وردتني مكالمة من مذيعة الرياضية المميزة (داليا الطاهر) تدعوني فيها للمشاركة معها في حلقة من برنامجها (نقاط محظورة)، التي تناقش فيها تفشي ظاهرة تعاطي البنات للشيشة .. حاولت الاعتذار بحجة ان الموضوع خارج نطاق تغطية (شبكة) معرفتي بما استجد على عوالم البنات .. بالذات حكاية تشيش البنات دي لاني ما جايبة روقا، ولكن (داليا) طلبت مني متابعة الموضوع معها فقط، ومن ثم ادلي برأي في (الحاصل) قبيل ختام الحلقة .. قولوا لي ما بركة السمعتا كلاما ؟! .. بالجد أنا شاكرة للفرصة الاتاحت لي متابعة تلك الدنيا العجيبة. كان ضيف الحلقة هو الدكتور (الرشيد البيلي) الذي غطى الموضوع من كافة جوانبه، فمن الناحية الصحية تحدث عن أن خطر الشيشة اكبر من السجاير، ورغم ان متعاطي الشيشة يعتقدون بان مرور دخانها عبر الماء يقلل من سميتها، ولكن الحقيقة ان خطر الاصابة بسرطان الرئة أعلى عند (المشيشين) منه عند (المدخنين)، كما أن تبادل (الشفط) من نفس المبسم ال (بيمرق من خشم ده ل خشم ده) في جلسة التعاطي، قد يعرضهم لعدوى السل الرئوي وإلتهاب الكبد الفيروس .. وكل البلاوي (الزرقة) التي تنتقل مع لعاب المتعاطين .. فلن تكفي المسحة الخفيفة باليد على المبسم لمحو آثار عدوان الجراثيم عليه المنقولة من شفايف من سبقتك في الشفط .. إذا كانت – هذه المسحة - لا تكفي حتى لمحو آثار (الروج) .. طبعا (الروج) بطّلوا يسموهو (أحمر شفايف) بعد تنوع الوانه ما بين البنفسجي والفوشيا والدهبي والفضي وو... ما علينا .. خلونا في موضوعنا الأولاني الا وهو موضوع تعاطي البنات ل كدّيس الشيشة، فقد سلط دكتور (الرشيد) الضوء على سلبيات تدخين الشيشة على البنات المتمثل في ضياع الوقت والمال على تلك العادة الضارة، بالاضافة للصورة السالبة و(السمعة) التي تنعكس على شخصية مدخنة الشيشة، خاصة لارتباط تدخين البنات لدى مجتمع العامة بالتبجح وبياض العين. ثم في لفتة بارعة استطلع البرنامج اثنين من (المشيّشات) .. بصراحة تناهشتني مشاعر الاحساس بالاشفاق والتعاطف من جهة ومشاعر الدهشة والاستنكار من جهة أخرى، فبينما اقرت ثانية المتعاطيات بادراكهها لخطر الشيشة وسلبيات تعاطيها، إلا انها اصرت على انها تتعاطاها من باب التسلية و(تفريق الهم)، وتعتقد بان في امكانها الاقلاع عنها متى ما ارادت فهي لا تعاني من الادمان .. أما السبب في حيرة شاويشي فكانت افادت الشابة الاولى التي قالت بانها في الواحد وعشرين من عمرها .. فقد افادت بانها من (قبيلة) تعتبر تعاطي الشيشة امرا عاديا، وانها تتعاطى شرب الشيشة مع بقية افراد اسرتها في البيت عادي .. يعني بقي عليهم قولة المثل (اولاد أم بندر .. لا أما تهدي ولا والدا ينهر) .. عاد يا بنات أمي ده كلام؟! افهم ان يعتبر بعض كبار السن التدخين بانواعه شيء عادي، ولا يقتنعوا بانه يتسبب في الامراض المهلكة، وقد يبادر احدهم للدفاع عن تلك العادة بالقول انه شارف على الاحتفال بيوبيله الذهبي في التدخين .. ورغم كده ما جاتوا الحبّة ! .. ولكن ان يصدر ذلك القول من شابة في عمر الزهور ومتعلمة وفاهمة ف ده البجنن بوبي .. أما ما أثار حزني وتعاطفي فهو احساسي بحالة الاحباط وفقدان بوصلة الهوية والهدف والقدوة الذي يعيش فيه جيل ابنائنا من الشباب، فعندما سأل الدكتور تلك الشابة عن ادراكها بان شرب الشيشة يؤدي لسرطان الرئة، اجابت في لا مبالاة مؤلمة: مالو؟ في زول ضامن روحو حا يعيش لي بكرة .. الواحد يعيش ويستمتع وخلي الباقي على الله !! ولكن عندما افتت تلك الشابة بأن: (شراب الشيشة فيهو شنو؟ ما هدا السودان كلو بدخنها) !! غلبني الصبر على تلك المغالطة فقد سائلت نفسي في حيرة: ياتو سودان ده البتتكلم عنو؟ فرغم اني (كضرب مثل يعني) اعيش في نفس السودان ده .. إلا اني لم اسمع في محيطي القريب أو البعيد من معارف واقارب واصدقاء وانساب (شيبا وشبابا من الجنسين) .. مجرد سمع، بأن من بينهم من يدخن الشيشة .. غايتو أكيد واحدة فينا يا أنا يا هي .. عايشة في بلد تاني غير سودانا شقي الحال ده !! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]