العالم يتطور من حولنا .. عن يميننا وعن يسارنا .. لأنه (يشتغل)، ونحن لا نجيد شيئاً غير الحكي والادعاء بالإلمام بكل علم ومعرفة، وتسفيه أعمال الآخرين واجترار التاريخ .. أجدادنا وأبواتنا وأماتنا .. ونحنا .. !! في الهند .. بلد (المليار وربع مليار نسمة)، يكدح المواطن كدحاً من بزوغ الفجر إلى غروب الشمس ليجد خانة ومورد رزق في زحام (المليار وربع)!! ثم إن الحياة تمضي، ويتسابق الناس بهمة نحو العمل حتى ولو كان بالكاد يسد الرمق! تعودنا نحن السودانيين على حياة ناعمة وميسورة، قياساً بتلك الشعوب التي تشقى لتعيش، بمن فيهم أشقاؤنا "المصريون" و"الإثيوبيون".. و(نحن) هذه لا أقصد بها سكان الخرطوم، بل حتى مواطني "الجنينة" و"نيالا" و"زالنجي" التي لا يتجاوز سعر كيلو الضأن فيها (ربع) سعره في الخرطوم !! عندما وصلت مطار مدينة "تشيناي" الساحلية واسمها القديم "مدراس" جنوب شرق جمهورية "الهند" صباح (الاثنين) قبل الماضي (5/5/2015)، تمهيداً لإجراء عملية جراحية بمستشفيات (ميوت العالمية)، لم يدر بخلدي أن يكون مدير المستشفى وأحد ملاكه الطبيب الجراح الذي سيجري العملية دكتور"بريتفي مهنداس" سيكون على رأس طاقم المستشفى الذي استقبلنا بحفاوة أخجلتنا، ونقلنا بسيارته الخاصة مباشرة إلى المستشفى، حيث بدأ مهمته بعد قسط راحة في جناح فخيم لم يزد على ساعتين!! وحتى لا يتوهم البعض عندنا أن الذي فعل ذلك مدير مستشفى صغير يبحث عن مرضى من السودان الفقير، فالحقيقة الصادمة لثقافتنا في التعامل مع الآخر، أنه طبيب مميز في تخصصه وأن حجم استثمارات أسرته (الطبية) التي يقودها والده مؤسس المستشفى ملك العظام في الهند البروفيسور"مهنداس"، إضافة إلى زوجته رئيسة مجلس الإدارة السيدة "مليكا مهنداس" يبلغ مئات الملايين من الدولارات، بحيث لا رصيف لهم في السودان ولا مصر ولا الأردن!! اختصاصي شاب بارع في تخصص جراحة العظام، و(يحتكم) كما يقول إخوتنا المصريون على ملايين الدولارات، ويحاضر في "السويد" و"تايلاند" ومن بعد ذلك تجده يحمل المريض بنفسه مع (سستر) على (النقالة) من غرفته إلى مجمع العمليات عند الخامسة صباحاً، فحدثوني - سادتي - عن اختصاصي صغير (مليونير) في بلادنا، وبلاد العرب، يمكنه أن يفعل ذلك دعك من بروفيسور (ملياردير) ؟! نواصل.