دخل المؤتمر الوطني منذ أكثر من عام في حواراتم تصلة لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد حول قضايا المشاركة في السلطة ما بعد الانفصال غير أن أجندة المعارضة للحوار مع لاوطني ظلت على الدوام منصبه بقضايا عامة ربما لا يروق للمؤتمر الوطني أن تضعه على الطاولة في أي وقت المعارضة تتحدث عن قضية دارفور والتحول الديمقراطي والحريات والعلاقة مع دولة الجنوب وغلاء المعيشة لكن الحوار لم يتقدم في أي جانب من الأجندة المطروحة منذ أكثر من عام في المقابل توصلت الحكومة لاتفاق سلام حول دارفور مع حركة التحرير والعدالة بقيادة التجاني السيسي برغم استمرار حركات أخرى غير موقعة على اتفاق الدوحة في النشاط المسلح على حدود القضية للإقليم مع دول الجوار. الحوار مع المعارضة أخذ مسارات متعددة بيد أنه اتجه في الحاضر ليأخذ أبعاد الحوار الثاني بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني من جهة أخرى وهو ما اعتبرته قوى المعارضة تراجع عن أخذ قضية الحوار الوطني بالجدية تتواءم مع المخاطر والصراعات التي تجرى الآن في النيل الأزرق وجنوب كردفان على خلفية انفصال الجنوب ودخلت قوى المعارضة في سجالات إعلامية حول حدود تفويض حزب الأمة من قبل المعارضة للاتفاق حول القضايا محل الحوار وثار جدل كثيف وتشكيك في قيادة الصادق المهدي لحوار ثنائي مع المؤتمر الوطني يبحث أجندة ربما لا تجد الاتفاق الكامل بين حزب الأمة وأحزاب المعارضة المؤتلفة فضلاً عن تحفظ المؤتمر الوطني على كثير من بنود ورقة الصادق المهدي المسماة بالأجندة الوطنية التي ظل يقرأها باستمرار على المؤتمر الوطني. مع استمرار الحوار حول الأجندة الوطنية التي قدمها الأمام الصادق المهدي تباعدت مواقف المعارضة كثيراً عن خط الحزب وبدأ كأن المؤتمر الوطني يحاول اللعب على ورقة اختلاف المعارضة ورغبة الأمام الصادق في الانفراد مع المؤتمر الوطني برغم اختلاف الطرفين على أجندة أساسية في الحوار وهي الأجندة المتعلقة بالحكومة القومية فقد طالب الصادق بإعادة تشكيل الحكومة لتضم الأحزاب الرئيسية واعتبار المؤتمر الوطني كأي حزب من ضمن تشكيلة الحكومة وهو مالم يجد أي قبول من أوساط المؤتمر الوطني. وطرح الحزب في المقابل الحكومة الموسعة أو ذات القاعدة العريضة التي تضم كل الأحزاب مع بقاء أو حيازة النسبة الأكبر من الجهاز التنفيذي للمؤتمر الوطني الاختلاف حول الحكومة وفيما إذا كانت ستأخذ أي شكل موسعة أو قومية أو انتقالية دفع بأطراف المعارضة السياسية وهم المؤتمر الوطني وحلفائه وحزب الأمة وبقية أحزاب المعارضة إلى الرهان على أوراق مختلفة التي تحدد مسار اللعبة السياسية فراهن الأمام الصادق ود. حسن الترابي رئيس المؤتمر الشعبي ومحمد إبراهيم نقد زعيم الشيوعي على المتغيرات الثورية للإطاحة بالنظام أسوة بما حدث في مصر وتونس على أساس أن ثمة عناصر مشتركة من كلا البلدين مع الظروف التي يعيشها السودان لكن سرعان ما تراجع الصادق ونقد عن خيار اسقاط النظام عن طريق الانتفاضة الشعبية فيما تمسك د. حسن الترابي وأحزاب صغيرة أخرى ضمن منظومة المعارضة بخيار إسقاط النظام عبر الثورة الشعبية. رهان المؤتمر الوطني على فقدان المعارضة للمصداقية من قبل الشارع وبالتالي صعوبة تحركه كنتيجة لما تطرقه المعارضة ربما حالفه التوفيق لأن المعارضة حاولت جاهدة وفي أكثر من مناسبة تحريك الشارع بيد أن محاولاتها لم تجد أي استجابة من قبله لكن الرهان على الشارع ربما كان ورقة لا يمتلك المؤتمر الوطني صلاحية الدفع بها في كل الأوقات فالشارع الآن محاصر بالغلاء وصعوبات الوضع الاقتصادي بعد انفصال الجنوب فيما يبدو أن الخيار أصبح قابل للخروج به مجدداً من اللعبة خاصة أن المؤتمر الشعبي وغيره من أحزاب المعارضة دخلت في تحريض مباشر للشارع ضد غلاء الأسعار. لن يجني المؤتمر الوطني والمعارضة أي نتائج جيدة من انسداد أفق الحوار الوطني أو اختزاله في قضية المشاركة في السلطة لأن اللعبة السياسية تستدعي في النهاية حكومة مسئولة ومعارضة راشدة تأخذ في الاعتبار مصالح الوطن قبل كراسي السلطة.