** إناث الإبل أيضا .. ولم أكن ارغب في العودة الي قرار تصديرها مرة أخرى ، حيث قلت كلمتي في القرار - يوم أمس - رفضا ومشيت .. ولكن الأستاذ محمد أحمد الطاهر أبوكلابيش - وزير الثروة الحيوانية والسمكية - اتصل بي غاضبا ثم معاتبا على ماجاء في زاوية البارحة التي قرأها سيادته بمظان انني اتهمته شخصيا بالفساد والافساد ، وهذا ما لم يرد في الزاوية لا تصريحا ولا تلميحا ، وكل ماجاء في الزاوية - التي أغضبت سيادته - لم يتعد وضع قرار تصدير إناث الإبل في موضع التحليل، ثم نقده بحيث تتجلى للرأى العام مساوئ القرار ومحاسنه ان كانت له محاسن ، وقلت بأن القرار غير موفق ، بل فيه إهدار لأهم ثروة قومية وإضعافها بتصدير الإناث التي تعتبر بمثابة وعاء طبيعي لانتاج السلالة الكاملة ، وبتصدير تلك الإناث بجانب الذكور تكون وزارة الثروة الحيوانية أهدت - لمن تشاء من الدول - سلالة كاملة من إبل بلدي ، علما بأن صغار الإناث مرغوبة خارجيا ،وهى الأعلى سعرا، خاصة في مصر ( القريبة دي ) وغيرها ، وأسالوا المصدرين إن كنتم لاتعلمون ، وبفتح باب تصدير الإناث تكون الوزارة قد فتحت أكثر الأبواب ربحا للمصدرين ، وعلى ذلك تخيل - عزيزي القارئ - كمية الإناث التي ستخرج بهذا الباب المربح في مقبل الأيام .. وعليه ، حفظ الأنواع من الانقراض هو ما دفعني لوصف القرار بالخاطئ ، ولأنه كذلك كان قد أصدر وزير الثروة الحيوانية ذاته قرار حظر تصدير الاناث في مارس الماضي ، وقال في قرار الحظر - نصا - انه يحظر تصدير الإناث للحفاظ على قطيع الإبل القومي ، ولذا كان السؤال بالأمس - واليوم وكل يوم - ما الذي حدث بين مارس ويونيو بحيث يصبح الحفاظ على قطيع الابل القومي بتصدير الاناث وليس بحظر تصديرها ..؟ ** ولم أقل - في زاوية الأمس - لوزير أو خفير بتلك الوزارة بأنك فاسد أومفسد، كما تراءى للسيد وزير الثروة الحيوانية ، ولكن وصفت القرار بأنه يفتح باب الافساد على مصرعيه ، وإن لم يكن إهدار ثروتنا الحيوانية وعدم الحفاظ على قطيع الإبل القومي - حسب ما جاء في قرار الحظر - افسادا ، فما الافساد ..؟.. وعليه ، فالنهج الجديد والذي يخالف النهج القديم فى ما يتعلق بموضوع تصدير إناث الإبل نهج يؤدي الي هلاك قطيع الإبل القومي وانقراضه ، فالحديث بالأمس - واليوم وكل يوم - عن النهج ، وليس عن شخص الوزير أو الوكيل ، فالشخوص لاتهم الرأى العام كثيرا اذا صلحت طرائق التفكير التي هم يديرون بها الشأن العام .. وطرائق التفكير التى اتبعتها الجهات المختصة - وزارة كانت أو مجلسا أو غيره - في تصدير إناث الإبل لاتصلح في تطوير هذا القطيع القومي والحفاظ عليه ، أو كما قال قرار مارس الوزاري .. !! ** وبالمناسبة .. أفاجئ وزارة الثروة الحيوانية - وكل ولاة أمر هذه الثروة القومية - بمعلومة مهمة جدا ، عسى ولعلها تراجع القرار الأخير وتتراجع عنه .. هناك في جنيف لجنة عالمية اسمها اللجنة الدولية للموارد الوراثية ، مناط بها حفظ وتوثيق وتسجيل الصفات الوراثية للسلالات الحيوانية لكل الدول ، حتى لاتستغل دولة سلالة حيوان دولة اخرى استغلالا تجاريا .. للأسف السودان من الدول التى لم تسجل سلالات أنعامها في تلك اللجنة حتى فجر اليوم ، علما بأن السودان الحبيب هذا يتصدر الأول عربيا والثاني افريقيا في إنتاج هذه الثروة ، وأهمية تسجيل السلالات الحيوانية في تلك اللجنة الدولية لا تقل أهمية - عند عقول الدول المنتجة - عن حرصها على الإنتاج والتصدير ، باختصار، تلك لجنة تحفظ لكل دولة أنواع حيواناتها بكل صفاتها الوراثية وسلالاتها، بحيث لا تسرقها دولة أخرى وتنتجها لتسوقها عالميا .. هي كالملكية الفكرية يا وزارة الثروة الحيوانية .. ولن تسمع الوزارة هذا النداء حتى تتفاجأ ذات ضحى بدولة جارة - أو بعيدة - تحتكر ملكيتها ( للإبل البشاري )، ثم تصدرها .. هكذا تكتشف - عزيزي القارئ - بأن اتباع النهج العلمي والعملي المعمول بهما عالميا هو الأصلح في إدارة أي شأن عام ، وأن اتباع نهج ( الكلفتة ) لايثمر الا الحصاد الهشيم ، في أي شأن عام ، وما إناث الإبل الا جزء من الكل ... والله المستعان ..!! إليكم - الصحافة -الاثنين 09 /6/ 2008م،العدد 5378 [email protected]