حكى أحد الظرفاء أن إدارة المرور بولاية الخرطوم دعت أحد البريطانيين والمسؤول عن حركة المرور ببريطانيا، للنظر في كيفية حل مشكلة المرور بولاية الخرطوم، وما هي الأسباب في ازدحام الشوارع. قيل إن البريطاني طلب من مدير المرور بولاية الخرطوم، أن يصطحبه في جولة ميدانية بالولاية. فركب مدير المرور مع الخواجة وطافا بكل شوارع الولاية شارعاً شارعاً. وعندما انتهت الجولة قال الخواجة لمدير المرور: أنتم ما عندكم مشكلة شوارعكم ممتازة وسياراتكم جيدة، ولكن المشكلة ليس لديكم ناس بيعرفوا يسوقوا السيارات. أمس الأول لبيت دعوة قدمت لي من ولاية الخرطوم لحضور جلسة مجلس الوزراء الولائي، التي خصصها لمناقشة المخطط الهيكلي للمرور. افتتح الجلسة الدكتور "عبد الرحمن الخضر" والي الولاية. واستعرض المخطط الذي بدأ العمل في تجهيزه لثلاث سنوات ومن ثم طلب من وزير البنية التحتية والمواصلات الدكتور "أحمد، أن يستعرض الهيكل. وبعد أن فرغ من حديثه قدم الدكتور "النعمة" ليقدم مزيداً من الشرح حول المخطط . لقد قدم الدكتور "النعمة" حديثاً وقدم شرحاً رائعاً بالصورة ما ستكون عليه ولاية الخرطوم بمدنها الثلاث، إضافة إلى المدن الجديدة وخطط السير والكباري المقترحة على النيلين الأبيض والأزرق، والقطارات التي ستدخل الخدمة قريباً لحل ضائقة المواصلات بين الولاية والضواحي وشكل الأسواق ومواقف السيارات. ظللنا لأكثر من ساعتين نستمع لحديثه وكأن السودان سيكون نيويورك الجديدة أو طوكيو أو ماليزيا أو حتى إثيوبيا القريبة، التي بدأت تخطط لتسيير القطارات بين مدنها... ظللنا في حلم أن المواصلات نظيفة ورائعة ليست كالمركبات التي يوضع صندوق بيبسي يجلس عليه الراكب، أو المركبات التي حطمت مقاعدها ومازال أصحابها يعتقدون أنهم يقدمون خدمة للمواطن بتلك الأشكال المتسخة المقاعد. ولا أحد يسأل ولا إدارة المرور تسأل بل عندما يأتي الترخيص تكون أولى المركبات التي يتم الترخيص لها. إن المخطط الهيكلي الذي استمعنا إليه لا غبار عليه، ولكن من المفترض أن تكون هناك أولويات في التنفيذ. وكما قال الخواجة الذي بدأنا به هذا العمود ليس الولاية في حاجة لترحيل مكتب الوالي أو أمانة الحكومة من مقرها، ولا وزارة الشباب والرياضة ولا ديوان المراجع العام، فنحن نريد أن تقام كباري طائرة وقليلة: واحد في شارع الحرية ليحل زحمة المواصلات في ميدان جاكسون، وآخر بالقرب من مستشفى السلاح الطبي وآخر في "ود البشير" بأم درمان وعند الشهداء. نحن لسنا في حاجة إلى هذا الهيكل الذي لا أعتقد أن أحداً سوف يحضر تنفيذه. نحن نريد حلولاً آنية فالزحام دائماً في وسط المدينة، فإذا أحسنا المخارج عن طريق الكباري الطائرة فلسنا في حاجة لترحيل الجامعات من مكانها، ولا الوزارات من شارع النيل.. فإيران بها خمسة عشر مليون نسمة بالعاصمة فقط، فاستعاضت بحل الاختناقات المرورية بالكباري الطائرة، فشاهدت في مسار واحد بعد عدة كيلو مترات عشرات الكباري الطائرة، ولا توجد أي اختناقات مرورية. الجامعات شغالة والمؤسسات الحكومية تعمل، نحن نريد أن نقول إننا نخطط بصورة ممتازة جداً، ولكن عندما ننزل الملعب نعجز في إحراز الأهداف رغم أن الخطط جيدة واللاعبين ممتازون.