ظلت العملية التعليمية في السودان تخضع لميول وأهواء الأشخاص دون أن تكون هناك دراسات معمقة أو عميقة، حتى إذا ما صدرت القرارات تكون شافية ومقنعة لكل الناس، ولكن ظللنا هكذا ننظر إلى التعليم في أي دولة من الدول، ونحاول أن نطبق النظام في السودان بناءً على ميول ورغبة هذا الشخص، إن كان وزيراً أو غيره من المستوزرين. ظل التعليم في حالة تدهور مستمر وظل الطالب السوداني في فقر تعليمي مدقع عاماً بعد عام، من حقل التجارب التي يمارسها أولئك الوزراء. ففي العهد المايوي طلع علينا الدكتور"محي الدين صابر" بتجربة السلم التعليمي المقتبسة من بعض الدول العربية المجاورة، فبعد أن كان الطالب يدرس أربع سنوات في كل مرحلة أعاد التلاميذ إبان المرحلة الوسطى عامين للوراء، حتى يكتمل الفصل الدراسي بست سنوات في مرحلة الأساس وثلاث سنوات في الثانوي العام وثلاث سنوات في المرحلة الثانوية العليا. لا أحد سأل آنذاك الدكتور "محي الدين" عن هذا السلم، ولا الرئيس "نميري" نفسه احتج على ما أصدره "محي الدين صابر"، وبهذا السلم الذي كان يرى "محي الدين" أن الطالب الذي يترك الدراسة وهو بعد الست سنوات بالأساس على الأقل يخرج للمجتمع وله معرفة، ولكن للأسف الذين تركوا الدراسة من مرحلة الأساس لم يبلغوا أي شيء، لأن التعليم خلال تلك الفترة أصبح مملاً للأساتذة فست سنوات مرهقة وبها كثير من الحشو الدراسي، فتدنى المستوى وحتى طلبة المدارس الثانوية أقل معرفة ممن كانوا قبلهم.. رضينا بسلم"محي الدين صابر" وما أن جاءت الإنقاذ جاء الأستاذ "عبد الباسط سبدرات" وزيراً للتربية، وكما سابقه "محي الدين صابر" بدأ بتغيير السلم التعليمي فأصبحت مرحلة الأساس ثماني سنوات والثانوي ثلاث سنوات. لا أعرف ما هي فلسفة "سبدرات" في ذلك، هل تغيير من أجل التغيير أم أنه أخضع التجربة للدراسة ومزيد من الدراسة لتعم الفائدة الجميع، ولكن بين ليلة وضحاها نفذ الأستاذ "سبدرات" مشروعه التعليمي أو سلمه الجديد، وأصبح الطالب الممتحن للجامعة يحصل على نسبة نجاح تفوق ال(90%). وهذه نسبة لم يحصل عليها الطلبة منذ أن بدأ التعليم في السودان، ورغم الحصول على المجاميع الكبيرة ولكن الطلبة خاوون لأن التعليم أصبح حشواً والطالب يلقن تلقيناً بخلاف التعليم ما قبل مرحلة محي الدين وسبدرات.. وقبل أن نفيق أيضاً من صدمة سلم "سبدرات" جاءت الأستاذة "سعاد عبد الرازق" لتضيف للسلم التعليمي سنة إضافية فمن الذي يتحملها وهل إمكانيات الدولة تستوعب بناء فصل دراسي تاسع في كل مراحل الأساس، وكيف يتلاءم وضع أولئك التلاميذ كبار السن مع الصغار، فهل تدرس الأستاذة "سعاد" هذه الحالة أم أن الغرض أن يقال الأستاذة الهمامة جاءت بسلم جديد يضاف في رصيد حسناتها. إن المسألة التعليمية ليست ملك "سعاد" أو "سبدرات" أو "محي الدين صابر"، هذا تعليم للجميع ويجب أن يخضع للدراسة المتأنية ولو استمرت لعشرات السنين، ويطبقها غير"سعاد عبد الرازق". اتقوا الله في هؤلاء الأولاد والتلاميذ، وكفاية حقل التجارب المستمر في أولادنا وكفاية كمية الكتب التي لا يستوعبها عقل أولئك التلاميذ، فقبل التطبيق راجعوا الأمر جيداً.