حكى لي صديق مقيم بكوستي أنه طوال إقامته في كوستي التي تقارب نصف قرن من الزمان لم ير فيها أياماً مثل الإسبوع الماضي الذي أمضاه فريق الهلال العاصمي فيها ليتبارى مع مريخ كوستي ثم الرابطة في منافسات الدوري الممتاز فعلى حسب كلام ذلك الصديق فإن الهلال أعطى المدينة حيوية فزادت حركة الناس في داخلها وبينها وبين القرى المجاورة فازدحمت بالسيارات فانتعش السوق بصورة لم يسبق لها مثيل وتركت المجالس الحديث في كل شيء، وأصبحت الكرة هي البند الأساسي فيها حتى كاشا أصبح معلقاً رياضياً ونسي الناس الإسهالات المائية وأحداث جامعة بخت الرضا واللاجئين الجنوبيين وكان كل الكلام بشة والبلدوزر وكاريكا والذين منهم وعلى حسب معلومات ذلك الصديق أن أبناء كوستي المقيمين خارجها في السودان أو في دول المهجر بما فيهم غير المشتغلين بكرة القدم تسمروا أمام شاشة قناة الملاعب ليروا مدينتهم وأهلها على الشاشة وهناك مبادرات من مغتربين سوف تظهر قريباً لتطوير إستاد كوستي ليصبح عالمياً. ما حدث في كوستي حدث ويحدث في كثير مدن السودان مثل الأبيض والفاشر ونيالا ومدني وبورتسودان وكادوقلي وشندي وعطبرة أي كل المدن التي بها أندية في الدوري الممتاز عندما يحل بها الهلال أو المريخ ضيفاً حيث يحس الناس في تلك المدن أن ضيفاً عزيزاً قد حل بينهم ضيفاً يحتشد الناس له بصورة تلقائية ضيفاً تربطهم به علاقة حب نشأت بصورة عفوية ليس فيها أي صناعة أو تكلف . لقد جاءت جرعة كوستي مركزة لأن إقامة الهلال فيها طالت وأعتقد أن نفس الشيء سوف يحدث عندما يزورها المريخ للتباري مع مريخها والرابطة فإن يكن لكوستي فريقان في الممتاز فهذا إنجاز رياضي كبير يحسب لغير كاشا بالطبع ولاعزاء للولاية الشمالية وسنار والنيل الأزرق وشرق دارفور وغربها ووسطها وكسلا –مارأيكم دام فضلكم أن نطالب بضم أي ولاية ليس لديها فريق في الممتاز إلى أقرب ولاية لنكون بذلك قللنا الصرف الإداري الذي أعاق الحكم الفيدرالي وبعدين بيني وبينكم كثير من الولايات ليس لديها مقومات ولاية إنما نشأت بدفع سياسي صرف ودي برضها مشكلة –ياربي طلعنا من الرياضة ورجعنا لمقطوعة الطارئ السياسة ؟ بس قول لي وين حا نهرب منها وين ؟ إن فكرة الدوري الممتاز فكرة عبقرية الهدف منها ربط جميع أجزاء السودان عن طريق الرياضة لتكون شأناً قومياً، وبهذا يمكن لكل أهل السودان أن يشتركوا في هذه المنافسة دون استثناء وبذلك ينتهي احتكار العاصمة للفريق القومي وتتطور الرياضة بالطبع هناك عقبات منها المادي والإاداري وأخرى غير مرئية صادفت هذه التجربة الرائدة ولكن بمرور الأيام سوف تتراجع هذه العقبات لتصل التجربة لمنتهاها ولكن الذي ظهر لنا حتى منها أنها ربطت أهل السودان وجدانياً فالقومية لها روابط صعبة وروابط ناعمة فالفن والرياضة من الروابط الناعمة التي تنساب للوجدان فتستقر فيه لينعكس ذلك على مجمل السلوك السياسي للفرد السوداني انتماءً وحباً للسودان على حسب علمي أن فكرة الدوري الممتاز واحدة من عبقريات البروف كمال شداد . بالطبع العالم قد سبقنا إليها ولكن شداد أصر على نقل التجربة وتطبيقها في السودان رغم كثير من الاعتراضات ولكن قوة شخصية شداد وقوة منطقه ساعدت على التطبيق ولو بقي شداد في منصبه الذي أخرجه منه التآمر لأصبحت التجربة الآن شيئاً آخر لكن نعمل شنو مع الغدر والتسييس وحب الذات وعدم التجرد و...و..ولعل عزاؤنا أن شداد قد يكون قادماً لقيادة الحركة الرياضية في الأيام القليلة القادمة ... فيارب..