في زاوية الأمس والتي تحدثنا فيها عن قضايا الأراضي والفساد الذي يجري فيها وضياع حقوق المواطنين بناء على عمليات التزوير، فقد حركت تلك الزاوية كثيراً من المكتوين بنيران الأراضي وما يجري فيها من فساد، فتلقيت عدداً من الاتصالات الهاتفية، كما جاءني المواطن "عبد المحمود عبد الرحمن حسين" وهو يحمل كمية من المستندات المتعلقة بقطعة الأرض رقم (38) مربع الثامنة أم بدة يثبت أحقيته فيها بناء على شهادة البحث الصادرة من مكتب تسجيلات أراضي أم درمان بتاريخ 9/1/2011م، بغرض التأكد. المواطن "عبد المحمود" يؤكد أن القطعة التي اشتراها كانت قد بيعت بواسطة المحكمة لوارثها الوحيد "حسن عبد الكريم" ومن ثم جرى تسجيلها بصورة رسمية في التسجيلات، ولكن قبل أن يشرع في عملية البناء جاء إليه طلب حضور إلى المحكمة باعتبار أن القطعة تخص آخرين، وأن الشخص الذي باع القطعة لم يكن الوارث، فقد ظهر الوراث الحقيقيون للقطعة، وأبعد الشخص الذي كان الوارث الوحيد لأبيه، وضم عددا من الوراث أولاد وبنات وزوجة للمتوفى "عبد الكريم إدريس" مالك القطعة الحقيقي قبل الوفاة، وطالبوه بإزالة المباني التي قام بتشييدها فاستأنف محاميه. وظلت القضية داخل ساحات العدالة من طلب فحص إلى استئناف إلى المحكمة العليا كل يدلي برأيه القانوني حسب فهمه للقانون، ومن واقع الدعوى المقدمة والمستندات المرفوعة، وما زالت القضية أمام المحكمة أحياناً تنتهي هنا ثم تبدأ هناك، ولا ندري من المستحق في مثل هذه الحالة، فهل الذنب ذنب المشتري أم أن الذنب ذنب أولئك الوراث الذين اكتشفوا مؤخراً أن ورثتهم قد تم التصرف فيها، وأين الشخص الأول الذي باع تلك القطعة وما دور المحاكم تجاه هذا الشخص الذي تصرف ولم يظهر في القضية؟ ولماذا لم تطالب المحاكم به لسماع أقواله حتى ينال كل ذي حق حقه؟. أما القضية الثانية والذي تحدث معي صاحبها "السر عبد القادر" صاحب قطعة أرض بمنقطة صالحة اشتراها بحر ماله، ولكن حسب إفادته أن جاره قد استولى عليها وضمها إلى بيته ودخلت القطعة ساحات القضاء، كل طرف يدعي أحقيته وفقاً للمستندات التي يمتلكها وشهادة البحث الصادرة من مكتب التسجيلات، فلا ندري كيف تكون قطعة أرض واحدة تحرر لها شهادة بحث لشخصين منفصلين وبصورة صحيحة، هل هناك فساد في جهة ما؟ هل هناك سماسرة يستطيعون أن يلعبوا في أوراق رسمية للدولة أو يحاولون كشف أوراق أو مستندات رسمية وتمليكها للآخرين. أن التلاعب والتزوير في قضايا الأراضي لن ينتهي ما لم تكن هناك خطة محكمة من الجهات المسؤولة بالأراضي، فإن كان التلاعب في الأراضي نفسها يتم كشف أولئك المتلاعبين بحقوق الآخرين وإبعادهم رسمياً، وإذا كان هناك سماسرة أيضاً يتلاعبون مع جهات داخل الأراضي تسلط الدولة عليهم أعينها إلى حين كشفهم، فإذا كانوا فعلاً ضالعين في عمليات تزوير المستندات وبيع أراضي الغير بها تتم أيضاً محاسبتهم ومحاكمتهم كما فعل مولانا البروفسور "حاج آدم حسن الطاهر" الذي قضى على أكبر عصابة من عصابات الأراضي في عام 1985م. إن ملف الفساد في الأراضي يحتاج إلى تضامن كل الجهات حتى ينام كل مواطن في بيته مرتاحا، لأن الذي نسمعه الآن عن عمليات التزوير وبيع أراضي الغير يخشى المرء من وضع اسمه عبر لافتة أمام منزل خشية أن يجد منزله قد بيع دون أن يدري.