تقرير أمل ابو القاسم فترة المراهقة من المراحل والمحطات المهمة في رحلة الحياة، وبمثابة توطئة للمرحلة التالية هي النضج والبلوغ، ولحساسيتها اهتمت بها الجهات ذات الصلة ووضعت لها محاذير وأسس لكيفية التعامل معها، بحسبان أنها المشكل الأول للشخصية مستقبلاً. فضلاً عن المآلات التي تنتهي عندها وما ينجم عنها، ولأهمية هذا الموضوع وضعتها الدراسات الإجتماعية نصب الأعين وشددت على إتباع أسس ومعايير بعينها من أجل الوصول بها إلى بر الأمان. مركز (الفيصل الثقافي) تطرق إلى هذا الموضوع من خلال محاضرة قيمة قدمتها الأستاذة "انتصار كمال" الخبيرة والمحاضرة في مجال التنمية البشرية بعنوان (في بيتنا مراهق) شاركت فيها الأسر المهتمة بصحة أبنائها النفسية والمجتمعية ولفيف من الصحفيين والمهتمين وجاءت على النحو التالي. ما هي المراهقة؟ استهلت المحاضرة بتعريف مفهوم المراهقة التي تبدأ بمتغيرات سيكولوجية ومعناها (رهق فلان سفه وحمق وجهل وركب الجهل والظلم)، وأيضاً أرهق فلاناً (حمله ما لا يطاق)، وجميعها تنطبق على واقع المراهقة، كذلك هي الفترة من بلوغ الحلم إلى سن الرشد وواقعها يقول (إعادة ترتيب وضرورة التغيير لمواجهة التغيرات) وذلك من قبل الأسرة بأن لا يصدروا أحكامهم بسرعة ويتجنبوا نقد المراهقين، وبحسب أستاذة "انتصار" فإن فترة المراهقة تمر بثلاث مراحل عمرية الأولى من سن (10 14) سنة وبنهايتها يبدأ سن البلوغ، وتكون التغييرات الفسيولوجية ظاهرة للعيان. أما المتوسطة فتقع بين (15 17) سنة، فيما تكون المراهقة المتأخرة من (18 19) سنة ومجملها تسع سنوات، وشددت "انتصار" على ضرورة إخطار المراهقين بحقيقة إرهاصات المرحلة وما يصاحبها من متغيرات وما يتوجب فعله تجاهها، وكسر حاجز الصمت والمسكوت عنه، بحسبان التطور الفكري والمجتمعي الذي طرأ على الأسر بخلاف ذاك الذي درج عليه السابقون في الحقب الفائتة، وعدم الركون والاعتماد على المدرسة في ذلك الأمر الحيوي والمهم، وإلا سيلجأ المراهقون للبحث عن نوافذ وطرق أخرى للتعرف عليها، وما أرحب الفضاءات المفتوحة لذلك والوسائل المتعددة كالإنترنت مثلاً، وذلك لأن المراهقة - الحديث لانتصار - ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، إنما تتأثر بما يمر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة، فضلاً عن فهم الأسرة لطبيعة المرحلة ثم إفهامها للمراهق، وهذه أول خطوة في طريق مراهقة سوية. حقائق عن سلوك المراهقين وفي السياق نوهت المحاضرة إلى الإنتباه للفجوة بين جيل الأمس واليوم، مستشهدة بالحديث (أعدوا أبناءكم لزمان غير زمانكم)، والابتعاد عن التباهي بالأمجاد، بمعنى أن كثيراً من الآباء يتباهون بمرحلة صباهم وشبابهم المنقحة، وترديد أحاديث على شاكلة (نحن في زمنا كنا كذا وكذا)، وضرورة الفصل بين السلوك وذات الطفل. كما تناولت المحاضرة أيضاً بعض الحقائق عن سلوك المراهقين واهتماماتهم التي يختزنها عقلهم وتنحصر في (سيارة، جوال، وجبات جاهزة، بنات، كورة، موسيقى) بالنسبة للذكور إلى جانب القوة الجسمانية، كما يتسمون بالحساسية حد الخجل والبكاء، فضلاً عن التقليد الأعمى سيما ذاك الذي يُعنى بالمشاهير، ويميلون لمناظرة أنفسهم والإعجاب والتباهي بها، ولاختبار وقياس مدى أهميتهم في الأسرة يجنح المراهقون إلى إدعاء المرض، واستخدام الحيلة لأخذ ما يريدون، وكذا وقوعهم في الحب لمرات متعددة ربما أسبوعياً (بنت جديدة)، وهذا ما يعرف بنظام السيطرة على العواطف وهو يقع في القشرة الأمامية من الدماغ الذي لم يكتمل نضجه. وكل ما سبق نتيجة لتغير الهرمونات، ومن أعراض المراهقة الحسية غلظ الصوت، وبروز الثدي، وحب الشباب. على أن أهم سلوك هو الشراهة في الأكل وأسبابه نمو جسم المراهق بمعدل واحد سم، يحتاج المراهق ما بين 3000 3500 سعرة حرارية، وهذا يفسر انجذاب المراهق لأصناف طعام غنية بالطاقة، مثل الوجبات السريعة العالية الدهون، والميونيز والحلويات، أيضاً عضلات المراهق تتضاعف حجماً بين سن (12 16)، لذلك يتطلب الأغذية البروتينية كاللحوم والبيض والألبان، وتكون الفترة مصحوبة باضطراب النوم. إلى جانب ذلك يحب المخاطرة، لأن الدماغ يبلغ حجمه النهائي مع بداية المراهقة، إلا أن وصلات الأعصاب لا تستقر في الوضع الأفضل بعد عشر سنوات، كما يتعرض دماغه لفيض من الهرمونات التي تؤثر سلباً على تفكيره المنطقي، والأجزاء التي تنضج أولاً لدى المراهق هي المسؤولة عن الكلام والحركة والانتباه. تتويج ملوكي للمراهقين واستطردت أستاذة "انتصار" بقولها إن مرحلة المراهقة في المناطق النائية والبدائية تمر بسلاسة عنها في المدينة، حيث تجد السند المجتمعي وتتم التهيئة لها باكراً منذ الختان، ويقام لها احتفال تدريب لذلك يترقبها الأبناء بلهفة، على أن فترة المراهقة وفي دولة جنوب السودان تتم وفق كرنفال وتتويج ملوكي تصاحبها بعض الطقوس من وشم على الشفاه أو كسر الأسنان الأمامية. وخلصت المحاضرة إلى أن المراهقين هم الأحوج لمد يد العون وبناء جسور الثقة بينهم والأسرة.