اشتعلت الحرب داخل صحة الخرطوم، وبات الدكتور مامون حميدة، وزير الصحة الولائي، والمسنود من الوالي، في مواجهة عاصفة مع اختصاصيين في مستشفيات الولاية ! جريدة الصحافة، التي تابعت التطورات، أشارت إلى أن الاختصاصيين طالبوا بإقالة الوزير، بسبب التردي في مجال الصحة وانهيار الخدمات العلاجية والصحية بالمستشفيات، وأنهم ذهبوا إلى أكثر من مجرد المطالبة اللفظية .. إلى رفع مذكرة إلى الدكتور عبد الرحمن الخضر، والي ولاية الخرطوم .. طلبوا فيها باتخاذ إجراء بإعفاء الوزير .. العواصف التي واجهها الدكتور مامون حميدة .. ظلت شديدة الهبوب .. والسبب أن الحمل الكبير الذي تتولاه وزارة الصحة الولائية .. أكبر بكثير من أن تقوم به هذه الوزارة .. وزاد الطين بلة أيلولة المستشفيات الاتحادية للولاية .. واشتعال صراعات (أولاد الدفعة) والتيارات المختلفة داخل الوزارة، وارتفاع الأصوات الشاكية من المرضى والمراجعين، وتراجع الميزانيات المخصصة لمواجهة الأعباء الصحية في الخرطوم . الواضح .. أن الخدمات الصحية سيئة وبعيدة جدا عن الحد الادنى الذي يحتاجه المواطن، والواضح أيضا أن هناك ارتباكا إداريا يسود العمل في هذه الوزارة، وما جرى من إعفاءات وقرارات إدارية متعددة في الآونة الأخيرة، يشير إلى وجود تأزمات ومحاولات متعجلة للم الملف الصحي، لكن التأزمات تتفاقم، وكل إخفاق يمكن ان يزيد الاحتقان، وأكبر دليل أزمة القفازات الصحية في مستشفى الخرطوم التي زادت من لهب المواجهة . بصراحة .. أشفق على الدكتور المعز حسن بخيت، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، فقد وجد نفسه، بحكم المنصب، في قلب المعارك التي تدور، بل وقد بات جزءا من الصراع الدائر، بعدما استخف في خبر (الصحافة) بالمذكرة، مشيرا إلى أنها جاءت "بسبب ملاحقة الوزير للاختصاصيين للعمل في الاطراف والمشافي النائية .. والاستمرار في تقديم الخدمات العلاجية والصحية بمعزل عن ادارة المرافق الخاصة التي يمتلكها غالبيتهم" ! طبعا .. لا نعرف حقيقة ما أشار إليه المتحدث باسم الوزارة، وبالتأكيد أن للاختصاصيين الغاضبين مسوغاتهم التي دفعتهم للمطالبة بإقالة الوزير، وأن لهم دفوعاتهم في مواجهة ما تقوله الوزارة، لكن ما نستطيع التأكيد عليه، أن احتقانات وزارة الصحة الولائية تزداد ساعة بعد أخرى، وأن المحصلة النهائية للصراعات الداخلية .. هي المزيد من التردي في الخدمات، والمزيد من المعاناة للمواطن .. الذي لم يعد يوجد في جسده مكان خال من ضربة سيف، أو رمية رمح .. من معاناة الحياة ورهقها . إن توقيع 200 اختصاصي على المذكرة المطالبة بإقالة الوزير .. دليل على وجود أزمة حقيقية، وحتى لو كان العدد الكلي للاختصاصيين يبلغ 1200 اختصاصي كما تقول الوزارة، فإن هذا لا ينفي أزمة الثقة التي تعصف بالوزير وطاقمه الإداري، خصوصا وأن عمليات استقطاب نشطة تجري في هذا الصراع، كما أنه يصعب الجزم بأن الذين لم يوقعوا على المذكرة راضون عما يجري، أو مقتنعون باستمرار الوزير في منصبه . بصراحة .. لا ندري ما إذا كانت آلام الوزارة ستزول بذهب د. حميدة أم أن الآفة أكبر من ذلك، لكننا نرفض أي آلام إضافية يتعرض لها الناس البعيدين عن حلبة المتصارعين، ونرفض أن يكون الثمن ترديا إضافيا في الخدمات الصحية الكسيحة . أحسموها .. قبل أن يحسمكم القوم !