كشف أن الأخير أفصح عن مصدر جزء كبير من الأموال التي عثر عليها في منزله، حيث أقر باستلامه 90 مليون دولار من السعودية ومليون دولار من الإمارات. وقال العميد شرطة أحمد علي في بدء جلسات محاكمة البشير، إن الرئيس المعزول أبلغه أن الأموال "قام بتسليمها عدد من الموفدين من محمد بن سلمان". وأخبر المحقق المحكمة أنه تم العثور على ما يقرب من 7 ملايين يورو في منزل البشير، وعلى مبالغ متواضعة بالدولار الأميركي والجنيه السوداني. وأضاف "أخبرنا المتهم (في إشارة للبشير) أن الأموال كانت جزءا من مبلغ 25 مليون دولار ارسلت إليه من الأمير محمد بن سلمان لاستخدامه خارج ميزانية الدولة". وقال أيضا إن البشير أخبر المحققين أنه حصل على دفعتين بمبلغ 35 و30 مليون دولار من الملك عبد الله، العاهل السعودي الذي توفي في عام 2015. بيد أن الرئيس المعزول قال إن الأموال السعودية صرفت ولكنه لا يتذكر كيف. ولم يرد مكتب الاتصال الحكومي السعودي بعد على طلب للتعليق بشأن شهادة المحقق. وأضاف الرئيس المعزول الذي أطيح به من السلطة في أبريل وتحتجزه السلطات منذ ذلك الوقت في سجن كوبر أن هناك مليون دولار أخرى في مظروف تسلمها من رئيس دولة عربية أخرى ولم يصرفها، ولا يذكر هوية الشخص الذي سلمها إليه. وتابع أن هنك مبالغ صرفت في أعمال خيرية، وأنه لا يعرف أوجه صرفها لكن هناك سجل دونت فيه تلك الأوجه. وبشأن ممتلكاته، قال المخلوع إن لديه منزل في حي كافوري ومزرعة وشقة، وأن زوجته تمتلك قطعتي أرض في الحي ذاته، وأنها قامت ببيع سيارتها لتشتريهما. وتتكون هيئة محامى البشير من 97 محاميًا على رأسهم أحمد إبراهيم الطاهر، وهو قيادى فى المؤتمر الوطنى المحروم من المشاركة السياسية خلال الفترة الانتقالية. ورفض محاميه تلك الاتهامات وقال للصحفيين بعد الجلسة إن من الطبيعي أن يحوز الزعماء مبالغ من النقد الأجنبي. وقال رئيس هيئة الدفاع أحمد إبراهيم "لا توجد بيانات أو أدلة بخصوص تهمة الثراء الحرام الموجهة للبشير . أي شخص في وظيفة البشير أن يكون هناك لديه نقد أجنبي وكانت في غرفة ملحقة بمكتبه في السكن الرئاسي". وفي وقت سابق، تأجلت محاكمة البشير من يوم السبت إلى الإثنين، لتزامنها مع التوقيع النهائي على وثائق الحكومة الانتقالية في السودان. ويواجه البشير جملة من الاتهامات تندرج ضمن مواد النقد الأجنبي، والثراء الحرام، ومخالفة أمر الطوارئ. ورفضت النيابة السودانية، في يونيو الماضي، محاولة هيئة الدفاع عن البشير نفي الاتهامات عن موكلها.