{"نيالا" عاصمة جنوب دارفور مدينة استثنائية في كل شيء، مجتمعاً وموقعاً وثقافة ورياضة، قدمت "نيالا" للعالم أسماء خالدة وهي تمثل رئة غرب السودان الثقافية والتجارية. وكانت "نيالا" حتى السبعينات هي المدينة الثالثة في دارفور بعد "الفاشر" و"الجنينة" من حيث التعداد السكاني والأهمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولكن "نيالا" بعد التسعينيات وتطبيق نظام الحكم اللامركزي أخذت المدينة تزدهر وتنمو عمرانياً، وقد واكبت "نيالا" أحداث العالم بأسره فأطلق المثقفون من أبنائها أسماء بعض الأحياء السكنية طبقاَ للأحداث من حولنا، فنشأ حي تكساس في السبعينات حينما كانت تكساس هي ولاية الرعب في أمريكا وهي مهد رعاة البقر، ونشأ حي الكنغو أيام ثورة الكنغو والصراع وثورة بياتريس لوممبا والتدخل السوداني حينذاك وحتى انفعالات "صلاح أحمد إبراهيم" شعراً بتلك الأحداث. وهناك حي الثورة الذي نشأ مع قيام ثورة مايو الخلاص وجدار الرصاص كما يزعمون في أدبيات تلك الأيام، ولأنها مدينة عصرية وسياسية احتضنت في الستينيات تكوينات سياسية احتجاجية مثل اللهيب الأحمر وتنظيم تجمع قوى الريف والتجمع العربي في أيام الديمقراطية الأخيرة، ومنها خطط "بولاد" لتمرده ومعه ثلة من قيادات المؤتمر الوطني الحاليين. وفي "نيالا" كان مؤتمر الأمن الشامل لولايات دارفور، أيام كيان غرب السودان الذي أثار مخاوف المركز وعجل بالفراق بين "الترابي" و"البشير". ورياضياً قدمت "نيالا" لاعبين مهرة وأفذاذاً ولن يكون مدافع الهلال الحالي "مالك محمد أحمد" آخرهم ولا "عمر إحساس" هو الحنجرة الذهبية الأولى والأخيرة، ولكن الإعلام القومي قدمه ولا يزال "آدم نبقاي" ينتظر فرصته. {احتضنت "نيالا" أمس (الخميس) فعاليات مشروع ألفية مدينة "نيالا" التي نظمها ابن المدينة ونائبها في البرلمان "أسامة عطا المنان" الذي جمع ألف شخص في قاعة فندق كورال، وقدمت أوراق وجرت مناقشات لم تقتصر على قضايا المدينة التي تجاوز عدد سكانها المليون والثلاثمائة ألف نسمة وهي بذلك تصبح المدينة الثانية بعد "الخرطوم"، بعد أن كانت الثالثة في دارفور. وهذا النمو المضطرد في عدد السكان لديه وجهان سالب وموجب. السالب هو النزوح الكثيف لسكان دارفور من القرى إلى المدن وخاصة "نيالا"، وهجران الأهالي لمناطق الإنتاج وتبطلهم في معسكرات النازحين حتى بلغ عددهم ال(600) ألف نازح. أما الوجه الموجب هو أن أبناء النازحين الآن يتلقون تعليماً نظامياً ما كان متاحاً لهم وهم في القرى السابقة، وإذا كانت نسبة التعليم وسط القبائل العربية الرعوية في دارفور حوالي واحد في المائة، كما تقول دراسة أعدها د. "أحمد الحريزي"، فإن نسبة التعليم وسط النازحين اليوم أكثر من (95) في المائة، مما يشير إلى أن دارفور سوف يحكمها في القريب العاجل النازحون، ومستقبل القبائل العربية الرعوية تحفه المخاطر في تسرب التلاميذ من مدارس الرحل إلى ساحات القتال. و"نيالا" في الليل عدد سكانها أقل من ساعات النهار بسبب دخول الآلاف من معسكرات النازحين إلى المدينة لكسب عيشهم، وحينما خاطب الأستاذ "حسبو محمد عبد الرحمن" نائب رئيس الجمهورية أمس ألفية "نيالا"، دعا لجعل حشد الألفية التفاخري إلى حشد نفير يساهم فيه أبناء ألمدينه في إعمارها وخاصة وهي مدينة تعاني من مشكلات في الخدمات الصحية لن يستطيع الصحافي "يعقوب الداموكي" حلها لوحده، حتى ولو وجد دعماً أكبر من الدعم السخي الذي يقدمه الآن الوزير "بحر إدريس أبو قردة" لنيالا ولوزير حزبه. وبالمناسبة الأطباء في وزارة الصحة يقولون إن "أبو قردة" هو أنجح وزير صحة جاءت به الإنقاذ منذ وصولها الحكم، وحاول النائب "حسبو" معالجة قضايا مدينة "نيالا" العصية على الحل، وقد سهر بالوفد المرافق له يوم (الثلاثاء) حتى الساعة الواحدة صباحاً، ومجلس وزراء الولاية ووزراء المركز ، في محاولة لتذليل الصعاب والاتفاق على خطة يتم تنفيذها في فترة زمنية محدودة. {من إشراقات وزارة الكهرباء على قلتها هي افتتاح المحطة الجديدة التي رفعت الطاقة الإنتاجية من الكهرباء إلى (23) ميقاواط الشيء الذي يجعل التيار الكهربائي مستقراً في فصل الصيف، ولا قطوعات ولا برمجة ولا شيء من مشكلات "الخرطوم". وقد سألت شاباً مثقفاً يعمل صيدلانياً في "نيالا" عن الكهرباء، فقال منذ مجيء الوالي الجديد "الفكي" تحسنت خدمات الكهرباء وانتهت حقبة الظلام هنا. ويحظى "معتز موسى" وزير الكهرباء بشعبية كبيرة في "نيالا" بسبب حل مشكلة الكهرباء التي أرقت في الزمان السابق الحكومة المركزية، واليوم تنعم "نيالا" بالأمن والاستقرار، وقد اختار الوالي كادراً مركزياً من شباب المؤتمر الوطني لملف مدينة "نيالا" التي من حسن حظها أن يصبح السيد "طه عبد الله حامد" هو المسؤول عن أمنها وإعادة تنظيم أسواقها التي تشهد زحاماً غير عادي ،كأنها "أم درمان" يوم المولد أو الوقفة، وبسبب الأخطاء الإدارية وبحث المحليات عن المال بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، تمت المصادقة بالدكاكين عشوائياً، وحينما شبت النيران في دكان واحد في السوق امتد الحريق لأكثر من خمسة وثلاثين دكاناً في السوق مساء (الأربعاء)، وقدر "شارف علي مسار" الخسائر الأولية بأكثر من أربعين مليار جنيه. وقد فشلت عربة المطافئ في الوصول لمنطقة الحريق بسبب عشوائية المباني بسوق "نيالا"، ويذهب "شارف" وهو يتولى رئاسة اتحاد أصحاب العمل إلى ضرورة إعادة تخطيط بعض الأسواق في المدينة، التي تستهلك اثنين ألف جوال من الدقيق يومياً وسبعة عشر جالوناً من البنزين يومياً وثلاثين ألف جالوناً من الجازولين، حسب إفادات قيادات اتحاد أصحاب العمل "مسار" ومساعديه "محمد الدومة رحمة" ومحمد حامد أبكر". {و"نيالا" تفرح مع سيف الجامعة وتغني حتى الساعات الأولى من صباح (الخميس)، والاتحاد الوطني لشباب السودان يزف خمسمائة شاب وشابة لعش الزوجية الدافئ في هذا الشتاء، منهم بعض ذوي الاحتياجات الخاصة من الرجال والنساء قدم لهم اتحاد "بشار شوقار" مساعدات جعلتهم يغادرون محطة العزوبية إلى دنيا أخرى. واتحاد شباب السودان قد جمل مساء "نيالا" بالأفراج والليالي الملاح والآلاف يبتسمون في تلك الليلة والفرح يملأ المدينة و"نيالا" تغني مع سيف. حبيب القلب يا طيب أراضيك وين أمس ما لحقت أمسي عليك ولا مساني من طيب الأغاني حنين سنين مرت عجاف بالحسرة وماخلت وراها سنين رغم قساوة الفرقة وعذاب البين رزاز في دمي حسيتك مسكتك وانزويت شارعين ودسيتك من الشك الملاني يقين شكراً "نيالا" فأنا غير محايد في حبك وعشقك وريدك الذي يتسلل لمسامات الجسد في كل الأمسيات، لأنك تفاحة دارفور بلدنا.