جراحات السودان بلغت مداها، ولم يعد في جسد الوطن مكان خال من ضربة سيف أو رمية رمح . أكثر من صديق سألني بالأمس : إلى أين نسير ؟ وإجابتي المستمرة كانت الدعاء بأن يلطف بنا الله، وأن يجنبنا الحرائق، فنيرانها لا تقتصر في آثارها على من يشعلونها، ولكنها تمتد، للأسف، إلى كل منحى، ولا ينتهي لهيبها إلا بعد أن يكون قد قضى على كل أخضر ويابس . ربنا أحم وطننا من شرور الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ودثر السودانيين بالأمن والطمأنينة .. بلطفك يا رب يا رحمن يا رحيم، واجعل كل ما يجري .. بردا وسلاما على أهلنا ومواطنينا وأسرنا وأطفالنا، فلا نكون كأهل قرية يريد المولى هلاكها ، فيحق عليها العذاب .. ويدمرها تدميرا . تعقيب على (مدن وأرياف) صديقنا النذير أحمد حسن .. أرسل لنا تعقيبا حول موضوع (مدن وأرياف)، جاء فيه : أحب قريتي وأحب العيش فيها لو أن خدمات التعليم والصحة متوفرة بها، فالريف به الهدوء، الطبيعة، طيبة الناس، والأكل الطبيعي. والمدينة جميلة بالعمران و الأسواق، ولكنها لا تطاق نسبةً للازدحام والغبار والدخان الناتج من أبخرة السيارات وأزيز الطائرات . المواطن في الدول المتقدمة يفضل السكن في الريف لما يتمتع به من خدمات تضاهي ما هو موجود في المدينة، وذلك لانخفاض معدلات التلوث وبعدها عن الضجيج والازدحام، ويستقل المواطن وسائل النقل العامة للوصول إلى مكان العمل وأحياناً تكون المسافة طويلة . ويا أستاذ/ الشاطرابي الخواجات ديل عندهم اهتمام كبير جداً بالريف وتطويره، ودولهم تقدم فرص عمل كبيرة في الريف في شتى المجالات، وذلك لكي تحد من هجرة المواطن من الريف إلى المدن . أما في دول العالم الثالث، وخصوصاً السودان، فحدث ولا حرج، فتجد الإهمال وعدم الاهتمام بالريف وما يقدمه من إنتاج في مجال الزراعة وغيره من المجالات، حيث لا توجد خدمات ولا يحزنون فالمدارس تعبانة وحتى إن وجدت تكون شبه مهجورة أو خالية من المعلمين، أما الصحة دي بس أحسن نخليها ساي وما نتكلم عنها، فالمواطن في الريف أبسط مرض لا يجد له علاجا فيبدأ بالهجرة من الريف إلى الخرطوم ويكمل قروش العيش والزراعة كلها في التذاكر والعلاج . وحقيقة أن مواطن الريف أطول عمراً من مواطن المدينة وفقا للدراسات التي أجريت، لكن أبناء المدن لا يطيقون حياة الريف لمدة طويلة لأنهم تعايشوا مع صخب الحياة المليء بالحركة والأسواق الواسعة والبنيان الجميل، وكذلك أبناء الريف لا يحبون المدينة، فالريف بالنسبة لهم مرتع للطبيعة الخلابة وراحة للنفس البشرية بهدوئها وعذرية بيئتها، لكن أريافنا الحبيبة تحتاج مزيداً من الخدمات لكي نقوم بتطوير الإنتاج ونفتح المزيد من فرص العمل ونقوم بتشجيع الهجرة العكسية من المدينة إلى الريف، فنسهم بتفريغ المدن المزدحمة بالناس والسيارات ونجعلها فقط أماكن للعمل ليس إلا، ونحافظ على صحة المواطن وبالتالي نكون قد قلصنا الكثير من تكلفة فاتورة العلاج التي تثقل كاهل الدولة والمواطن على حد سواء . عليكم بالأرياف لكي تكونوا أكثر صحةً وأطول عمرا، مع التحية للأستاذ/ عبد الباسط الشاطرابي. النذير أحمد حسن