كلام صريح نما إلى علمنا أن وكيل وزارة المالية بصدد إجراء تنقلات في الإدارات العليا للوزارة ،على الرغم من ان الأوضاع الحالية لا تسمح بهذا الإجراء، هذا بخلاف ان وكلاء الوزارات تنحصر مهامهم في تسيير دولاب العمل دون إصدار اي قرارات. أي تنقلات او تغيير في اية إدارة بوزارة المالية والاقتصاد في حالة عدم الاستقرار وعدم وجود حكومة، تعني ان هناك أيادٍ تحاول العبث بملفات أهم موقع حكومي في قضايا الفساد والتجاوزات للعهد السابق . وهذا ما لم ينتبه اليه المجلس العسكري منذ الإطاحة بحكومة المخلوع . كان على المجلس العسكري ان يفرض رقابة مشددة على وزارة المالية الاتحادية وكل وزارات المالية بالولايات ، خاصة في بعض الإدارات التي شهدت فوضى خلال السنوات الماضية مثل ادارات التمويل والشراء والتعاقد والقروض والتعاون الثنائي والخزانة العامة. وزارة المالية أصدرت العديد من خطابات الضمان لقروض أجنبية بأموال طائلة دون ان تذهب الى المشروعات المخصصة لها .. وعشرات خطابات الضمان لرهن مواقع ومبانٍ وساحات وميادين لبنوك محلية لصالح جهات حكومية ،معظمها حل أوان سدادها خاصة في ولاية الخرطوم . ولاة الولايات كانوا يتحصلون على قروض أجنبية بمبالغ ضخمة دون علم وزارة المالية التي غالبا ما كانت تسمع بها من تصربحات الوالي لأجهزة الإعلام عقب عودته وهو يتباهى بالإنجاز . بوزارة المالية إدارات ولجان مهمة وخطيرة كانت تشرف على استيراد السلع المهمة، والتي صاحب استيرادها عمليات تجاوزات كبيرة خاصة السكر والدقيق والقمح والمواد البترولية والأدوية .. أكبر قضايا فساد شهدتها البلاد خلال 30 سنة تتمثل في طرق استيراد هذه السلع لجهة انها تمتعت بامتيازات ضخمة جدا أهمها الحصول على إعفاءات ورسوم صفرية أفقدت الدولة أهم الايرادات الجمركية، ونافست في السوق، فيما دخلت قيمة الإعفاءات بملايين الدولارات جيوب نافذين .. لذلك أي تعديل في هذه الإدارات واللجان وفي هذا التوقيت ، ليس له سواء تفسير واحد وهو إخفاء معالم الجريمة. وزارة المالية أفرغت من مهامها الأساسية المتمثلة في سلامة النظم المالية ، وكفاءة استغلال الموارد، ومتابعة تنفيذ قانون الموازنة، وترشيد الإنفاق الحكومي ،والرقابة على الصرف بما يخدم تعزيز المساءلة للمحافظة على المال العام . وأصبحت مجرد إدارة في القصر الجمهوري تتبع لرئيس الجمهورية، هو الذي يصدر القرارات والأوامر بعيدا عن السياسات وبنود الموازنة المجازة. قبل المطالبة بإعادة الهيبة لوزارة المالية والتي يجب ان تكون أهم اولويات الحكومة الانتقالية المنتظرة ،على المجلس الانتقالي إصدار توجيهاته بإيقاف نقل الموظفين أو انتدابهم أو فصلهم من قبل وكلاء الوزارات .ثم التأكد من المحافظة على كافة المستندات. .