تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر أمام مجلس الأمن: نواجه تهديدا وجوديا بسبب بناء كيان هائل على نهر النيل

أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر "الأمة التي يتجاوز تعدادها أكثر من 100 مليون نسمة، تواجه تهديدا وجوديا ببناء كيان هائل على الشريان الذي يهب الحياة لمصر" في إشارة إلى إقامة إثيوبيا لسد النهضة على النيل الأزرق.
وأضاف شكري – في كلمة أمام جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقد /الخميس/؛ لمناقشة أزمة سد النهضة الإثيوبي، بناء على طلب مصر والسودان – أن "هذا البناء ارتفع بجدار ضخم من الحديد والفولاذ بين ضفتي نهر عظيم وعريق، ملقيا بظلاله على مستقبل ومصير الشعب المصري ومع كل حجر في البناء يعلو سد النهضة الإثيوبي ليتسع خزانه ليضيق على شريان الحياة لملايين الأبرياء الذين يعيشون من بعد هذا السد على مجرى نهر النيل".
وقال وزير الخارجية المصري إن مصر لجأت إلى مجلس الأمن الدولي، في 29 يونيو من عام 2020؛ لتحذر المجتمع الدولي من هذا الخطر المحدق الذي يلوح في الأفق، ونبهت بقرب وقوع الملء الأول لهذا السد الإثيوبي، وحذرت من مغبة السعي لفرض السيطرة على نهر يعتمد عليه بقائنا".
وأضاف شكري: "ناشدنا مجلس الأمن للعمل – بكل جهد ودأب – لتجنب تصاعد التوتر، الذي يهدد السلم في إقليم هش، ودعونا أشقائنا إلى التحلي بالمسؤولية، والاعتراف بترابط وتشابك مستقبل ثروات شعوبنا".
وتابع وزير الخارجية المصري سامح شكري أنه "بعد بضعة أيام من جلسة مجلس الأمن، العام الماضي؛ شرعت إثيوبيا في الملء المنفرد لسد النهضة، وأعلن وزير خارجيتها – بعجرفة وتكبر – أن (النهر تحول إلى بحيرة، وأن النيل ملك لنا)".
وأشار شكري إلى أن رد فعل مصر إزاء هذا "الاعتداء" اتسم بضبط النفس واتباع طرق السلم والأمن؛ للتوصل لتسوية لهذه الأزمة من خلال اتفاق منصف يحفظ حقوق الأطراف الثلاثة.
وتابع: "أن مصر تبنت – بصدق – مبادرة رئيس الاتحاد الإفريقي لإطلاق مفاوضات تحت رعاية الاتحاد، وأن مصر انخرطت – على مدار عام كامل – في المفاوضات التي عقدها الاتحاد، وأدارها أشقاؤنا الأفارقة؛ لصياغة حل أفريقي لهذه الأزمة الصعبة الشاقة.
وأكمل: "رغم ذلك باءت كل هذه المفاوضات بالفشل، وبعد عام من المفاوضات غير المثمرة؛ نجد أنفسنا في مواجهة المسلك الإثيوبي الأحادي دون اتفاق يضمن حماية شعوب دولتي المصب من مخاطره، وهو ما تجلى في إعلان إثيوبيا يوم 5 يوليو 2021 البدء في الملء الثاني للسد بشكل أحادي ودون اتفاق".
وأكد شكري أن هذا السلوك الفج لا يعكس فقط انعدام المسؤولية لدى الجانب الإثيوبي، واللامبالاة تجاه الضرر الذي يلحقه ملء هذا السد على مصر والسودان، لكنه يمثل سوء النية من إثيوبيا والجنوح لفرض أمر واقع على دولتي المصب في تحد سافر للإرادة الجماعية للمجتمع الدولي، والتي جرى التعبير عنها، وتجسدت في عقد هذه الجلسة لمناقشة هذه القضية واتخاذ إجراءات حاسمة بشأنها.
وقال شكري إن هذا النهج الإثيوبي – وتصرفاتها الأحادية المستمرة – يفضح تجاهلها وازدراءها لقواعد القانون الدولي، حيث إنها لا تلقي بالا لمجلس الأمن.
وتابع أن هذه التصرفات الأحادية الإثيوبية المستمرة تكشف أهدافها السياسية الحقيقة، التي ترمي إلى أسر نهر النيل، والتحكم في تحويله من نهر عابر الحدود إلى أداة سياسية، لممارسة النفوذ السياسي وبسط السيطرة؛ وهو ما يهدد بتقويض السلم والأمن في المنطقة.
وأضاف: "لهذا؛ اختارت مصر – مجددا – طرح القضية أمام مجلس الأمن جراء التصرفات الأحادية المستمرة من جانب إثيوبيا والإخفاق المتواصل للمفاوضات مع غياب أي مسار فعال وجاد في هذا المنعطف لتحقيق تسوية سياسية لهذه القضية الحيوية وهي اعتبارات دفعت مصر لمطالبة مجلس الأمن بالتدخل الفعال لمنع تصاعد التوتر ومعالجة هذا الوضع، الذي يمكن أن يعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر، وهو منصوص عليه في المادة 34 من ميثاق الأمم المتحدة".
وأردف وزير الخارجية المصري قائلا: "جاءت مصر إلى مجلس الأمن من منطلق إيمانها الراسخ بالقانون الدولي واقتناعها المتأصل بأهمية وفاعلية العمل المتعدد الأطراف كأداة لتعزيز السلام ومنع الصراعات والنزاعات والتزامها بالمبادئ، التي أرساها وقام عليها ميثاق الأمم المتحدة.
وأعرب وزير الخارجية المصري عن ثقته التامة في قدرة مجلس الأمن على الاضطلاع بمسؤولياته بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين من خلال اتخاذ ما يلزم من تدابير لمعالجة أزمة السد الإثيوبي.
وقال الوزير شكري إنه "انطلاقا من حقيقة الفوائد الكبرى التي يسديها مجلس الأمن الدولي، للإنسانية؛ تكمن – في سلطته وقدرته – التحرك بشكل استباقي لحماية وصون السلام وليس لإحجام حقوق الدول وبقائها للتهديد".
وأضاف شكري أن مصر انخرطت – بفاعلية على مدار عقد كامل – في مفاوضات السد الإثيوبي، ورغم شروع إثيوبيا بشكل منفرد في بدء تشييد هذا السد بالمخالفة للالتزامات الدولية المفروضة عليها كدولة منبع؛ يتعين عليها الإخطار المسبق والتشاور مع دول المصب.
وأكد وزير الخارجية المصري أن مصر سعت للتوصل إلى اتفاق يضمن حقوق الدول الثلاث، ويعزز من مصالحها المشتركة، وتابع "كان يحدونا الأمل – ولا يزال – في التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا؛ يمكن إثيوبيا من تحقيق أهدافها التنموية المرجوة والمتمثل في توليد الطاقة الكهرمائية في أقرب وقت وبفاعلية وعلى نحو مستدام ويعكس دعم مصر لاستقرار إثيوبيا ورفاهية شعبها".
وشدد على أن سياسة مصر الثابتة تركز على تعزيز وزيادة فرص التعاون المشترك مع أشقائنا من دول حوض النيل، مؤكدا أن أي "اتفاق قد نصل إليه حول السد الإثيوبي؛ يجب أن يكون منصفا ومعقولا وملزما قانونا، ويتضمن تدابير إجراءات لتفادي تأثيراته السلبية على دولتي المصب، وذلك خاصة في فترة الجفاف ومنع أي أضرار جسيمة بالمصالح المائية لكل من مصر والسودان، وضمان صون أمن وفاعلية وكفاءة التشغيل لسدود دولتي المصب، وعدم تعرض أمن مصر المائي للخطر جراء ملء وتشغيل هذا السد الذي يمثل أكبر منشأة كهرمائية في أفريقيا".
وقال وزير الخارجية المصري: "علينا أن نعي أن تحقيق المراد من إبرام اتفاق عادل ومتوازن بشأن السد الإثيوبي؛ لا يعد أمرا بعيد المنال أو غير قابل للتحقيق، خاصة إذا أدركنا أن الإخفاق المستمر للمفاوضات لا يرجع إلى غياب الحلول العلمية السليمة للأمور الفنية العالقة أو لغياب الخبرة القانونية المطلوبة لصياغة اتفاق في هذا الشأن".
وأشار شكري إلى أن السبب الأوحد للفشل والإخفاق المستمر هو التعنت الإثيوبي، والذي ظهر جليا في خطاب وزير الخارجية الإثيوبي الموجه إلى مجلس الأمن، في 23 يونيو الماضي، والذي ذكر فيه أن (ملء وتشغيل سد النهضة، هو مجرد ممارسة للحد الأدنى من حقوق إثيوبيا السيادية كدولة مشاطئة في مجرى مائي دولي)".
وقال وزير الخارجية المصري إن فحوى هذه العبارة ومضمونها يجسد أساس وسبب المشكلة التي نحن بصددها، ويكشف عن حقيقة جلية أن مرجع ومصدر هذه الأزمة سياسي بامتياز، ويكشف هذا عن أن إثيوبيا تتصرف من منطلق فرضية أن انخراطها في المفاوضات؛ إنما يأتي من باب المجاملة أو المن، حيث دأبت إثيوبيا على تجاهل حقائق الجغرافيا، من خلال التوهم أن النيل الأزرق هو نهر داخلي يمكن لها استغلاله لمصلحتها الحصرية.
وأضاف أن إثيوبيا تعارض أن يتضمن الاتفاق، أحكام ملزمة لتسوية المنازعات، وتصر – في المقابل – على صياغة الاتفاق بالشكل الذي يضمن لها اليد العليا وتعديله وتغييره كيف ما تشاء.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن إثيوبيا سعت لتبرير مواقفها غير المنطقية عبر التذرع بحجج واهية كالتعرض لظلم جراء ما تطلق عليه الاتفاقيات الاستعمارية أو الوضع القائم غير منصف، وهي أمور لا تمت للواقع بصلة.
وأضاف شكري أن إثيوبيا لم تكن في يوم من الأيام مستعمرة، كما أنها لم تبرم أي اتفاقية تتعلق بالنيل، تحت الإكراه أو أقصر، كما أن مصر لم تعارض مطلقا حق إثيوبيا في استغلال موارد النيل الأزرق.
وأكد أن ما تنتظره مصر بل، وتطالب به، أن تمتثل دولة المنبع التي تشاركنا نهر النيل للالتزامات القانونية والمفروضة علينا، والتي تقتضي منع إلحاق الضرر الجثيم بمصالح وحقوق جيرانها من دول المصب.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن إثيوبيا عبرت عن توجهها بشكل لا لبس فيه في خطاب لوزير مياهها في 8 يناير 2021، حيث ذكر فيه أنه "لا يوجد أي إلزام على أثيوبيا سواء بموجب القانون أو الممارسة للتوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب لتشييد سد النهضة أو أي مشروعات مائية مستقبلية".
وأضاف أن إثيوبيا وضعت هذه السياسة موضع التنفيذ حينما أعلن رئيس وزرائها في 30 مايو 2021 أن بلاده تخطط لتشييد ما يزيد عن مائة سد خلال العام المالي القادم، حيث تم الإعلان عن هذا الأمر دونما أي إشارة ولو عابرة لحقوق ومصالح الدول المشاطئة للأنهار الدولية النابعة من إثيوبيا، وكأنها تمتلك حقوق ملكية حصرية لنهر النيل والأنهار الأخرى التي تتشارك فيها مع جيرانها، وهو الأمر الذي كان جلياً في الضرر الذي ألحقته أثيوبيا ببحيرة توركانا في كينيا.
وتابع: "بالرغم مما أبدته وتبديه أثيوبيا من سوء نية وإصرارها على اتباع سياسات أحادية الجانب، فقد استمرت مصر في التفاوض استناداً لحسن النية وتوافر إرادة سياسية جادة للتوصل إلى اتفاق عادل.
وأكد أن مصر لم تألو جهداً على مدار عقد كامل في استشراف كل السبل واستنفاد كافة الفرص نحو التوصل إلى اتفاق يمكن أثيوبيا من ملء وتشغيل السد بالتوازي مع الحد من الآثار والتداعيات السلبية على دولتي المصب، وهو الاتفاق الذي من شأنه أن يكون أداة للتعاون الإقليمي والتكامل ويدشن عهداً جديداً من التآخي بين الدول الثلاث.
وقال: "لقد سعينا للتوصل لهذا الاتفاق على مدار سنوات من المفاوضات الثلاثية غير المجدية والتي نجحت إثيوبيا خلالها في نسف كل جهودنا الرامية لإجراء دراسات مشتركة حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية للسد وتقييم مضاره البيئية، إلا أنه ونتيجة لعرقلة إثيوبيا لكافة تلك المساعي فلم يعد لدينا دراسة علمية محايدة ومشتركة حول الآثار السلبية لهذا السد الضخم".
وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن مصر قبلت الدعوة للمشاركة في مفاوضات برعاية الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، والتي انخرطت فيها إثيوبيا، بشكل كامل وبحرية مطلقة، والتي تم خلالها – وبعد اثنتي عشرة جولة من المفاوضات المضنية، بلورة اتفاق شامل حول ملء وتشغيل السد، وهو الاتفاق الذي وقعته مصر ورفضته إثيوبيا.
ولفت إلى أن مصر انخرطت – أيضا – في مفاوضات دعا إليها دولة رئيس وزراء جمهورية السودان الشقيقة، والتي على الرغم من التقدم الذي نجحت في إحرازه، فقد قوضتها أيضاً إثيوبيا في النهاية بالإصرار على تعنتها، مضيفة أن مصر شاركت كذلك بفاعلية على مدار عام كامل منذ انعقاد الجلسة السابقة لمجلس الأمن حول هذه القضية في المفاوضات التي عقدت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
وأكد أن انخراط مصر في تلك المفاوضات جاء من منظور ساده التفاؤل والإيمان بقدرة أشقائنا الأفارقة على تسهيل التوصل لاتفاق حول السد.. وقال "كما اجتهدنا من أجل تنفيذ المخرجات والتوجيهات الصادرة عن اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي على مستوى القمة للتوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد، ورحبنا بالانخراط البناء لشركائنا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في هذا المسار".
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن مسار المفاوضات الذي يقوده الاتحاد الأفريقي في التوصل للاتفاق المنشود، أخفق بعد مرور عام من المفاوضات المتعثرة، رغم كل المساعي الحميدة والجهود الدؤوبة لرئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدى خلال رئاستهما للاتحاد الإفريقي.
وتابع: إن الدول الثلاث لم تتمكن من تنفيذ مهمة بسيطة تتمثل في صياغة مسودة أولية؛ تتضمن رصداً لمواقف الدول الثلاث في المفاوضات، وتم استغراق العديد من الأسابيع في اجتماعات افتراضية غير مجدية وخلافات حول أمور هامشية تتعلق بالإجراءات، وما يثير مزيداً من القلق هو أن إثيوبيا عمدت على إخراج المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي عن مسارها، وسعت – مراراً وتكراراً – لتوجيه المفاوضات على نحو مغلوط للتوصل لتفاهمات غير ملزمة تقتصر على قواعد ملء السد أو لتعيين نقاط اتصال لتبادل البيانات الفنية.
وأضاف: "على الرغم مما قد تبدو عليه تلك الأفكار من وجاهة ظاهرية لغير الخبراء؛ فإن حقيقة الأمر أنها في جوهرها تخالف توجيهات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي على مستوى القمة التي نصت وبجلاء على أنه يتعين على الدول الثلاث التوصل لاتفاق شامل على القواعد الحاكمة لعمليتي الملء والتشغيل لهذا السد".
وأشار إلى أن الأثر الفعلي لهذه المقترحات الأثيوبية هي تجريد دولتي المصب من أي حماية مجدية ضد الآثار السلبية للسد، ومنح إثيوبيا حقا مطلقا لملء خزان السد وتشغيل توربيناته العملاقة دون الالتزام بأي قواعد أو إجراءات يكون من شأنها تخفيف التداعيات السلبية لهذا السد وتنظيم عملية تشغيله، وهو ما يشكل خطراً جسيماً على حقوقنا ومصالحنا الحيوية.
وأردف: على الرغم مما تزعمه أثيوبيا من استعداد لتقبل دور أكبر لشركائنا الذين حضروا المفاوضات التي عقدت برعاية الاتحاد الأفريقي كمراقبين، فإن حقيقة الأمر أن إثيوبيا رفضت خلال الاجتماع الوزاري الأخير الذي عقد في كينشاسا خلال الفترة من 4-6 أبريل 2021 بناء على دعوة كريمة من الرئيس فيليكس تشيسيكيدى، كل مقترح تقدمت به مصر والسودان بهدف تعزيز العملية التفاوضية التي يقودها الاتحاد الأفريقي ومنح دور اكبر لشركائنا لمساعدتنا في التوصل لاتفاق حول السد.
وقال: "عليه، أجد أنني – للأسف – مضطر لأن أخطر مجلس الأمن أن المسار التفاوضي الذي يقوده الاتحاد الأفريقي – في صيغته الحالية- قد وصل لطريق مسدود؛ فقد تم استنزاف عام كامل في مفاوضات غير مثمرة، بينما استمرت إثيوبيا في بناء السد ووصلت الآن إلى نقطة الاستمرار في ملء الخزان من جانب واحد".
ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن إثيوبيا استمرت في تبني موقفٍ متعنتٍ طوال هذا المسار الشاق والمعقد وفي مراحل المفاوضات كافة، كما رفضت المقترحات والأفكار التي قدمتها مصر، والتي كان من شأنها ضمان قدرة إثيوبيا على توليد الطاقة الكهرومائية بأعلى مستويات ومعدلات الكفاءة مع توفير الحماية لدولتي المصب من أخطار هذا السد، كما أبت إثيوبيا الموافقة على أية حلول أو مقترحات توافقية قدمها شركاؤنا الدوليون، واستمرت في تبني مواقف صِيغت بغرض تفادي وتجنب تحملها لأي التزام لحماية حقوق مصر والسودان أو حتى توفير الحد الأدنى من الضمانات لهما.
وقال إن جميع المحاولات لرأب الصدع وبناء الثقة بين دولنا باءت بالفشل؛ رغم توقيع اتفاق إعلان المبادئ عام 2015؛ للتأكيد على التزامنا بالتوصل إلى اتفاق عادل ومنصف هذا الخصوص، كما قدمنا خطة لإنشاء صندوق مشترك لتمويل مشروعات البنية التحتية بهدف توسيع آفاق التعاون بين بلادنا، بل أننا اقترحنا المساهمة في تمويل هذا السد الإثيوبي بغية تحويل هذا المشروع إلى رمز للصداقة والأخوة بين شعوبنا، كما اقترحنا مد خطوط الكهرباء المصرية للمساهمة في إمداد إثيوبيا بالطاقة لدعمها في مسعاها لتحقيق التنمية، ورغم كل ذلك، تظل إثيوبيا على تعنتها وصلفها.
وقال وزير الخارجية المصري إن دولتي المصب أضحتا أكثر عرضة الآن لمخاطر سد النهضة، حيث إنه لا يوجد لدينا أية ضمانات مؤكدة بشأن أمان هذا السد وسلامته الإنشائية، وهو ما يعد حكماً فرضته علينا إثيوبيا بأن يعيش أكثر من 150 مليون من السودانيين والمصريين تحت تهديد محدق نتيجة لهذا السد الضخم وبحيرته العملاقة التي ستخزن 74 مليار متر مكعب من المياه دون وجود ما يطمئننا اتصالاً بسلامة السد وأمانه، كما لا توجد لدينا أية ضمانات ضد الأضرار التي لا يمكن حصرها التي قد تنجم عن ملء وتشغيل السد أثناء فترات الجفاف التي قد تقع مستقبلاً.
وأضاف: "فعندما تأتي السنوات العجاف وينضب النهر... وتتشقق الأرض تحت الشمس الحارقة... وتتعرض حياة الملايين من المصريين للخطر... تتنعت إثيوبيا وتصر على احتباس النهر ومنع تدفقه لتروي ظمأ دول وشعوب المصب، وهنا يكمن لب المشكلة التي نواجهها اليوم".
وأكد أن كل ما طالبت به مصر وسعت إليه هو اتفاق ملزم يتضمن وسيلة للتأمين ضد الآثار الضارة هذا السد الإثيوبي على أمنها المائي، وقال "سعينا لتحقيق ذلك من خلال وضع آلية تستطيع الدول الثلاث بموجبها التعاون سوياً لتحمل مسئولية التبعات التي قد تسببها فترات الجفاف في المستقبل.. وللأسف، فلا تزال إثيوبيا مصممة على رفض أي اتفاق يمكن أن يوفر وسيلة مجدية لحماية مصالح دول المصب.
وأردف "ليس من قبيل المبالغة أو التهويل أن أؤكد أن سد إثيوبيا يمثل تهديداً وجودياً حقيقياً لمصر؛ فدراساتنا العلمية تؤكد أن هذا السد العملاق قد يتسبب في أضرار لا تعد ولا تحصى بالنسبة لمصر. وعلى الرغم من كافة الإجراءات الوقائية التي اتخذناها تحسباً للملء الأحادي لهذا السد ورغم كافة جهودنا المضنية لحفظ مياهنا وإعادة تدوريها واستخدامها؛ فإن الضرر الذي قد ينتج عنه سوف يستشري كطاعون مزمن في شتى مناحي حياة الشعب المصري دونما استثناء".
وتابع: ففي غياب اتفاق ينظم قواعد ملء وتشغيل السد، فإن هذا المشروع قد يؤدي إلى عجز متراكم للمياه بمصر يبلغ نحو 120 مليار متر مكعب، مما سيساهم بدوره في تقليل سبل الحصول على مياه الشرب النظيفة، ويحرم ملايين العاملين في قطاع الزراعة من المياه اللازمة لري أراضيهم، ومما سيؤثر سلباً على مستوى دخولهم ومعيشتهم، ويدمر آلاف الأفدنة من الأراضي الصالحة للزراعة، ويساهم في زيادة ظاهرة التصحر وتدهور النظم البيئية في دول المصب، فضلاً عن زيادة فرص تعرضها للآثار السلبية ذات الصلة بتغير المناخ. وهو الوضع الذي لا يمكنُ لمصرَ أن تتحمله، بل لن تتقبله أو تتسامح معه.
واستطرد وزير الخارجية المصري قائلا "من الأهمية بمكان أن يبذل المجتمع الدولي كل جهدٍ ممكن، بما في ذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة من خلال مجلس الأمن، لاستباق هذه الاحتمالية ومنع تحول السد الإثيوبي إلى تهديد وجودي لمصر، ويتطلب ذلك قيام المجلس بمطالبة الأطراف – وبشكل لا لبس فيه – للعمل على الوصول إلى اتفاق منصف، وفي إطار زمني محدد، وتشجيعها على العمل الصادق ودون مواربة لتحقيق هذا الهدف المنشود".
وقال شكري "إذا لم تتحقق هذا الغاية.. وإذا تضررت حقوق مصر المائية أو تعرض بقائها للخطر... فلا يوجد أمام مصر بديل إلى أن تحمي وتصون حقها الأصيل في الحياة وفق ما تضمنه لها القوانين والأعراف السائدة بين الأمم ومقتضيات البقاء".
وأكد أن قيام مصر بطرح هذا الأمر، والذي له أهمية قصوى بالنسبة لها، أمام مجلس الأمن إنما يعد بمثابة شهادة على إيماننا الراسخ غير المتزعزع بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والواردة في ديباجته والتي تؤكد على التزامنا المشترك "بممارسة التسامح والعيش معاً في سلام وحسن الجوار" وكذا "أن نوحد قوانا لصون السلم والأمن الدوليين".
وتابع: وها نحن نأتي هنا بحثاً عن طريق مُجدي نحو حل سلمي وودي عن طريق التفاوض للأزمة التي أمامنا اليوم، ولدرء العواقب الوخيمة التي قد تنتج حال لم نستطع التوصل إلى تسوية لهذه القضية. إن أملنا أن يدرك مجلس الأمن مدى خطورة الموقف وأن يضطلع بمسئوليته لصون السلم والأمن الدوليين. ونتطلع لأن يتخذ هذا المجلس الإجراءات اللازمة لضمان قيام الأطراف المعنية بالانخراط في مسار تفاوضي فعال يفضي إلى التوصل إلى اتفاق يخدم مصالحنا المشتركة.
وكرر أن شعب مصر – وشعوب المنطقة بأسرها – تتابع مداولات مجلس الأمن اليوم باهتمام شديد وآمال كبيرة، وينظرون إلى الأمم المتحدة، وإلى هذا المجلس، باعتبارهما ضامنين للسلام وحارسيْن على الإرادة المشتركة للإنسانية، وهم على ثقة في أنكم لن تخفقوا في أداء مهامكم في هذا الخصوص.. مشددا على أهمية قيام مجلس الأمن، أثناء الاضطلاع بمهمته الأساسية لصون السلم والأمن الدوليين، الالتزام بالمادة الرابعة والعشرين لميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على ضرورة عمل أعضاء المجلس كممثلية لأعضاء الأمم المتحدة لتعزيز الأهداف السامية والنبيلة التي أنشئت من أجلها هذه المنظمة والتقيد بالمبادئ التي تقود وتلهم عملها. وعليه، فإننا نهيب بأعضاء هذا المجلس الموقرين أن ينظروا في هذه القضية الحيوية التي نحن بصددها اليوم، ليس من خلال منظور ضيق يرتبط بمصالحهم الوطنية، ولكن من منظور المسئولية الجماعية للتحرك بالنيابة عن المجتمع الدولي ككل لحفظ السلم ودعم مبادئ العدالة والإنصاف.
وأكد أن مصر تطالب مجلس الأمن بتبني مشروع القرار الخاص بمسألة سد النهضة الأثيوبي والتي جرى تعميمها من قِبل جمهورية تونس الشقيقة، وقال "كما هو واضح من نص هذا المشروع، فإننا لا نتوقع قيام المجلس بصياغة حلول للمسائل القانونية والفنية العالقة، كما أننا لا نطالب المجلس بفرض تسوية ما على الأطراف بشأن هذا الخلاف، بل على العكس؛ فإن هذا القرار سياسيٌ الطابع وهدفه متوازن وبناء ويتمثل في إعادة إطلاق المفاوضات وفقاً لصيغة معززة تحافظ على قيادة رئيس الاتحاد الأفريقي لعملية التفاوض وتدعمها، وتمكن شركاءنا الدوليين، بما فيهم الأمم المتحدة، من استغلال خبراتهم في هذا المجال من أجل مساعدة دولنا الثلاث في سعيها لإبرام اتفاق عادل وفق إطار زمني مناسب.
وتابع : إن كان ثمة شيء أكيد؛ فإن هذا القرار يهدف إلى تنفيذ وتفعيل مخرجات اجتماعيّ هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي اللذين عُقدا حول هذا الموضوع، واللذيْن وجها الأطراف أن تنجز في أقرب وقت، وبمساعدة شركائنا الحاضرين لتلك المحادثات كمراقبين، صياغة اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي، كما ناشدت مخرجات تلك الاجتماعات الأطراف بعدم اتخاذ إجراءات أحادية يمكن لها أن تعرض العملية للخطر.
وأكد شكري أن تبني هذا القرار من شأنه أن يؤكد مجدداً عزم مجلس الأمن على الاضطلاع بمسئوليته لحفظ السلم والأمن الدوليين، كما سيبعث رسالة واضحة مفادها أن المجلس سيظل ملتزماً بسلام ورخاء قارتنا الإفريقية. وفي المقابل؛ فإن الإخفاق في اتخاذ إجراء فعال إزاء مسألة السد الإثيوبي سيُعد تقصيراً مخيباً للآمال بشأن اضطلاع المجلس بمهامه ومسئولياته.
وأكد وزير الخارجية المصري- في ختام كلمته أمام جلسة مجلس الأمن الدولي المعنية بمناقشة قضية سد النهضة الإثيوبية – أن مصر سوف تبذل كل الجهد للتوصل إلى اتفاق يدعم رابطة الأخوة بين الدول الثلاث ووشائج القرابة بين الشعوب التي تعيش على ضفاف نهر النيل، داعيا الأشقاء في السودان وأثيوبيا لاغتنام هذه الروح ومضاعفة الجهود من أجل ضمان مستقبل من السلام والرخاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.