ما الأسماء التي تطلق على كل الكائنات– كما يعتقد كثيرون- سوى مفاتيح لفك شيفرات هويتها، وأسماء السودانيين تحديداً متعددة ومتشعبة حد أن بعضها يشير مباشرة إلى أعراق أو قبائل حامليها، حيث تتميز كثير من المجموعات الإثنية أو الثقافية بأسمائها الخاصة، وبقراءة سريعة لكل اسم يمكنك تحديد الانتماء العرقي لصاحبه، هذا إلى جانب الأسماء (العربية والأعجمية) المتداولة تبعاً لانفتاح الفضاء الكبير، والتطور المذهل في وسائط الاتصالات، ما جعل الجدات يثابرن من أجل تقريب شقتها و(سودنتها). ورغم أن معظم الأسماء عبارة عن كلمات بسيطة، إلا أن بعضها كثيراً ما يتسبب في إشكاليات عديدة قد تفضي في بعض تجلياتها القصية إلى (خراب البيوت) وتنتهي إلى طلاق. (المجهر) أخذت عينة من قصص غريبة تسبب فيها الأسماء بمشاكل كبيرة، وغير متوقعة، هذا ما تجدونه في متن هذا التقرير.. { تفضي إلى الطلاق لم تتخيل (عايدة) وهي موظفة في أحد البنوك، أن مخالفتها زوجها في اختياره اسم طفلهما سيدخلها في دوامة طويلة انتهت إلى طلاق، قبل أن تعود إلى عصمته مرة أخرى، فعندما طلب منها زوجها الذي كان في مأمورية خارج المدينة عند (وضوعها)، تسمية طفلهما على اسم أبيه المتوفى، لم يرق لها الأمر فضربت بوصيته عرض الحائط معتقدة أن الأمر غاية في البساطة وسينتهي بسلام، فدونت اسم صغيرها بما اتفقت عليه مع من حولها من أهل وزملاء، ولما علم الزوج بفعلتها، لم يتردد لحظة في (نفخ) كلمة (طالق) على أذنيها، دون أي نقاش وقبل أن تغادر المستشفى، لكن وبعد تدخل الأجاويد واعتذارها له ولأهله انتهى الأمر وعادت إلى بيتها. { كادت أن تقع أخرى وفي رواية قريبة من قصة "عايدة"، حكت "فائزة" وهي تبتسم موقفاً مشابهاً كاد أن يفضى إلى طلاقها بعد أن أصرت هي وزوجها على موقفيهما بعناد، حيث آثرت إطلاق اسم شقيقها الأكبر الذي تكفل بتربيتها بعد الرحيل المبكر لوالدها على مولودها، لكن زوجها وبإيعاز من أهله– كما قالت- خالفها الرأي مقترحاً اسماً آخر غير منسوب لأحد الأقرباء من الأسرتين، فظنت "فائزة" أن أهل زوجها هم من أوعزوا له بذلك، واعتبرت الأمر برمته بمثابة (إعلان حرب) فأصرت على رأيها، ولم تستجب لتدخلات أهلها ونصيحة شقيقها (سيد الاسم)، ما دفع الزوج لمزيد من الاستعصام برأيه، حتى أنه رفض الالتزام بمتطلبات (السماية) التي تم تأجيلها إلى حين انتهاء المفاوضات التي انتهت بتنازل الزوج بعد أن نالت حصتها كاملة غير منقوصة من التعنيف والتقريع. { الاسم سالم "عاصم" الذي تمت تسميته على خاله، اشتكى ل(المجهر) من متاعبه مع هذا الاسم من قبل والدته التي قال إنها تغالي في محبة شقيقها ورفعه إلى مصاف الملائكة رغم اعترافه بأن "عاصم" اسم جميل ومواكب، وأضاف: كلما بدر مني تصرف (شائن) حسب تقديرها، فإنها تسمعني عبارة (الاسم سالم) وكأنني أصبحت نقمة على شقيقها، ولا محالة ملوث لسيرته الزاهية والناصعة، واستطرد: طلبت منها مراراً أن تكف عن ذلك وهددتها بأنني عندما أصل السن القانونية سألجأ لتغيير اسمي حتى انفك من تلك الأسطوانة المشروخة، وختم (مطنطناً): يا أخي أهلنا ديل كرّهونا الأسماء ذاتها. أما "س.ج" وهو اسم مركب لطالبة جامعية، منسوب إلى جدتها لأبيها المتوفاة، فقد عانت ما عانت من اسمها- على حد تعبيرها– حيثُ قالت: اسمي يُدخلني في حرج بالغ وسط المجتمع حولي، فمنذ أن شببت عن الطوق وأنا أبدي تذمراً كبيراً منه، حتى أنهم اكتفوا بتدليل وتمليح الجزء الأول منه ومناداتي به، لكن كل ذلك لم يشفع لي ولهم، طالما أنه قائم كما هو في الأوراق الرسمية، وكثيراً ما زورته عند وجودي مع ضيوف أجتمع بهم لأول مرة في جلسات التعارف الخاطفة. وختمت قائلة: من الآخر كده اسمي دا سبب لي عقدة عديييل كده، خاصة وان أسماء بقية شقيقاتي (مودرن) ومواكبة، وما زلت أعدّ نفسي كبش فداء، رغم أن خطيبي طمأنني بأن القيمة الحقيقية ليست في الاسم بقدر ما هي في الأخلاق. { غيّر اسمك لكن اسم أبوك (لا) ولأن الاسم كثيراً ما يكون محل نقاش وباعث على المشاكل، فإنه وحسب القانون يمكن تغييره أو تعديله وفقاً للضرورة، وفي ذلك أفادنا الأستاذ "طارق سيد أحمد" المحامي أنه حال اختلاف الاسم الواحد في الأوراق الرسمية، كانتقاص حرف مثلاً أو تقديمه وتأخيره، يؤتى بشاهدين للإشهاد الشرعي لتصحيح الخطأ، وفي حال تغيير الاسم كلياً يتقدم بطلب للمحكمة الشرعية وإحضار شهود ثم إعلان نشرة في الجريدة الرسمية ال(غازيتا) مثلاً، وبموجب ذلك يتم تغيير المستندات، لكن لا يمكن تغيير اسم الأب. وفي حال كان هنالك خطأ في اسم الأب، يُقدم للمحكمة طلب منفصل ويصحح من خلال التركة بعد إحضار شاهدين على أن الاسم خطأ بعد إقرار جميع الورثة بذلك.