حمي وطيس المواجهات الكلامية، وأصبح واضحا أن وثيقة (الفجر الجديد) .. أحدثت حراكا يتسم بالحدّة والقلق .. رغم تمسك المتمسكين .. وتنصل المتنصلين .. وشجب الشاجبين ! ثلاثة ردود أفعال .. سيطرت على المشهد أمس، وأوضحت المواقف المستمرة في التباعد بين أقطاب اللعبة السياسية . المؤتمر الوطني .. القابض على السلطة وفقا لصناديق الاقتراع، رغم تشكك بعض الآخرين في نتائج الانتخابات ذاتها .. تحدث بلغة صارمة في وجه غرمائه .. دون تحديد لهؤلاء الغرماء .. بما يجعل كل معسكر المعارضة في مجال نيرانه، حيث أشار بروفيسور بدر الدين أحمد إبراهيم، الناطق الرسمي باسم الحزب، بأن هناك أساليب حاسمة لم يكشف عن تفاصيلها سيتم اتخاذها لردع كل من يتطاول على الاهداف التي رسمها المؤتمر الوطني منذ توليه السلطة . المعارضة الداخلية غير المسلحة، والتي تمارس التململ الواضح، وتنفض يديها عن افتراضية حمل السلاح، التقطت القفاز من جانبها، وأكدت رفضها القاطع لتهديدات الحكومة بمنع القوى السياسية التي تتعامل مع الحركات المسلحة من ممارسة العمل السياسي، مشيرة في تصريحات منشورة بأن من حق المعارضة الاتصال بأي جهة، وأن التواصل مع الحركات المتمردة لا يمكن ان يكون حلالاً على السلطة وحراما على الجهات الأخرى . حتى رفقاء الخندق الواحد في زمان العسل، انبروا ملوّحين بقبضتهم في وجه المؤتمر الوطني، حيث أشار حزب المؤتمر الشعبي .. على لسان أمينه السياسي كمال عمر عبد السلام وفقا ل (آخر لحظة) إلى تحذير حزبه للمؤتمر الوطني من مغبة استهداف المعارضة السلمية بغرض إضعافها، لافتاً إلى أن أي خطوة في هذا الاتجاه من شأنها تقوية المعارضة المسلحة . هذه المواجهات الكلامية الساخنة .. رغم برودة الأجواء التي سادت العاصمة خلال الأيام الماضية .. تدل على تباعد واضح في المواقف والرؤى بين الحكومة ومعارضيها، وأن الكل يريد أن يرسل رسائل صريحة ومبطنة .. بأن الأجندة المعلنة والخفية لكل طرف .. سيكون لها ما سيقابلها من مواقف وإجراءات . محصلة المواقف المتباينة .. أن هناك بالفعل خططا يجري الإعداد لتنفيذها، دون أن يعرف السواد الأعظم من الناس ما يتم التخطيط له، وأن التسخين الكلامي الصادر من مختلف الأطراف .. يكشف عن غليان يتأجج في الصدور، تطلعا للسلطة وكرسيها الوثير ! الحاضر الغائب في كل ما يجري .. هو الغالبية الصامتة من المواطنين .. الذين يرون ما يجري، ويسألون الله ليل نهار بأن يجنب البلاد والعباد شرور الفتن والمواجهات، لأنها مواجهات تدفع بأبنائهم صوب المحارق والاحتراب، وما أقساها من فجيعة أن تفقد الأسر أبناءها، وأن تسيل الدماء في الوطن الذي يحتاج لسواعد شبابه .. كي يساهموا في بنائه .. لا ليهدموه بالحرب وآلتها الجهنمية . اللغة التي يجب أن تسود، وهذا نكرره إبراءً للذمة، هي التهدئة وإحداث الانفراجات والتقاربات، هذه اللغة ليست وقفا على الحكومة أو المعارضة المسلحة أو المعارضة الداخلية المتحفظة على حمل السلاح، لكنها لغة يجب أن تسود حتى في الإعلام بكل وسائطه. كلنا في سفينة الوطن .. ولا نريد لأحد أن يثقبها .. لأن الغرق لن يستثنى أحدا إذا غاصت السفينة في لجة البحر .