} وقفنا عند وعد الهيئة النقابية بأن تحسم الأمر خلال (48) ساعة لصالح العمال، والمقصود بذلك معالجة إفرازات المنشور الذي أثار حفيظة العمال، وقد عاد العمال إلى مواقع العمل يراقبون الموقف وما سيحدث. } وقد كان الرد مخيباً للعمال من خلال منشور صادر من الهيئة النقابية تكيل فيه السباب وتندد بالذين أثاروا حفيظة العمال من المندسين والخونة والمارقين والمأجورين من بقايا أحزاب الجبهة الوطنية!! هذا المنشور ألهب النار أكثر، فخرج العمال في موكب هادر.. الله أكبر ما أعظمها من ثورة، الله أكبر ما أعظمها من لحظات ارتفعت فيها الحناجر تنادي بالوحدة بين العمال كافة، وحل النقابة. } ومن وعي عمال السكة الحديد أنهم حصروا ثورتهم ضد قيادة نقاباتهم، ولم يتعرضوا لنظام مايو. وفي يوم الثلاثاء الموافق 4/ أبريل 1978 وصل وفد من مجلس الشعب القومي لعطبرة مكوناً من "خالد محمد خالد" و"محمد محمود التوم" و"شرف الدين السيد علي" و"عبد الحافظ عبد السلام".. ووصل ركبهم لدار النقابة العامة، والعمال في موكب هادر تتعالى فيه الهتافات: (الحل اليوم وليس غداً).. (فاشلة فاشلة يا نقابة).. وكانت الشرطة على أهبة الاستعداد.. وتقدم قائد الشرطة المقدم "محمد عبد الجبار" المشهور ب "كارتر"، وطالب العمال بالانصراف، فلم يستجبوا واعتصموا داخل نقابتهم، وفي هذا الموقف العصيب اعتلى وفد مجلس الشعب القومي حائط النقابة وخاطبوا العمال بأنفاس هادئة وقالوا إنهم جاءوا من قبل المشرف السياسي للمديرية الشمالية، وهو الأخ الأستاذ "بدر الدين سليمان" (أطال الله عمره). وبعد المخاطبة طلبوا أن (يفرز) العمال من بينهم مناديب من أجل أن يجتمعوا بهم ويناقشوا القضية بتوسع، لكي يرفعوا تقريراً مفصلاً للمشرف السياسي وقيادة الدولة عموماً. وبالفعل عاد العمال للورش وفي أقل من ربع ساعة كل قسم اتفق على مندوبه، ثم أخذ العمال يرقبون الموقف بأعين يملؤها الأمل. واقترحت عليهم أن يكون اجتماعنا في أمانة الاتحاد الاشتراكي للمديرية الشمالية آنذاك لنبرهن على أن التحرك ضد النقابة فقط، وقد وافق الجميع، وذهبنا للاجتماع. وترأس الاجتماع أعضاء المجلس وكان من ضمنهم حضوراً قيادة الأمانة السياسية بالاتحاد الاشتراكي.. الأخ الأستاذ "عبد السلام محمد خير" أمين التنظيم الاتحاد الاشتراكي بالمديرية والأخ "فتح الرحمن خليفة" أمين الأمانة الفئوية والأستاذ "سيد أحمد الأمين" أمين الأمانة بالمديرية، وكان الاجتماع حقاً معبراً عن تطلعات العمال، واستمر طويلاً، وعندما حان موعد خروج العمال - أي عند الساعة الثانية ظهراً - طلبنا أن نعود إلى مواقع العمل حتى نهدئ من خواطر العمال ونطلعهم على ما دار في الاجتماع، ثم نواصل اجتماعنا. وبالفعل جلسنا مرة أخرى من الساعة الخامسة مساء حتى العاشرة ليلاً لا يقطع شيئاً ذلك إلا الصلاة، وقد خلص الاجتماع بعد النقاش المستفيض إلى ثلاث نقاط: أولاً: حل النقابة.. ثانياً: تكوين لجنة تسيير لتكون بمثابة لجنة تمهيدية للنقابة.. ثالثا: رفع مذكرة عاجلة تستنكر وتدين الغلاء وارتفاع الأسعار والشح في المواد التموينية الضرورية. والتزم أعضاء مجلس الشعب بأن ينقلوا ذلك التقرير للمشرف السياسي بالمديرية وكل الجهات المسؤولة. وفي يوم الخميس الموافق 6/أبريل/1978 جاء السيد وزير النقل الأستاذ "عبد الرحمن عبد الله" - رحمه الله واسعة وطيب الله ثراه - وطلب أن يحشد له العمال فيخاطبهم، وكان الحشد أمام مدرسة الإدارة بعطبرة، وقد خرج العمال وكان شعارهم وهتافهم: (الحل اليوم وليس غداً) يقصدون بذلك النقابة، وبعدها اعتلى السيد الوزير المنصة ثم قال..!! } هذا ما سنقف عليه في العمود القادم إن شاء الله.