الخرطوم - المجهر للاستقلال المجيد رموز خالدة، سطرت أسماءها بأحرف من نور.. ومنها بلاشك المناضلة "حواء أحمد الشيخ"، "الشهيرة ب "الطقطاقة".. ما يأتي احتفال بالاستقلال إلا ووجدها (متحزمة) بعلم السودان الذي ارتدته ثوباً.. غير أن الموت (سنة الأولين والآخرين) انتقى "الطقطاقة" قبيل أيام من احتفال العام السابق بالذكرى (57) للاستقال.. ثم أتت الذكرى (58) هذا العام.. لتغيب عنها "الطقطاقة" بجسدها الفاني.. لكنها تبقى في التاديخ رمزاً عصياً على النسيان!! } رحيل مهيب " الطقطاقة" التي رحلت صباح الاثنين 10 ديسمبر 2012.. تبارى أهل السودان في تثمين نضالاتها التاريخية.. وكان تشييعها مهيباً وهي تتدثر (للمرة الأخيرة) بعلم السودان ذي الألوان الثلاثة.. غير أننا آولاً نستعيد مع القراء بعض من سيرتها العطرة.. ثم نعرض لبعض الكلمات التي قيلت في حقها. } مسيرة فنية من الرهد إلى الخرطوم .. ولدت الفنانة الراحلة"حواء الطقطاقة في منطقة الرهد أبو دكنة بولاية شمال كردفان في العام (1926)م، ثم انتقلت إلى العاصمة الخرطوم منذ بداية شبابها، لتدشن مسيرة فنية طويلة لم تتوقف حتى فارقت دنيانا الفانية، وتميزت "الطقطاقة" بقوة الشخصية وجمال الصوت وقوته، وهي التي جمعت بين الغناء والشعر والتلحين، وكانت امرأة وطنية تؤمن بقضايا وطنها حيث دخلت "المعتقل لمدة (3) شهور بعد إحيائها لحفل وطني بمسرح العمال بعطبرة ومعها الفنان الراحل الكبير"حسن خليفة العطبراوي" أيام الاحتلال الإنجليزي، فقدت فيه أسنانها، وبعدها انضمت إلى حزب "الأشقاء "بقيادة الزعيم الراحل "إسماعيل الأزهري" الذي تغنت له. } أول امرأة تتغنى للاستقلال كانت "الطقطاقة" أول امرأة تتغنى للاستقلال وذلك عندما رفع الزعيم "الأزهري" علم الاستقلال عالياً في العام (1956) وصدحت (لا تعريفة ولا ملين عاش الشعب مع اسماعين).. ولا يزال علم الاستقلال بألوانه الثلاثة المعروفة: الأزرق، الأصفر والأبيض يرفرف عالياً فوق مدخل منزلها بحي الضباط، ومعروف أنها أول من ارتدته كثوب سوداني خالص. } البشير يكرمها غنت الراحلة "حواء الطقطاقة "للنضال وللجيش وللحركة الوطنية، ومنحها الرئيس "عمر البشير" وسام الجمهورية تقديراً لدورها الوطني، ومن أشهر أعمالها (العديل والزين) و(الشيخ سيرو) و(قمر السبوع). وتعد "حواء" الأم الروحية لما يعرف ب"أغاني البنات"، وهي التي ساهمت في إغناء الساحة الفنية، وتميزت بالغناء الشعبي "السيرة و"الدلوكة" وأغاني" الحماسة" دون غيرها من رائدات وفنانات جيلها المرحومة "عائشة الفلاتية"و"منى الخير" و"مهلة العبادية"، وتعرفت"الطقطاقة" بعد قدومها إلى الخرطوم على الفنانين الكبار الراحل "إبراهيم الكاشف" و"حسن عطية" "عبد العزيز محمد داؤود" الذين أعجبوا بصوتها وإمكانياتها الفنية الكبيرة فوفروا لها كل سبل لتنمية موهبتها. } نجمة في زواج الملك فاروق سافرت الفنانة "حواء الطقطاقة" إلى مصر وغنت في زواج الملك "فاروق" من الملكة "ناريمان" وذلك في حضور كوكب الشرق "أم كلثوم" والفنان الكبير "محمد عبد الوهاب" ومنحت حافزاً مالياً قدره (500) جنيه مصري، وكان وقتها يعتبر مبلغاً كبيراً، كما غنت "الطقطاقة" للرئيس الفلسطيني الراحل "ياسر عرفات" عند حضوره إلى الخرطوم من أجل دعم القضية الفلسطنية، وهتفت لنصرتها، فأعجب "أبوعمار" بشجاعتها، وأهداها الراحل عرفات شالاً وعقالاً ظلت تحتفظ بهما حتى رحيلها. كما غنت"الطقطاقة" للرئيس الراحل المشير "جعفر نميري" رحمه الله، وتغنت أيضاً لمعظم العائلات المعروفة في الخرطوم وامدرمان، وسبق أن قابلت (ام كلثوم ) إبان زيارتها للسودان وبادلتها كوكب الشرق الحب بمثله. } الوصية الأخيرة للراحلة .. عند تشييع "الطقطاقة" إلى مثواها الأخير.. كان الموكب مهيباً.. بدأ مشياً على الأقدام من منزلها، بعد وصية تركتها قبل الرحيل تطلب من أسرتها أن يسير جثمانها إلى منزل الزعيم الراحل"اسماعيل الأزهري"، ومن ثم توارى الثرى، ونفذ لها الجميع ما أرادت.. أدخل الجثمان إلى المنزل ، وتم لها ما رغبت فيه، ثم تحرك موكب تشييعها إلى مقابر "الشيخ "حمد النيل " سيراً على الأقدام، وفي المقابر بدا الحزن على محيا الجميع.. مواطنين ومسؤولين، وعقب مواراتها الثري ألقى "الفاضل حسن عوض الله" من الحزب الاتحادي الموحد كلمة عدد فيها مآثر الفقيدة، كما ألقى السفير الدكتور"بكري الأزهري" كلمة ضافية، وقال يومها ل(المجهر) الأستاذ "السماني الوسيلة: (إنه ليوم حزن فالراحلة وضعت بصمتها في قلوب كل السودانيين، وزرعت فيهم الفرح). فيما قالت الأستاذة "نفيسة إسماعيل الولي": (هي إرث وتاريخ للحركة الاتحادية والسودان، ورمز لأجيالنا المقبلة التي لم تر الاستقلال). أما الفنان "عبد القادر سالم فقال: (وقفت مع الشعب السوداني وأهل أمدرمان في أفراحهم بالحب والعفاف والقيم). رحم الله المناضلة "الطقطاقة" التي تظللنا ذكراها كلما احتفلنا باستقلالنا المجيد.. وعزاؤنا أنها تبقى في مملكة التاريخ جنباً إلى جنب كل رموزنا التاريخية.