استعجال النتائج!! نجل الدين ادم من إيجابيات الحوار الوطني الذي قطع شوطاً كبيراً، أن المتحاورين فيه ناقشوا باستفاضة قضايا مهمة ومفصلية متعلقة بالحكم وإدارة شأن البلاد والاقتصاد والسلطات الدستورية، الصحة والتعليم وغيرها من أمهات القضايا والهموم، بجانب شواغل المعارضة السياسية والمسلحة على السواء، وفي ذلك أعتقد أن المتحاورين في قاعة الصداقة نجحوا إلى حد كبير في التوصل إلى توصيات جيدة لحل الكثير من المعضلات.. وعلى هذا يفترض أن تخرج البشريات والمحفزات تباعاً، لكن الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني السيد "حامد ممتاز" أطلق أول أمس حديثاً عبر الإعلام مفاده أن توصيات الحوار الوطني لا تلغي المؤسسات المنتخبة. بغض النظر عن صحة المعلومة أو عدمها، فإن إرسال رسائل كهذه من شأنه أن يثبط الهمم ويولد حالة من الإحباط وسط المتحاورين، فعندما يقول مسؤول رفيع في الحزب الحاكم بهذه المعلومة فهذا يعني أن المؤتمر الوطني سيعمل في نهاية الأمر على (فلترة) التوصيات التي سيخرج بها المؤتمرون وتنقيحها جيداً وأخذ ما يريد ورفض ما لم يرق له، وهذه بالفعل كانت من مخاوف الأحزاب والقوى السياسية وهي تهم بدخول عملية الحوار. ماذا يقصد المسؤول السياسي بالحزب الحاكم "حامد ممتاز" هنا بالمؤسسات المنتخبة؟ بالتأكيد، رئيس الجمهورية، وبالفعل فقد فاز في الانتخابات الأخيرة، وكذلك النواب البرلمانيين في المجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية، فقط تبقى ولاة الولايات، فعندما يخرج حديث كهذا بغض النظر عن الفحوى فإنه يدل على أن كل المناصب الدستورية المنتخبة ستظل باقية دون أي تعديل، وهنا قد يقول القائل وما جدوى الحوار إذا أي شيء في محله دونما تغيير؟! مثل هذه التصريحات ترسل إشارات سالبة بأن حزب المؤتمر الوطني الحاكم يخشى من أي تغيير جذري يقره الحوار الوطني عبر توصياته، في حين أننا نذكر جيداً أن رئيس الجمهورية أعلن التزامه بتنفيذ مخرجات ونتائج الحوار الوطني، وظل يجدد ذلك، فهذه كانت الضمانة الحقيقية للذين دخلوا حلبة الحوار الوطني.. فلماذا يأتي السيد "ممتاز" بعكس ما هو محفز ومرغب لدخول آخرين جدد؟! هذه التصريحات إذا قال بها أي مسؤول في حزب آخر أو ممثل في لجنة الحوار، لن يكون لها بالتأكيد صدى ومفعول ما خرج من حديث على لسان الأمين السياسي للوطني. وحتى تمضي الأمور على النحو المطلوب وتأخذ مجراها دون أن يحدث أي تشويش فإن الحكمة تقتضي أن نستعجل النتائج.. والتشويش الذي قصدته هنا يعني هزيمة كل ما توصلنا إليه، لذلك يفترض على المسؤولين أن لا يستعجلوا النتائج، لأن في استعجالها آثاراً سالبة ومردوداً غير جيد.