{ منذ قدوم والي الجزيرة الحالي، "محمد طاهر ايلا"، إلى ود مدني نشبت الخلافات العميقة بينه وقادة حزب المؤتمر الوطني، وأنسدت قنوات التواصل والتعاون بين الوالي الذي يجيد البناء والتعمير، ويفتقر ربما إلى فن التعامل مع الناس.. وتصاعدت الخلافات بين الوالي "ايلا" والمجلس التشريعي حتى انتصر المركز "لإيلا" وذبح المجلس التشريعي من الوريد إلى الوريد، ورفع المركز عن الوالي أعباء الرقابة والتشريع وبات الوالي (إمبراطوراً) وملكاً بدون مملكة.. وفي سابقة لم تعرفها الممارسة السياسية السوية من قبل، فصل "إيلا" قيادات حزب المؤتمر الوطني وحتى أعضاء الشورى القومية طردهم دون سند قانوني من دار حزبهم، ولكن المؤتمر مركزياً رد على الوالي، واعتبر قراراته كأنها لم تكن أي باطلة.. و(تعطلت) مصالح الجزيرة.. وانشغلت بمعارك تكسير العظام بين والي عنيد وقيادات خرجت من صلب منطقة وعي سياسي وثقل اقتصادي وحضارة ومدنية وكرة قدم وشعر وأدب وخلاوى ومشايخ، وفي كل يوم تتصاعد الأزمة ما بين "ايلا" ومجتمع الجزيرة حتى بات كل ما يفعله "ايلا" يجد الرفض حتى ولو كان في مصلحة المواطنين. يصدر الوالي قراراً بتجفيف المدارس أو تجميعها لأسباب وحيثيات تبدو مقنعة ولكن مناخ الصراع يجعلها مرفوضة وغير مرحباً بها . بالأمس أعلن كيان (أهل الفزعة) وهو تجمع لكل المعارضين لمنهج "ايلا" في الحكم والمعارضين للإنقاذ والمعارضين لوجود "ايلا" في الجزيرة، عن عقد مؤتمر بدار حزب المؤتمر الشعبي وهو حزب شريك في حكومة الوفاق الوطني وشريك بحجم كبير.. ولم يخف أهل الجزيرة وقياداتها المعارضة ضيقهم وحنقهم.. وتبرمهم من الذي يحدث في ولايتهم وتم نقل الصراع والمعركة من ود مدني إلى الخرطوم للاقتراب أكثر من المركز الذي يدعم "ايلا" ويعتبره (خط أحمر) ولكن لماذا لا يعيد المؤتمر الوطني النظر فيما يعتقد سابقاً بأنه الصواب؟ وكيف يتم تجاهل ولاية مهمة مثل الجزيرة تمثل ثاني أكبر وجود لحزب المؤتمر الوطني بعد العاصمة الخرطوم وبها مشروع الجزيرة والمناقل، ولم تمرض الجزيرة مثل بقية ولايات السودان بسرطان العنصرية ولا تتملكها عصبية جهوية.. وحتى "ايلا" الذي يرفضه أهل الجزيرة لأسباب إدارية وسياسية وسلوكية لفظاظة تعامله مع القيادات، وليس لأسباب جهوية . { الجزيرة بعد إعلان كيان (أهل الفزعة) عقد مؤتمره في السابع من يوليو الجاري بالخرطوم تدخل في عنق زجاجة أو جحر ضب.. أما أن يتواضع المؤتمر الوطني ويقدر مصلحته.. ويحترم قاعدته العريضة.. ويقبل على إجراء تعديل يرفع به "ايلا" على أعلى الدرجات ويأتي بغيره إلى ولاية الجزيرة لإصلاح ما أفسده الرجل، وأما أن يخسر الوطني ما تبقى له من رصيد شعبي وجماهيري ويخوض الانتخابات القادمة بولاية الجزيرة مكشوف الظهر.. فالقيادات الانتهازية التي (نبتت) فجأة وهي تطوف الآن حول قصر "ايلا".. ما هم إلا (جنرالات) بدون جيش وشيوخ بلا خلاوى.. وصرافات بدون رصيد .. { الجزيرة منطقة يصعب تجاهلها.. وما يحدث فيها الآن مقدمة لزلزال كبير يضرب البلاد إذا لم تقدر قيادة المؤتمر الوطني حجم الخسائر الناجمة عن بقاء "ايلا" في منصبه على حساب كل عائدات التسعة وعشرين عاماً التي انصرمت .. فهل يسمع د. "فيصل حسن إبراهيم" و"حامد ممتاز" مثل هذه النصائح التي قد لا تطربهم؟