يبدو أن السودان الجديد قد بدأت ملامحه تظهر رويدا رويدا،ومما لا شك فيه أن عملية الانتقال الى واقع جديد مختلف عن النظام القديم سوف تستغرق وقتاً ليس بالقليل، كما أن عملية التحول تتطلب شراكة وثقة مابين المؤسسة العسكرية السودانية وقوى الحرية والتغيير، وبقية القوى المعارضة، فضلا عن اطمئنان الشارع السودانى لسلامة التحول، والثقة فى وصوله الى المحطة النهائية بسلام. وقد شهدت الساعات الماضية تطورا مهما،وهو وصول المجلس العسكرى السودانى لاتفاق مع المعارضة من حيث المبدأ على تكوين مجلس مشترك يقود مرحلة انتقالية لكن الطرفين لم يتفقا على نسب المقاعد.وجاء هذا التطور المهم بعدما أجرى الجانبان أول مناقشات رسمية بينهما فى الوقت الذى يضغط فيه المحتجون وجماعات المعارضة من أجل الإسراع بتسليم السلطة لحكم مدنى فى أعقاب عزل الرئيس عمر البشير فى وقت سابق من الشهر الحالي.وتريد جماعات المعارضة والمحتجون الذين يواصلون اعتصامهم خارج مقر وزارة الدفاع تشكيل مجلس انتقالى يقوده مدنيون ويضم ممثلين عن الجيش ويبدو أن التحالف الواسع الذى يضم العديد من جماعات المعارضة ويحمل اسم قوى إعلان الحرية والتغيير مع المجلس العسكرى الانتقالى قد توصلا للغة مشتركة لحل الخلاف بينهما، وعبر الجانبان عن تفاؤلهما بعد جلسات الحوار التى تم الاتفاق فيها من حيث المبدأ بين المجلس العسكرى وقوى إعلان الحرية والتغيير على تكوين مجلس سيادة مشترك ولكن لم يتفق الطرفان على نسب المقاعد للطرفين ومن الواضح أن السودان يتحرك، ومطالب الشارع تتم تلبيتها بعدما أقال المجلس العسكرى الانتقالى بعض المسئولين السابقين واعتقل البعض الآخر وأعلن إجراءات لمكافحة الفساد ووعد بأن يسلم السلطة التنفيذية لحكومة مدنية،ومن الواضح ان المجلس العسكرى يتجاوب كما أن المعارضة تبدى تجاوبا وحرصا على وحدة السودان وأمنه،وتدرك حجم المخاطر على وحدة السودان، وخطر انزلاقه الى الفوضي، وخطر تفجر الصراعات المسلحة، وخطر التدخلات الأجنبية فى شئون السودان، او تحويله الى ساحة للحروب بالوكالة، او تصفية حسابات لقوى إقليمية أو دولية بدماء السودانيين. ويبقى أن السودان الموحد والمستقر هو مصدر قوة لأمته العربية، ومصدر سند وقوة لمصر التى طالما وحدت هموم وقضايا الأمة العربيةما بين القاهرة والخرطوم،ومما لاشك فيه أن العرب جميعاوفى المقدمة مصر يتطلعون لعبور السودان هذه المرحلة الانتقالية بسرعة وعودته لتحمل دوره فى رفعة الأمة ونهضتها