{ في العشرين من أكتوبر الجاري وقبيل عيد الأضحى المبارك بأيام قليلة ينظر مجلس الأمن والسلم الأفريقي في توصية يقدمها "ثامبو أمبيكي" الوسيط الأفريقي في الأزمة السودانية (لفرض حل) على الحكومتين في الشمال والجنوب بشأن منطقة أبيي المتنازع عليها.. ومجلس الأمن والسلم الأفريقي يسند ظهره إلى مجلس الأمن، ويستمد مشروعية تدخله من القرار (2046) الصادر عن مجلس الأمن!! { القرار المرتقب الصدور في هذا الشهر تستحيل مقاومته ورفضه من أي من الدولتين، وكلتاهما لا حول لها ولا قوة في مواجهة مجلس الأمن الدولي، الذي (تقبل) الدول قراراته (مكرهة) إلا الدول التي تملك حق النقض (الفيتو).. وعجز الدولتين عن تجاوز معضلة أبيي هو بسبب ارتباطها بمعادلات توازن القوى والحسابات السياسية في كل من الخرطوم وجوبا، حيث يلعب المسيرية رقماً في المعادلة الأمنية ولهم نفوذ في الدولة يجعل من المستحيل التضحية بمصالحهم من أجل كسب خارجي، و"سلفا كير" يحيط به أبناء دينكا نقوك وشمال بحر الغزال، ويتربصون بحكمه إن هو أقدم على تنازلات في قضية أبيي. { لكن صدور قرار من مجلس الأمن والسلم الأفريقي سيرغم الدولتين على قبوله وتنفيذه، وإلا ستواجه الدولة الرافضة تهديداً بالعقوبات.. والمجلس الأفريقي من (اسمه) يقدّم (الأمن) على (السلام).. وحينما تخرج قضية ما من أيدي أصحابها الحقيقيين وتصبح في أيدي الدول الأجنبية، تلعب المصالح دورها في ترجيح كفة على أخرى، وقد أثبتت تجارب نيفاشا، واجتماعات مجالس حقوق الإنسان في جنيف، ومداولات مجلس الأمن حول القضايا التي تعرض عليه، والسودان يكون طرفاً فيها، مدى ضعف وهشاشة علاقات السودان الخارجية، خاصة في الفترة الأخيرة.. وقد كانت الصين وروسيا خلال السنوات الماضية ظهراً سميكاً اتكأ عليه السودان في لعبة الأمم.. ولشيء ما بدأت روسيا والصين تأخذان مواقف أقرب للحياد من الدعم والمناصرة. { وفي أفريقيا التي سينظر مجلس (أمنها وسلمها) في قضية أبيي، بكل أسف موقف دولة جنوب السودان أفضل ونفوذها أقوى، والمتعاطفون معها كثر، حتى الدول العربية التي (يفترض) أن تقف داعمة للسودان لا يجدها حينما يبحث عنها. { تواجه وزارة الخارجية خلال الأسبوعين القادمين مهمة عسيرة وصعبة في تهيئة المسرح لعرض الفصول الأخيرة لمسرحية أبيي.. فهل تفلح الخارجية في تحسين صورة بلادها لدى الأفارقة وأحد المفاوضين يثير غضب "أمبيكي" بعبارات لا تليق برجل دولة أو يُفترض ذلك؟؟ والخارجية بطبيعتها لا تستطيع تجميل الواقع بالكلام (المنمّق) والوعود البراقة، فالسياسة الخارجية هي انعكاس لما يجري في الداخل، والساحة الأفريقية تمثّل ثغرة ضعف منذ ما قبل انفصال الجنوب، ولم تفلح دبلوماسية السودان في إقناع العالم بأن الخرطوم التزمت بالاستفتاء ونتائجه، وحققت لجنوب السودان تطلعاته، ولم تنل حتى كلمة ثناء وشكر وعرفان. { ليت لقاء الوزير "علي كرتي" بالوزيرة الأمريكية "هيلاري كلينتون" يفتح أبواب العلاقة بين السودان وأمريكا، وفي ذلك بداية لاختراق كبير في علاقات السودان الأفريقية والأوروبية والعربية.