رأى محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في موقع بلومبرغ الأمريكي بوبي غوش، أن العملية الانتقالية في السودان تعرضت لصدمة هذا الأسبوع، عندما حاول ضباط موالون للرئيس المخلوع عمر البشير الانقلاب على الإدارة التي يقودها المدنيون برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك. ومع أن فشل المحاولة يعتبر مصدر ارتياح، لكن لا الحكومة ولا العالم الخارجي، يمكنهما الاطمئنان. منذ فترة طويلة، تراجع التفاؤل المفرط في 2019، بالإحباط، الذي ينبع معظمه من البطالة والتضخم، الذي يقترب من 400%ولفت غوش إلى أن أفضل ما سجل في العامين الماضيين، أن السودان كان إستثناءً وسط الانكماش الديمقراطي في معظم أفريقيا، ومنارة للأمل في ظل تعاظم الشعبوية الاستبدادية في أنحاء العالم. وبعد احتجاجات واسعة النطاق وضعت حداً لحكم الطاغية البشير في ربيع 2019، اتفق الجيش ومجموعات معارضة على تقاسم السلطة لمدة 39 شهراً. وبعد ذلك بثلاثة أعوام، دخل السودان في مراحل أكثر صعوبة، ويبدو أن حمدوك في أضعف حالاته. ورغم أن حكومته أقدمت على مجموعة واسعة وجريئة من الإصلاحات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، من إبرام إتفاقات سلام مع مجموعات متمردة، إلى فصل الدين عن الدولة، إلى توقيع الاتفاق الإبراهيمي، وخفض قيمة العملة، فإن السودانيين العاديين لم يحصلوا إلا على القليل بعد خلع الديكتاتور البشير. إحباط ومنذ فترة طويلة، تراجع التفاؤل المفرط في 2019، بالإحباط، الذي ينبع معظمه من البطالة والتضخم، الذي يقترب من 400%. وعانى الاقتصاد السوداني من دين خارجي ب 60 مليار دولار حتى قبل ظهور التأثيرات المشلة لكورونا. ورغم أن حمدوك تمكن من الحصول على إعفاءات مهمة من الديون الخارجية من الحكومات الأجنبية، فإن الإستثمارات بقيت نادرة، ولم توجد فرص لإحداث وظائف جديدة. ووجد إحباط الكثير من السودانيين تعبيراته في الشوارع. ونظمت تظاهرات في الخرطوم بسبب رفع الدعم عن الوقود، في إطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي. لكن ما بعث على التشاؤم أكثر، كان تجدد النزاعات المحلية في دارفور، ومنطقة النيل الأزرق، ما أرغم مئات الآلاف على الفرار. الانقلابيون اعتمد الذين خططوا للإطاحة بحمدوك على توسع الإضطرابات، وحاولوا إغلاق الطرق، ومنع الوصول إلى مرافئ شرق البلاد، حيث اندلعت إحتجاجات جديدة مناهضة للحكومة. وربما كانوا يأملون أن يدعم المحتجون الذين خاب أملهم في الانتقال، العودة إلى الأساليب القديمة. وأفادت تقارير أخرى بأن المخططين وبينهم عناصر من القوات المدرعة، حاولوا الاستيلاء على الإذاعة الحكومية، وقيادة الجيش. وكانوا يأملون توجيه نداء إلى فروع القوات المسلحة الأخرى للتضامن معهم. لكن هؤلاء أخطأوا في قراءة المزاج الوطني، ذلك أنه مهما كانت أساب الاستياء من الحكومة، فإن السودانيين العاديين لا يميلون إلى ثورة أخرى. كما أن القيادة العليا للجيش ليست في وارد الانضمام إلى تمرد عام. ولم يكن أيضاً لقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي" أي صلة بالإنقلابيين. وقال: "لن نسمح بأي إنقلاب...نريد ديمقراطية حقيقية عبر انتخابات حرة ونزيهة، لا كما في الماضي". محاولة اغتيال لكن حمدوك نفسه لا يمكنه أن يكون متفائلاً ببقية الفترة الإنتقالية. وكانت المحاولة الانقلابية بمثابة الطلقة الثانية التي تهدد بحرف العملية عن مسارها، فحمدوك نفسه، نجا من محاولة إغتيال في أوائل 2020. وقد تحصل محاولات أخرى للإطاحة بالحكومة قبل الانتخابات المنتظرة في أوائل 2024. ويعلم رئيس الوزراء أن التهديد الأكبر للطموحات السودانية في الديموقراطية يبقى الجيش، إذ لن يمنع فشل هذه المجموعة، ضباطاً آخرين من المحاولة. ويستخدم حمدوك المحاولة الانقلابية لإقناع الآخرين بضرورو وضع الجيش تحت قيادة مدنية. وقال إن هذا الأسبوع "يؤشر بوضوح إلى الحاجة إلى إصلاح الجهاز الأمني والعسكري". ولذلك فإن أفضل أمل لحمدوك للحفاظ على حكومته، يكمن في بقاء الشعب إلى جانبه. المصدر