{ ما بين الفاشر في أقصى غرب السودان وحي دار السلام الوحدة بشرق النيل ومدينة الدلنج بجبال النوبة، خيط رفيع جداً تمدد خلال (48) ساعة فقط.. { بالفاشر كشف الأستاذ "علي عثمان محمد طه" النائب الأول لرئيس الجمهورية عن خطة ورؤية شاملة لحلول جذرية لمشكلات السودان يعكف على وضعها الرئيس "عمر البشير". ولم يشأ النائب الأول الإفصاح عن تفاصيل الخطة التي يشرف عليها الرئيس أو يضعها بنفسه، وهو أكثر أهلية من أية مؤسسة أو جهة في الدولة لتوصيف الأزمة التي تعيشها الدولة وطرق علاجها بحكم (ما يتوفر) للرئيس من معلومات وإلمامه بخفايا وأسرار الحكم لمدة (24) عاماً. { وبعد حديث "علي عثمان" في الفاشر الذي طوى جراحات عميقة لنزاع بين الأبالة (الرزيقات) والبقارة (البني حسين) ذهب بسببه ما يربو على الخمسمائة من الأنفس.. أزهقت أرواحها في منجم جبل عامر.. وأفلحت حكومة شمال دارفور في إبرام اتفاق مصالحة ينهي العنف بين القبيلتين.. وغير بعيد أن خطة الرئيس التي لم تفصح جهة عن تفاصيلها تشمل بؤر النزاع في دارفور وكردفان، وإلا لما قال الرئيس "عمر البشير" وهو يتفقد أسرة الشهيد "مكي كوكو" بأطراف العاصمة، إن العام 2013م، الذي تبقت منه أربعة أشهر فقط، ستكون آخر أيام المعاناة لمواطني جنوب كردفان.. وأثنى الرئيس على مجاهدات أسرة بسيطة فقيرة احتسبت أربعة شهداء في نزاع جنوب كردفان الدامي المرير الذي أحال حياة سكان الإقليم إلى جحيم لا يطاق، وسكن الخوف القلوب والجزع حل مكان الطمأنينة والدموع محل الأفراح والنحيب بدلاً من الزغرودة.. ولم يشقَ شعب في أرض الله الواسعة بالحرب والموت والفقر والمعاناة كما شقي شعب جنوب كردفان.. ولكن في عتمة الظلام والإحباط والإحساس بالمجهول يداهم المنطقة، يضيء الرئيس شمعة في الظلام ويعلن جهراً أمام وسائل الإعلام أن ما تبقى من العام الجاري هو نهاية الأحزان والدموع وبداية الإحساس بالحياة وعودة الأمل. { مجرد أن يتفقد الرئيس أسرة مكلومة في بقعة ثانية من أطراف العاصمة من قلب جبال النوبة فإنها مبادرة كبيرة ينبغي تشجيع الدولة للقيام بمثلها من مبادرات أخرى لتوحيد لحمة الوطن ورتق (الفتوق) في الجسد بفعل الحرب. ويوم زيارة الرئيس لأسرة الشهيد "مكي كوكو".. نزفت مدينة الدلنج دماً وغرقت في دموعها وهي تحتسب من الشهداء في معركة (جسر الفرشاية) ما يربو على العشرين من مجاهدي الدفاع الشعبي وهم يتصدون ببسالة وشجاعة لهجوم متمردي الجبهة الثورية على الطريق القومي الدلنج الأبيض لنهب الوقود.. { قدمت الدلنج شهداء تعرف قيمتهم وقدرهم وتفانيهم وحبهم لوطنهم.. إنهم رجال بوزن الذهب يقودهم "عبد الرحمن شقا" و"بشارة الدنميت" و"عباس أقرين" و"شنان تاور" وآخرون من الرجال الأوفياء للرئيس "البشير" ممن يستحقون أن تغبر لأعراسهم الأقدام وتنزلهم الدولة مقاماً عليا هم أحق به في رمضان شهر الصيام والطاعات يفدون الوطن بأغلى ما يملكون! { دموع الدلنج يجففها السلام وإنهاء الحرب.. وإعلان الرئيس بمثابة بارقة أمل لغد أفضل بعد أن (استيأس) الناس من فرج قريب.. ولكن كما جدتي ابنة "كرتكيلا أبو جردة": الصابرات روابح!