يبدو أن الأصل في حياتنا اليومية الموبوءة بالأزمة الاقتصاية أصبح زيادة الأسعار وليس استقرارها، زيادة أسعار كل شيء ابتداءً بالنبق والدكوة وانتهاءً بالبنزين والكهرباء.. فاجعة جديدة وضربة قاصمة تلقاها المواطن محمد أحمد؛ بدون مقدمات زيادة (فظيعة) قدرها (250%) في واحدة من الأركان الرئيسة في حياة البشر (الماء، النار، والكلأ).. لم تكن (الضربة) متوقعة من وزارة الكهرباء وحال محمد أحمد يقول (حتى انت يا بروتس) وهي مقولة ذائعة الصيت تضرب مثلاً للتدليل على الخذلان.. ما كان يتوقع المرء أن يكون مآل (ثورة) السدود والكهرباء هذه الزيادات المخيبة للآمال.. بدلاً من رفع عدد (الوطات) المدعومة لأكثر من (200) جاءت الزيادة بحجة ترشيد الاستهلاك.. لماذا يتم الترشيد في سلعة لدينا فيها فائض حسب ما تقول الاحصاءات الرسمية؟!.. ثم من الذي يحدد أن (200) واط هي حدود الترشيد؟.. أغلبية كبيرة من المواطنين أضحت تتجاوز استهلاك (200) كيلو واط، وهم شريحة كبيرة من أصحاب الدخل المحدود المغلوبين على أمرهم.. لماذا لا يكون حد الاستهلاك السكني (1000) واط مثلاً في ظل ذلك الفائض المزعوم؟.. كثير من الأسر أصبح لديها أجهزة كهربائية ضرورية مثل الغسلات والثلاجات والفريزرات.. هل يرمي المواطنون مكواة الكهرباء ويعودون إلى مكواة الفحم لأجل عيون الترشيد في ظل (ثورة) السدود المديدة؟.. هذه الزيادة (السُكوتية) التي فرضت (لا حس ولا خبر) ستتبعها حتماً زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات وتقود لارتفاع التضخم لمعدلات خرافية.. المعلومات تقول إن نسبة التضخم الشهر الماضي عانقت حدود ال(37%).. خبراء يتوقعون أن تقفز زيادة الكهرباء بالتضخم إلى (45%).. الترشيد المطلوب يجب أن يكون سلوكاً لدى الأفراد بالمؤسسات وداخل الأسر وليس قسرياً عبر هذه الزيادات التعسفية.. من عجائب دواعي الزيادة ارتفاع أسعار الوقود؛ وتلك كانت ضربة أولى في الرأس سددها "علي محمود" وزير المالية واليوم ضربة ثانية سددها "أسامة عبد الله" وزير الكهرباء و(ضربتين في الراس بتوجع يا أسامة).. أليس من المفترض أن التوليد الحراري الذي يستخدم فيه الوقود (المولع نار) قد انحسر واضمحل مع (ثورة) السدود وقضى عليه التوليد المائي قضاءً مبرماً؟.. وحسب علمنا أن المحطات الحرارية اليوم هي محطات احتياطية تعمل في فترات محددة فضلا عن وفرة التوليد المائي بسبب تلك (الثورة).. لقد كانت الموازنة المرقعة التي قدمها وزير المالية للتعديل للمرة الثانية دون حسيب أو رقيب قد أفضت إلى رفع الدعم عن المحروقات وزيادة في القيمة المضافة (2%) وزيادة ضريبة تنمية الواردات (3%) بجانب تعديل سعر الدولار الجمركي وتحريك سعر الصرف للاستيراد المدهش أن تلك الميزانية المرقعة أجيزت ولم يكن بها بنداً لزيادة تعرفة الكهرباء!!.. أين نمر الورق البرلمان وأين نواب الشعب المسكين؟. هل يجرؤ البرلمان على مطالبة الحكومة بأن تكون سياستها الاقتصادية حزمة واحدة بحيث تظهر الموازنة واضحة المعالم؟.. إذا كنتم تعتقدون فأنا لا أعتقد. • آخر الكلام: ما هو بيع الغرر؟ هذا ليس سؤالاً نفترض فيه جهل القراء بهذا النوع الفاسد والمحرم من أنواع البيوع، لكنه سؤال استنكاري واحتجاجي نوجهه إلى شركة الكهرباء التي تقبض الثمن مقدماً وتنكص عن تعهداتها بتوفير الامداد الكهربائي في أحيان كثيرة.. عندما يشتري المواطن الكهرباء ويدفع أمواله مقدماً ثم يفاجأ بقطع التيار عليه فإن شركة الكهرباء تدخل في البيع المحرم وهو بيع الغرر.. عندما ينقطع التيار فجأة وتتعطل الأجهزة الكهربائية نتيجة لاضطراب التيار الكهربائي، فمن المسؤول عن تعويض المواطن المتضرر؟.. بيع الغرر في حالة الكهرباء هو المجهول العاقبة، الذي يفضي إلى مفسدة الطعام في الثلاجات، بل إفساد الأجهزة الكهربائية نفسها.. الغرر ظلم ومفسدة طعام وتعكير المزاج.