محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    حذاري أن يكون خروج الدعم السريع من بيوت المواطنين هو أعلى سقف تفاوضي للجيش    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    سيكافا بطولة المستضعفين؟؟؟    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طرائق ورقائق
حسن فضل المولى يكتب :
نشر في المجهر السياسي يوم 23 - 03 - 2019

مرات قليلة تلك التي طاوعت فيها قلمي..وفي كل مرة كتبت ، جاء ذلك نتيجة إحساس طغى وغلب
فكان كتابي: (هذا الشيء) ورسالتي: (ويسألونك عن صلاح إدريس) ومخطوطة: (النداء قبل الأخير) والتي لم تر النور بعد..واستجابةً لهاتف مِلحاح هاأنذا أسوق هذه المُناجاة.. وأعتذر لأرباب القلم على هذه الجُرأة وهذا التطاول وأنا أسرح وأمرح في واديهم .
لقد تفتحت عيناي على الدنيا في الكتياب ..والكتياب بلدة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء .. رجالها أشداء أوفياء .. ونساؤها عابدات قانتات .
ومنذ الشهقة الأولى في حِماها جاءت مسيرة حياتي على امتدادها وثرائها وليدة مصادفات .. دون عزم مني أو إرادة.. أمكنة ومراحل الدراسة.. محطات العمل.. أقرب الناس إليّ.. الكسوب والمنافع.. كان قدري يقود خُطاي .. وكنت أمشي في دروب الحياة راضياً مطمئناً ، لا أضع لنفسي خطوطاً حمراء في التعامل مع الآخرين فكل إنسان عندي مُكرمٌ ومُقدر ..
ومن الكتياب الثانوية العامة شددت رحالي إلى “الدامر” الثانوية العليا …وأحدث قليلاً عن “الدامر” ..هواؤها يشفى العليل وإنسانها جميل ..وإلى سوقها العتيق تتدافع الإبل من كل فج عميق ..تلفها سكينة هي بعض (بركات) نار المجاذيب ..و(حنة الدامر) تمنح سواداً يُغري ويُمتع ويُبهر ..فيها أدمنت شرب الشاي في قهوة (تقلاوي) .. وانتظار قطار كريمة في محطة السكة حديد .. حباً في كريمة التي تعلق بها قلبي منذ وقت مبكر (بدون أي سبب) مع أنني لم أرها حتى اليوم إلا مروراً عابراً .
وفي الدامر حُظيت بمعرفة أحد الصالحين الأخيار “محمد صالح الحسنابي” والذي كنت كلما ذهبت إليه في متجره بسوق “الدامر” يهبني عشرة جنيهات فأتمنّع وأنا راغب فيها لحاجتي إليها فيصر عليّ لأعود بها وكأنما حيزت لي الدنيا بأسرها ..
(1)
ووجدت نفسي متورطاً في رئاسة اتحاد طلاب “الدامر” الثانوية وكنت مقتنعاً بأنني لا أملك ما يؤهلني لهذه المهمة، لذلك تجدني كثيراً ما أسأل نفسي : ما الذي أدخلني في هذه المتاهة ؟؟ وهو سؤال ظل يلازمني حتى اليوم في كل أمر أوكل اليّ ..
هكذا مضيت أطوي المراحل الدراسية إلى أن احتضنتني جامعة أم درمان الإسلامية دارساً للإعلام الذي لم أحدّث به نفسي يوماً..وولوجي لهذه الجامعة له قصة ، فمنذ صغري نشأت على حب المريخ ، وكنت أثناء العطلات التي أقضيها في أم درمان لا أترك مباراة أو منشطاً طرفه المريخ إلا و أرد مبكراً وأكاد لا أنصرف ، ولما جلست لامتحان الشهادة السودانية في “الدامر” الثانوية العليا كانت رغبتي الوحيدة كلية الآداب بجامعة الخرطوم .. وأذكر أنني بعد أن فرغت من امتحان الجغرافيا وأثناء استلام المراقب لكراسة الإجابات ، سحبتها من بين يديه لأصحح إجابتي بوضع “ممبسا” بدلاً عن “دار السلام” ، مستبدلاً الصواب بالخطأ لأفقد بذلك الدرجة التي حالت بيني وبين جامعة الخرطوم ، إذ كانت درجة القبول لكلية الآداب آنذاك(225) درجة ، وكان نصيبي من الدرجات (224) ، فعزمت على أن أعيد الكَرة العام المقبل ولم أكن راضياً بالالتحاق بقسم الإعلام بجامعة أم درمان الإسلامية والتي قسمها لي مكتب القبول ..
قبل بدء الدراسة بأيام سألت عن موقع الجامعة وذهبت لمعاينتها عصراً فأيقنت بعد رؤيتها أنها الجامعة التي تناسبني تماماً لقربها من استاد المريخ .. ولهذا السبب وليس لغيره راقت لي الدراسة في الجامعة الإسلامية ، إلا أن أقدامي لم تطأ أرض استاد المريخ أو حرمه إلى أن غادرت الجامعة وذلك لانشغالي بالعمل في اتحاد الطلاب .
وفي الإسلامية اكتسبت من الصداقات والمعارف والقدرات ماعجم عودي ..ونشطت في العمل العام ..وخفق قلبي بالحب ..وأراحتني كثيراً الإعانة الشهرية التي كانت تخصصها الجامعة لطلابها والتي لولاها لما كنت سأنعم بدراسة جامعية مستقرة .. بعدها تقاذفتني المطارح خارج السودان مدرساً باليمن ومعيداً بقسم الإعلام بجامعة الإمام “محمد بن سعود” بالرياض ثم قسم الإعلام بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وبعد عودتي للسودان قضيت أعواماً بمنظمة الدعوة الإسلامية وفيها عاصرت ثلاثة من أعظم وأقوى الرجال :-
مبارك قسم الله .
عبد السلام سليمان .
دكتور/ الأمين محمد عثمان ( أمد الله في عمره) .
وثلاثتهم كانوا يسارعون في الخيرات ..
يطعمون الطعام ويبذلون الكساء ويهيئون المأوى للمساكين والمحتاجين والمحرومين ، وينشئون المساجد والمدارس والمشافي فدخل الناس على أيديهم في دين الله أفواجاً في أدغال ومجاهل أفريقيا .
والمنظمة جمعتني بجمال الوالي .. وجمال منذ أن عرفته هُوَ هُوَ ..رفيق ورقيق وشفيق وأنيق وذو وجه طليق ..يستعجل في إنفاق ما يأتيه من مال حتى تكاد تشفق عليه وتقول لسائله اتق الله فيه ..وتجده يسبقك إلى المسرات وهو في المقدمة عند كل نازلة وواقعة .
وخلال عملي في المنظمة كمدير للعلاقات العامة كنت أول من استقبل “أسامة بن لادن” عند سلم الطائرة في أول زيارة له للسودان لتقديم العون لدرء آثار السيول والفيضانات في العام 1988، ورافقته في عدد من لقاءاته مع المسئولين وكنت أقوم بتدبير بعض أموره ..وكان عالماً ومتواضعاً ولطيفاً في تعامله ، يغمرك باهتمامه وكان كثيراً ما ينصحني ونحن نجوب أحد المباني أن أصعد درج السلم درجة درجة وألا أتجاوز واحدة لأن ذلك أحفظ للسلسلة الفقرية .
ومرة أهديت إليه عسلاً وكان جالساً على الأرض في غرفته بفندق هيلتون (كورال) فجذبني إلى جانبه وأنشأ يحدثني عن أنواع وفوائد العسل حديث الخبير .
وكان لا يشاهد التلفزيون .ويأكل قليلاً ..ويعمل كثيراً ..وتبدو عليه المسكنة لدرجة أنني لم أكن أتوقع أن هذا الرجل النحيل الحيّي الزاهد سيقيم الدنيا ولا يقعدها متبعاً منهجاً في التغيير لا أُقِره .
(2)
ومن المنظمة يممت وجهي شطر تلفزيون السودان الذي قبلت العمل فيه بعد تردد وتأبى وذلك تهيباً وإشفاقاً ..وفترتي فيه تحتاج إلى ما يقارب طبقات “ود ضيف الله” للإحاطة بتفاصيلها ومكنوناتها ..لكني تعلمت كيف أغزل خيوط البدايات المشرقة ..وكيف أستبين الغث من السمين ..وكيف أصمد في وجه الأعاصير ولعل أعتى الأعاصير ما تلفحك من تلقاء النفوس ..وكيف أتعهد المواهب والناشئة بالرعاية والسُقيا ..وكيف أنأى بنفسي عن الأضواء ومزالق الأنانية .. وكيف أتعامل مع (البخاصم يوم ويرجع يوم .. تقول أقدارنا في إيدو) .
بعد عشر سنين نواضر دفعت باستقالتي لما رأيت أنه يحسن بي أن أفعل ذلك مُخلياً المكان لمن هو أحق به مني..لم أمكث طويلاً حتى (ناداني) صديقي “عبد الدافع الخطيب” أو (عبدو) كما يحلو للأخ (النِحرِير) “صالح محمد علي” أن يناديه (ورجل نحرير.. رزين فطن حاذق)، وعبد الدافع الخطيب وأنت معه كمن يجلس إلى حامل المسك.. فهو كالنخلة في طيب ثمرها واستقامة عودها وحسن هيئتها وخيرها الذي كل ما أتاك منه نفعك..وحملني ذلك النداء إلى مصر مستشاراً إعلامياً لسفارة السودان بالقاهرة.
وهبطت أرض مصر..ولحسن حظي عملت في كنف السفير “أحمد عبد الحليم” ..وعم أحمد عندما تقترب منه تعرف كيف تكون أخلاق النبلاء وكيف يكون صنيعهم .. هو الندى والتجرد والزهد ..كان يعاني من مرض عضال لا يعرفه إلا المقربون إذ أنه لا يشتكي ولا يضجر.وهو معلول كنا نستمد منه العافية والقوة والأمل .. كان يجلس الساعات الطوال يحدث ضيوفه بمنزله العامر حديث العالم الواعي بمآلات الأحداث وعواقبها ، فلا يمَل ولا يمَلوا .
ولما كنت مقرباً منه يخصني ببعض أسراره ، فإني أشهد أنه قد لقي ربه وهو مدين ، عارياً مما يتباهى به الناس ويكنزون، هذا هو “عم أحمد” ، ولكننا أمة لا تعرف أقدار بنيها ..
وطفقت أتقلب في نواحي قاهرة المعز، وأغوص في أحشائها لثلاثة أعوام ونصف.. كانت بطعم (الحلو مر).. يوم في السما ويوم في الأرض.. فعلاوة على بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها، فإن ما تخفيه وتطوي عليه جوانحها أعظم ..
تستهويك أشياءها ..وتستهويك المصرية ..المصريات الناعمات القاتلات المُحييات المُبديات من الدلال غرائب ، (والوصف للمتنبي)
مصر سبّاقة في الجد واللعب..تلقاك بألف وجه..بكل المباهج والمعارف والمعازف والمتاحف والتراتيل والتهليل وشم النسيم.
تجد السيدة “زينب”.. “الأزهر”.. “محمد متولي الشعراوي”.. “إحسان عبد القدوس”.. “أم كلثوم”.. “فيفي عبده”.. “عبد الحليم حافظ”.. “شعبولا”.. ألخ..وأنت في مصر تمر بك أوقات توقن فيها أنه لو كان في الأرض إنسان واحد سعيد لكنت أنت ذلك الإنسان.. وتحاصرك أوقات تقول فيها لو أنه في الأرض إنسان واحد (شقي) لكنت ذلك الإنسان ..

كنت (مبسووووط) وانا (أتمرغ) في تراب أم الدنيا.
أعيش أوجاعها ومسراتها..
أتذوق طعم كل ما تمتد إليه يدي..
أغشى نواديها وأولياءها وسادتها ونجومها اللوامع ..
وأرتاد مطاعمها … قدورة ، نعمة ، فرحات ، الجحش، صبايا، أبوالسيد … وفنادقها .. ماريوت ، سميراميس ، موفمبيك ، هيلتون رمسيس ، حيث شهدت برفقة أخي صلاح إدريس إكمال صفقة موبيتل (زين) مع السيد محمد فتحي إبراهيم (مو) بحضور السيد أسامة داؤود ..
ومناراتها .. الأهرامات .. الأوبرا ، برج الجزيرة ، القلعة ، مدينة الإنتاج الإعلامي ، الأهرام ، روز اليوسف ، ماسبيرو …
وأتمشى في شوارعها .. شارع جامعة الدول ، عرابي ، البطل أحمد عبد العزيز ، طلعت حرب ، السودان ، عباس العقاد ، شارع شهاب ..
وأشهر أسواقها ومتاجرها … خان الخليلي ، العتبة ، عمر أفندي ، التوحيد والنور ..
وأحطت نفسي بثلة من إعلامييها وناشطيها الذين ينغمسون في الشأن السوداني … د. حنان يوسف ، حمدي رزق ، محمود حسين ، أسماء الحسيني ، صباح موسى ، هاني رسلان .. الخ ..
وممن جلست إليهم في بيوتهم … الأبنودي ، د. أماني الطويل ، محمد منير ..
وأنا سادر هكذا أصل ليلي بنهاري يباغتني النداء: أن حيَّ على السودان..
يومها كنت كعادتي مسترخياً في أحد مقاهي حي الزمالك العريق.. وأجمل مافي مصر مقاهيها التي لا يغمض لها جفن..
وأي مقهى يجسّد صورة مصغّرة للحياة في مصر..
كنت مستغرقاً مع كوكب الشرق وهي تتغنى برائعة الشاعر السوداني الهادي آدم :
أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غدِ
يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعد..
يا سلاااام ..
قلت يومها: وأنا يا ترى أي غدِ وأي موعد ينتظراااني ..
ومن هناك قصدت مسرعاً د. أمين حسن عمر لأرافقه للمطار بعد أن شارك في اجتماع مجلس إدارة قناة النيل الأزرق بوصفه مديراً للهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون ورئيس اللجنة التنفيذية لقناة النيل الأزرق ..
وكبري 6 أكتوبر يهبط بنا شيئاً فشيئاً إلتفت إليَّ قائلاً:
(ياخوي عايزنك ترجع لقناة النيل الأزرق) وأردف مازحاً (العرجا لي مراحا) .
صمتُ قليلاً ثم قلتُ.. (جداً) لم أزد ولم يزد..
ود. أمين كلما إقتربت منه غمرتك فيوضات تحيا بها وتمتلئ حتى المِشاش، ولن تنأى بك عنه تلك الأحكام القاسية التي يدمغك بها عندما تأتي بما لا يُحمد أو بما لا يروق له بل تدنيك إليه أكثر وأكثر حتى تكون بين يديه بمثابة (الحُوار) .
وتهيأت لفِراق مصر ..
وكان الأمر شاقاً وعصياً خاصةً وأنني لم أكمل بعد سنيّ انتدابي ..
إنتزعت نفسي من بين أضلعها..
وأنا أردد مع مجذوب أونسة كلمات عبد الرحمن بكراوي
جيت أوادعك يالقماري
ما خلاص شديت رحالي
قولي للمشتاق ورايا
الرحيل ما كان بإختياري
وعزائي ..
( ياني يا نيل ليك راجع
منك أشرب وأطفي ناري)
وأنا أُقبّل ذا الجدار وذا الجبين
(3)
كنت (مبسووووط) وانا (أتمرغ) في تراب أم الدنيا..أعيش أوجاعها ومسراتها..أتذوق طعم كل ما تمتد إليه يدي..أغشى نواديها وأولياءها وسادتها ونجومها اللوامع ..وأرتاد مطاعمها … “قدورة” ، “نعمة” ، “فرحات” ، “الجحش”، “صبايا”، “أبوالسيدط … وفنادقها .. “ماريوت” ، “سميراميس” ،” موفمبيك” ، طهيلتون رمسيس” ، حيث شهدت برفقة أخي “صلاح إدريس” إكمال صفقة موبيتل (زين) مع السيد “محمد فتحي إبراهيم” (مو) بحضور السيد “أسامة داؤود” ..ومناراتها .. الأهرامات .. الأوبرا ، برج الجزيرة ، القلعة ، مدينة الإنتاج الإعلامي ، الأهرام ، روز اليوسف ، ماسبيرو …وأتمشى في شوارعها .. شارع جامعة الدول ، “عرابي” ، “البطل أحمد عبد العزيز” ، “طلعت حرب” ، “السودان” ، “عباس العقاد” ، شارع “شهاب” .. وأشهر أسواقها ومتاجرها … “خان الخليلي” ، “العتبة” ، “عمر أفندي” ، “التوحيد والنور” ..وأحطت نفسي بثلة من إعلامييها وناشطيها الذين ينغمسون في الشأن السوداني … د. “حنان يوسف” ، “حمدي رزق” ، “محمود حسين” ، “أسماء الحسيني” ، “صباح موسى” ، “هاني رسلان” .. الخ ..وممن جلست إليهم في بيوتهم … “الأبنودي” ، د. “أماني الطويل” ، “محمد منير” ..
وأنا سادر هكذا أصل ليلي بنهاري يباغتني النداء: أن حيَّ على السودان..يومها كنت كعادتي مسترخياً في أحد مقاهي حي الزمالك العريق.. وأجمل ما في مصر مقاهيها التي لا يغمض لها جفن..وأي مقهى يجسّد صورة مصغّرة للحياة في مصر..كنت مستغرقاً مع كوكب الشرق وهي تتغنى برائعة الشاعر السوداني “الهادي آدم” :
أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غدِ
يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعد..
يا سلاااام ..
قلت يومها: وأنا يا ترى أي غدِ وأي موعد ينتظراااني ..ومن هناك قصدت مسرعاً د. “أمين حسن عمر” لأرافقه للمطار بعد أن شارك في اجتماع مجلس إدارة قناة النيل الأزرق بوصفه مديراً للهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون ورئيس اللجنة التنفيذية لقناة النيل الأزرق ..وكوبري 6 أكتوبر يهبط بنا شيئاً فشيئاً ألتفت إليَّ قائلاً:(ياخوي عايزنك ترجع لقناة النيل الأزرق) ، وأردف مازحاً (العرجا لي مراحا) . صمتُ قليلاً ثم قلتُ.. (جداً) ، لم أزد ولم يزد..
ود. “أمين” كلما اقتربت منه غمرتك فيوضات تحيا بها وتمتلئ حتى المِشاش، ولن تنأى بك عنه تلك الأحكام القاسية التي يدمغك بها عندما تأتي بما لا يُحمد أو بما لا يروق له بل تدنيك إليه أكثر وأكثر حتى تكون بين يديه بمثابة (الحُوار) .
وتهيأت لفِراق مصر .. وكان الأمر شاقاً وعصياً خاصةً وأنني لم أكمل بعد سنيّ انتدابي ..انتزعت نفسي من بين أضلعها..وأنا أردد مع “مجذوب أونسة” كلمات “عبد الرحمن بكراوي”:
جيت أوادعك يا القماري
ما خلاص شديت رحالي
قولي للمشتاق ورايا
الرحيل ما كان باختياري
وعزائي ..
( ياني يا نيل ليك راجع
منك أشرب وأطفئ ناري)
وأنا أُقبّل ذا الجدار وذا الجبين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.