ورحل "البلالي" نجل الدين ادم هي أقدار واجبة النفاذ، فقد خيم الحزن علينا وكان يوماً ثقيلاً، ونحن نسمع نبأ وفاته صباح أمس (الاثنين)، بعد أن فارق دنيانا الفانية ليل أمس الأول، فقدنا أخاً عزيزاً وصحافياً من طراز فريد يجيد هندام الكتابة والتعبير الجميل، رحل عنا "عادل البلالي" وهو يناديك بعبارته المفضلة (صديقي الضخم)، رحل وكأنما حديثه بيننا لم يكتمل. رحل "البلالي" وقد خلف ذكرى عطرة من الحب المتناهي لمهنته، فهو من طراز محبي مهنة المتاعب حتى النخاع، ظل يعطي للمهنة بلا كلل أو ملل، فهو عالم في كل فنون الصحافة بكل ما تحمل، مخبر لا يشق له غبار، محاور يجيد فن إدارة دفة السؤال والاستنطاق والحديث السياسي العميق، رياضي حتى الإدمان، وذو علاقات متميزة بالوسط الفني والثقافي، كان "البلالي" صحفياً شاملاً يعبر عن الكثيرين في طرحه من خلال أسلوبه الجميل، وما يشكله من رأي عام. عملنا مع الراحل لسنوات ليست بالطويلة ولكنها كانت عنواناً بارزاً في مسيرتنا، فكان معيناً لنا يحببك للمهنة وهو ينظم الكلم بالأقلام الملونة التي لا تفارق جرابه الصحافي (أخضر وأحمر وأزرق وأسود)، يسطر ويميز العناوين الرئيسية والجانبية بالألوان في نسق مريح ليأخذك لتقرأ كل ما كتب دونما انتقاص. لم يكن المرض الذي ألم به قبل شهور مضت محطة ليغادر مهنة المتاعب، بعد أن أعياه النضال المهني، بل كان زاداً له ليعود قوياً لمواصلة المسير. قرأت أمس، عمود الشكر الذي سطره الراحل في صحيفته المحبوبة (الدار)، وهو شاكر لفضل كل من وقف معه وهذا ديدن الأفاضل من الناس، لا ينسون الجميل، فرغم أنه استأنف الكتابة قبل أيام طويلة في صحيفة أخبار اليوم الغراء، إلا أنه أراد أن يودع الناس بالشكر على حسن معاملته، سطر الكلمات وكأنه أحس بدنو الرحيل. لك الرحمة والمغفرة أخي "عادل البلالي"، فقد كنت محلقاً إعلامياً لأهلك في عموم كردفان وبخاصة لأهلك في غرب كردفان ومنطقة غبيش الحبيبة في المركز، وأنت تنقل همومهم وقضاياهم، فقد كنت مرجعاً، وسيذكر لك الكبير والصغير من أهل كردفان ما قدمته لوطنك الصغير، وسيذكر لك السودان ما قدمته من أدوار وطنية جليلة. الكلمات تعجز عن وصف قامتك أخي "البلالي"، ولكننا لا نملك إلا أن نقول (حسبنا الله ونعم والوكيل)، التعازي الحارة لأسرة الراحل في الخرطوم وكردفان وعموم السودان ولقبيلة الصحافيين الممتدة ولأسرة صحيفتي أخبار اليوم والدار وكل معارف الراحل، " إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ".