(1 ( بعد خراب سوبا، أدهشنا السيد وزير المالية بخطاب موضوعي ورقيق عبّر فيه عن موقف وزارته تجاه ما عبرت عنه وزير الرعاية والضمان الاجتماعي بشأن ما عدّته تقصيراً في موازنة 2013م تجاه الفقراء وبرامج وزارتها.. لم أكن أتخيل أن للسيد "علي محمود" وجهاً مغايراً للصورة النمطية التي عرفت عنه؛ فهو وفقاً لتلك الصورة انفعالي سريع الاستجابة لأي (استفزاز).. لذلك تعارك الرجل مع كلٍ من والي جنوب دارفور السابق "عبد الحميد موسى كاشا"، ووالي القضارف السابق "كرم الله عباس"، ورئيس اتحاد نقابات عمال السودان بروفيسور "إبراهيم غندور"، ومع كثيرين لا نعلمهم وأخيراً مع الوزيرة "أميرة الفاضل".. كان "علي محمود" عنيفاً مع الوزيرة ومع دعاة رفع الأجور، فقد طالبها بتقديم استقالتها، وأشار إلى أن أموال وزارتها تصرف في غير ما خُصصت له، كما جزم بعدم وجود أي اتجاه لزيادة الأجور.. اللغة المدهشة التي أفصحت عن شخصية (وديعة) أخرى للوزير كنا نتمنى لو كانت هي أول ما صدرت عنه وهو في سياق رده على الوزيرة ودعاة رفع الأجور.. "علي محمود" قال لاحقاً بلغة دبلوماسية رفيعة: (إن تنسيقاً تم مع رئاسة الجمهورية من أجل حل مشكلة الأجور وذلك من خلال اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية، مؤكداً أن وزارة المالية ستلتزم بتوصيات هذه اللجنة).. وأعلن الوزير (الوديع) عن اجتماع اليوم (السبت) بوزارة المالية مع اتحاد العمال لمناقشة الأجور للعاملين بالدولة في موازنة 2013م.. وفي سياق رده على زميلته الوزيرة "أميرة" وبذات اللغة الدبلوماسية أكد التزام وزارته بسداد المرتبات ومنحتي الرئيس للعاملين بالدولة بالمركز والولايات بنسبة (100%) في مواعيدها المحددة، بجانب زيادة التأمين الصحي بنسبة (100%) وزيادة المساهمة الاجتماعية بنسبة (22%).. (كلو دا يطلع منك يا علي محمود؟ طيب ليه متور نفسك ونفسنا معاك؟).. سيدي رئيس الجمهورية أتقدم لكم بعرض مجاني من شخصي الضعيف بإقامة دورة تدريبية للسادة الوزراء يتعلمون فيها كيف يعبرون عن مواقفهم مهما كانت قاسية ولكن بلغة رفيعة وبدون أية خسائر أو (خمة نفس). (2 ( قيل إن رسالة من مدرسة أساس سودانية موجهة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية (ارتعدت) لها فرائص واشنطن، فقد دعت الرسالة واشنطن إلى احترام الأديان.. الولاياتالمتحدةالأمريكية وجهت سفيرها أو بالأحرى القائم بالأعمال لزيارة المدرسة لتأكيد احترام واشنطن للأديان.. وبالفعل تكبد القائم بالأعمال "جوزيف إستان فورد" المشاق وزار مدرسة (مدار العلم) الخاصة أساس بالصالحة بأم درمان.. "إستان فورد" قال مخاطباً التلاميذ: (إن بلاده تحترم الإسلام كدين سماوي يبشر بالتسامح وكرامة الإنسان، وإن الجالية المسلمة في الولاياتالمتحدة تلعب الآن دوراً مهماً في كل مجالات المجتمع الأمريكي وتسهم في تطوير المجتمع الأمريكي وازدهاره).. بالتأكيد ليس الولاياتالمتحدة كما ذكر سفيرها تحترم الأديان، فذاك (كلام شِعر) والسلام، فالكلام الحلو (ما بقروش).. قناعتي أن التلاميذ وحتى أساتذتهم الراشدين لن ينسوا ذلك التصرف (الحضاري)، بل إن صورة (زاهية) عن الولاياتالمتحدة قد ترسخت في أذهانهم جميعاً.. هذه الحادثة نهديها إلى السيد وزير المالية ولكل الوزراء والتنفيذيين.. بينما أغفل "علي محمود" في (معركته) في المرة الأولى مع زميلته الوزيرة أن يؤسس خطاباً حضارياً قائماً على (حقائق) ذكرها لاحقاً بعد خراب سوبا، نجد أن القائم بالأعمال الأمريكي تصرف بشكل حضاري رغم أن تصرفه لا يستند إلى الحقائق التي تدعيها بلاده. (3 ( عندما تعلن السلطات عن ضبط مصيبة من المصائب ينتابني القلق أكثر مما ينتابني السرور.. نفسي تحدثني أن ما تم ضبطه ليس إلا قمة جبل الجليد وما خفي أعظم.. تمكنت جمارك الميناء الجنوبي بالبحر الأحمر من اكتشاف حالة تزوير في المستندات المرفقة لتخليص إحدى الحاويات التي تحتوي على (سماد عضوي).. بعد عمل مسح إشعاعي لهذه المادة ثبت أنها مواد مشعة!!.. بعد التنويه بيقظة الجمارك يحق لنا أن نسأل، كم هي المصائب التي تسربت وتفعل أفاعيلها في مجتمعنا وبيئتنا؟! • آخر الكلام: قال تعالى: (.. وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ..) الآية (159) آل عمران