ينظر كثير من المتابعين للشأن الرياضي بشيء من الاستغراب والغضب – أحياناً - لأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام لكرة القدم بسبب كونهم أعضاء في المكتب التنفيذي وفي نفس الوقت رؤساء للجان الكثيرة التي افترعها الاتحاد لتسيير أعماله، لدرجة أن بعضهم يمضي يوماً كاملاً في الدخول والخروج من اجتماع لآخر! وربما ينطبق نفس الشيء – مع اختلاف السياق طبعاً - للعلاقة التي تربط قيادات حزب المؤتمر الوطني - الحاكم وقيادات الحركة الإسلامية، فمثلاً نائب رئيس المؤتمر الوطني، علي عثمان محمد طه، هو الأمين العام للحركة الإسلامية، وكذا الحال ينطبق على قيادات كثيرة في الوطني، فهنالك أسماء كثيرة تعمل هنا وهناك أمثال مصطفى عثمان إسماعيل ومهدي إبراهيم وأمين حسن عمر وإبراهيم أحمد عمر وحسن عثمان رزق وعبد الرحيم علي وغيرها من القيادات، وربما ينضم إليهم لاحقاً رئيس المؤتمر الوطني نفسه رئيس الجمهورية، عمر البشير، لو صدقت التقارير الإعلامية التي ترجح أن يشغل البشير منصب رئيس الحركة، خلفاً لعلي عثمان محمد طه الذي انتهت فترة عمله في منصب الأمين العام بعد أن يتم تعديل الدستور الذي يسير عمر الحركة الإسلامية. وليس هنالك تعريف محدد لماهية الحركة الإسلامية أو القالب الذي تعمل عليه لدرجة أن نائب الأمين العام بها، البروفسير إبراهيم احمد عمر، قال إنه لا توجد جهة في السودان يمكنها أن تسجل وتنظم عمل الحركة الإسلامية لتنوعها في أعمالها وأنشطتها. ولكن القيادي بها والوزير برئاسة الجمهورية يعرفها بقوله: " هي جماعة أو تنظيم اجتماعي له أهداف ثقافية واجتماعية وسياسية، ومع تطاول الزمن تحول التنظيم وتطور ليصبح مجتمعاً.. يرتبون السلطة فيما بينهم.. وهم الآن تجاوزوا البيروقراطية، وتطورت أهدافهم". ومع ذلك، تتجاذب أطراف كثيرة في الوقت ذاته أحقيتها بالحركة الإسلامية بعد أن انشق الإسلاميون في العام 1999 إلى حزبين: المؤتمر الوطني بقيادة عمر البشير، والمؤتمر الشعبي بقيادة الأب الروحي للإسلاميين، الدكتور حسن الترابي. وفي هذا الصدد يقول أمين حسن عمر ل(المجهر) إن الحركة الإسلامية هي جزء من المؤتمر الوطني والوطني هو جزء من الحركة الإسلامية قائلاً: " لأننا في الحركة الإسلامية وكغلبة قررنا أن ننضم للمؤتمر الوطني". ويعتبر القيادي السابق في حزب المؤتمر الوطني رئيس حزب العدالة، أمين بناني أنه لا يوجد من يزعم أحقيته بالحركة الإسلامية. وقال ل(المجهر) خلال وقت سابق: "إن أعضاء المؤتمر الشعبي يمكنهم أن يزعموا أيضاً أن الحركة الإسلامية تابعة لهم، ولن يستطيع الوطني أن يقول لهم أنتم لا تمثلون الحركة الإسلامية" ويفسر بناني هذه الورطة بقوله إنه لا وجود لشيء اسمه الحركة الإسلامية، وتابع قائلاً: " هي مجرد شلة صغيرة من قيادات الإسلاميين تستحوذ على تنظيم سري يسمي الحركة الإسلامية، وليس من الواضح من أين تأتي ميزانيتها وكيف تصرف ومن الذي يضع القرارات؟". وتبدو العلاقة شائكة لحد التداخل بين المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، فمن جهة تقول بعض القيادات كما في حالة أمين حسن عمر إنه ليست هنالك وصاية من الحركة الإسلامية على المؤتمر الوطني "وممنوع عليها أن تتحدث في تحالفات الحزب ورؤيته لإدارة البلاد وسياساته العليا وحتى رئيس البلاد المقبل". فيما يرى آخرون مثل القيادي عبد الله علي إبراهيم أن الحركة الإسلامية هي من يجب أن توجه الحزب وتحدد له اتجاهاته الفكرية، وتعيده إلى جادة الطريق إذا سار في اتجاه مخالف. غير أن اللافت للانتباه في علاقة الحزب بالحركة أن من يديرون شئونها ويقررون في أمرها هم نفس القيادات التي تقرر في شأن حزب المؤتمر الوطني وتقرر في شئونه. وينظر القيادي في الوطني والذي يثير جدلاً هذه الأيام، قطبي المهدي، بزاوية مختلفة للحركة الإسلامية بقوله: "كانت الحركة الإسلامية قبل الإنقاذ حركة دعوية وحزباً سياسياً، وكانت لها تطلعاتها للوصول للسلطة، أما بعد الإنقاذ فأصبحت مهامها عند مؤسسات أخرى، وتوقف دورها لأن الدولة والحزب يقومان بجزء كبير من نشاطها". ويرى قطبي في حوار نشرته صحيفة (الشرق الاوسط) الأسبوع الماضي أن الحركة الإسلامية مسجونة في زنزانات الحزب، وقال: " أنا من الذين يزعجهم الحديث عن الحركة الإسلامية كتنظيم وهياكل، فالحركة الإسلامية هي الجهد الدعوي بكل أشكاله، أما إذا تحولت إلى مؤتمرات ولوائح ورئيس وأمين عام ستستغرقنا عن القيام بعمل إسلامي حقيقي في المجتمع، ونكون قد سجناها في سياق يمنع دورها كحركة إسلامية". ويرى الخبير في قضايا حركات الإسلام السياسي، الدكتور عز الدين محمد إبراهيم "أن ما يحدث بين الوطني والحركة الإسلامية هو مجرد لعب أدوار وتبادل للمنافع". وقال خلال اتصال هاتفي مع (المجهر) يوم أمس: "لا يمكن أن تكون نفس القيادات في الحزب والحركة الإسلامية، وفي نفس الوقت يريدون التغيير أو إصلاح حال الحزب أو الحركة.. من الأفضل أن يتم الفصل في القيادات وأن يمنع أن يكون الشخص نفسه هنا وهناك لو أرادو فعلاً الفائدة للجهتين". ويرى إبراهيم أن الغرض من وجود الحركة الاسلامية هو "مجرد قطع الطريق على الإسلاميين الآخرين ليهيمنوا عليها، وإلا فكيف نفسر أن يتم الرفض لشخصيات إسلامية معروفة ومؤسسة بالانضمام للحركة الإسلامية". ويحاجج أمين حسن عمر بجدوى وجود الحركة الإسلامية بوجود تنظيمات ذات صبغة إسلامية وتقف وراء أحزاب سياسية كما هو الحال بالنسبة لكيان الأنصار الذي يساند حزب الأمة وطائفة الختمية التي تعتبر الوقود الحيوي للحزب الاتحادي الديمقراطي، وبالتالي لا يرى أن هناك أي داعٍ للاستغراب عندما تساند الحركة الإسلامية حزب المؤتمر الوطني. ولكن هنالك عدد مقدر من الإسلاميين يرون أن الوطني يريد أن يقطع الطريق أمام منافسه اللدود حزب المؤتمر الشعبي حتى لا يؤثر على اتجاهات الحركة الإسلامية، وتكون تحت سيطرته، وهي خطوة من شأنها أن تقلل حرب المذكرات الإصلاحية التي اندلعت مؤخراً داخل صفوف الوطني ضمانة من أجل ألا يتحول المجاهدون الناغمون والذين يسمون نفسهم ب"السائحون" إلى جماعة يصعب السيطرة عليها وخاصة أنهم بدأوا نشاطاً ملحوظاً مؤخراً.